وطن للأنباء- مي زيادة: بتاريخ 24-6-2017 صادق الرئيس محمود عباس على قانون الجرائم الالكترونية ، بعيداً عن المجلس التشريعي المختص بإصدار القوانين والتشريعات والمجمد بمرسوم رئاسي ايضا، _ وتم نشره في مجلة الوقائع الفلسطينية بتاريخ 11-7-2017 وبدأ سريانة بذات التاريخ.
وأثار القانون حفيظة الصحفيين والحقوقيين لمسّه حرية الرأي والتعبير، وخاصة أنه يقيد حرية النشر على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، ويخضعها لمراقبة الأجهزة الأمنية، في الوقت الذي ترفع فيه المؤسسات الصحفية شعار "حرية سقفها السماء"، فأي سماء تلك التي هدمها هذا القانون وجعلها أخفض من سقف بيتنا.
تزدحم أجندتنا الاعلامية يوميا بالفعاليات والنشاطات وبالمبادرات التي تسعى وتصبو لرفع سقف الحريات، لكن مع أول ايام العيد هُدم الحلم وتقطّعت السبل بالصحفيين ومؤسساتهم، بمصادقة الرئيس على قانون الجرائم الالكترونية على عَجَل.
ويحتوي قانون الجرائم الالكترونية على (61) مادة، تبدأ بتعريف عدد من المصطلحات والعبارات، وتنتهي بإلزام الجهات المختصة بالبدء بتطبيق القانون فور نشره بجريدة الوقائع الفلسطينية.
ولما كان الصحفي هو اول المتضررين المحتملين والمباشرين من هذا القانون ارتأت "وطن" ان تستطلع آراء عينة منهم فتحدثوا عن رؤيتهم لهذا القانون.
الصحفي فادي العاروري: قانون الجرائم الالكترونية هدفه سياسي بحت
أكد الصحفي فادي العاروري أن قانون الجرائم يترك المجال للنيابة والاجهزة الامنية والقضاء ان يتعامل بالطريقة التي يرونها مناسبة من وجهة نظرهم مع الانتهاكات التي يرصدونها، وهذا الامر يضع ثقلاً كبيراً على الصحفيين والنشطاء، فبذلك أي "بوست" او "مقال" يُكتب ولو كان بسيطا يفسّر بحسب تكيّف القانون بهذه المادة.
وتابع حديثه قائلاً: "المضحك" أن العقوبات هذه في القانون اعلى من عقوبات شخص متحرش وسارق، والهدف الاساسي الذي أراه من القانون هو هدف سياسي بحت، مع انه في المقابل، القانون يحوي مواد كثيرة تفيد المجتمع الناس وتخفف الكثير من المشاكل فيما يتعلق بموضوع الابتزاز الالكتروني وتقمّص الشخصيات، لكن القانون بشكله الحالي هدفه تقييد حرية الصحفيين وحرية الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومعاقبتهم على ابسط الامور".
بدوره ، قال الصحفي جهاد بركات، والذي أُفرج عنه الاسبوع الفائت بعد أن اعتقلته الاجهزة الامنية لتصويره موكب رئيس الوزراء على حاجز عناب العسكري، ووجهت اليه تهمة التسول والتواجد في ظروف مشبوهة: "المادة (20) من القانون عامة جدا، وهذا يجعل من اي شيء مخل بأمن الدولة كما يسمونه، مايطرح التساؤل التالي، ماذا يعني خطر على امن الدولة؟، وهذا بالتالي يمكن استخدامه في محاولة معاقبة أشخاص سواء صحفيين او ممن يرتادون مواقع التواصل الاجتماعي من عامة الشعب ، ومواقع تنتقد الحكومة او مواقع لا توافق الحكومة اراءها، فلا يمكن الحكم على القانون هنا الا ان به مواد خطيرة جدا".
واكد بركات انه يجب المطالبة بوقف العمل بقانون الجرائم الالكترونية، وان يخضع القانون للتشاور بين المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية والصحفيين ونقابة الصحفيين ومن يعنيه الامر او يمسه بطريقة ما، مضيفًا "أن القانون يجب أن يتواءم مع الحريات، وليس ان يتم استخدامه للحد منها".
الصحفي محمد اللحام: قانون الجرائم جيد ويجب اعادة النظر في بعض بنوده فقط
وكان للصحفي محمد اللحام، رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين، رأي مغاير قليلا، فقد أشاد بالقانون وبعض مواده، مؤكدا أن مايمزنا عن شريعة الغاب هي القوانين، "نحن في الحياة مع القوانين لتنظم حياتنا وتسيرها، انا مع اخد اجراءات قانوينة بحق اي شخص يسيء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ويوقع الضرر بالاخرين، انا لااقول ان القانون كله جيد، عليه تحفظات ولكن بالغالب بنوده قانونية ممتازة ويجب تفعيلها، هناك اشخاص يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بغرض الاساءة، لذلك افضل الدولة المتقدمة والديمقراطية اقرت وشرّعت قانون مكافحة الجرائم الالكترونية، والقوانين لدينا بالية قديمة لاتعالج الحداثة".
واوضح أن الخلل في القانون، هو انه لم يعرض على جهات نقابية وحقوقية ولم يأخذ حقه بالنقاش في الدوائر صاحبة العلاقة، ماخلق حالة من الجدل في المجتمع حول هذا القانون، الذي من وجهة نظري في غالب بنوده صحي وسليم في ضرورة معالجة الحداثة فيما يتعلق بقانون الاعلام الجديد(مواقع الكترونية ، وسائل تواصل اجتماعي)، بالتالي أنا مع تجميد هذا القانون واعادة دراسته وادخال التعديلات عليه ومن ثم اقراره.
واشار اللحام إلى ان التصرف الصحيح الذي يجب أن نقوم به أن لا نرفض قانون مكافحة الجرائم الالكرتونية كمبدأ ولكن العمل على تعديل بعض البنود والمواد التي تمس الحريات الصحفية او الحريات العامة.
الصحفية شذى حماد: البند (3) من المادة (20) مقلق جدا
بدورها، الصحفية شذى حماد أكدت لـ"وطن" أن هناك موادَ كثيرة في القانون تثير قلق الصحفيين، خاصة وانها تقيد عمل المواقع الاخبارية، "فالقانون تضمّن مصطلحات فضفاضة جدا قابلة للتفسير والتأويل على عدة وجوه، وهذا مايتركنا في حيرة من امرنا، نحن كصحفيين لانعرف ماهي الاخبار التي تعتبر من وجهة نظر القانون ومن أقره ووضعه "تعرض سلامة الدولة للخطر، وما مقياس هذه الاخبار التي تُعرّض "النظام العام للدولة للخطر"، مصطلحات القانون غير واضحة.
وأردفت أن القانون جاء بعد سلسلة من الانتهاكات بحق الصحفيين والتي سجلت ارتفاعا كبيرا مؤخرا، تخللها اعتقالات واستدعاءات على خلفيات كثيرة، البارز منها كما تدعي الاجهزة الامنية خلفية "إثارة النعرات الطائفية"، لكن الهدف الاساسي خلفية سياسية.
وأشارت حماد إلى " أن حجب المواقع الصحفية يندرج تحت هذه الخانة، والذي يعد مخالفًا للقانون الاساسي الفسلطيني، و قانون الجرائم الالكرتونية جاء لشرعنة حجب المواقع، وشرعنة ملاحقة الصحفيين، والمادة (20 ) من القانون على وجه الخصوص تحد من عمل المواقع الاخبارية والتعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، و تحد من نشر الاخبار المتعلقة بانتقاد سياسة الدولة او النظام السياسي وبفرض عقوبات صارمة، وهذه العقوبات يجب الوقوف عليها".
وتطرقت إلى البند( 3) من المادة ( 20) مقلق جدا، فيقول انه في حالة الطوارئ تتضاعف العقوبة المقررة، ماذا يعني هنا حالة الطوارئ؟ على اي اساس سيتم التقييم ان كان هذا الظرف طارئ او لا؟.
"أخطر ما يمكن الحديث عنه، ان لاتحرك للاجسام الصحفية في البلد المتمثلة والمحصورة في نقابة الصحفيين، لاتحرك واضح وحازم وحاسم ضد القانون، 61 مادة في القانون تطال جميعها الصحفيين بشكل مباشر، وفق حماد.
نزال: المصطلحات"فضفاضة" سيف مسلط على رقاب الصحفيين
وفي المقابل قال عضو الامانة العامة لنقابة الصحفيين عمر نزال لـ"وطن": " إن المادة( 20) هي المادة التي تتحدث عن حرية الرأي والتعبير بشكل مباشر، وبشكل خاص مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، وهنا أول مايلحظه قارئ المادة أن ماورد فيها هي عبارات "فضفاضة" قابلة للتأويل بأي شكل، واستخدام مثل هذه المصطلحات كالامن القومي وامن الدولة، قد يستغلها اي قاضٍ او نائب عام او رجل امن لتبرير اي جملة او وجهة نظر لإدراجها في هذا السياق، لذلك سيبقى هذا سيف مسلط على رقاب الصحفيين واصحاب المواقع الالكترونية، وهذا حال معظم مواد القانون".
واستعرض نزال مشاكل كثيرة في بنود القانون، كمشاركة منشور أو عمل "لايك" لمنشور على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا المنشور يندرج تحت خانة الجرائم الالكترونية، فأنت بذلك مشارك في الجريمة وتعاقب العقوبة نفسها أنت وكاتب المنشور.
والاخطر من ذلك المادة (50) التي تقول انك ان قرأت او اطلعت على مادة ولم تبلّغ عنها هذه جريمة ايضا وتعاقب عليها، مضيفًا أن المادتين (43) و(44)، وتطرق نزال الى العلاقة مع الدول الخارجية المرتبطة مع السلطة باتفاقيات وهذا بالطبع يشمل اسرائيل، "بموجب هذا القانون السلطة ان علمت اي معلومة عبر المواقع الالكترونية فهي ملزمة بأن تزودها للاحتلال وهذا عمليا يشكل مسًا خطيرًا بالقضية الفسلطينية، وليس فقط حرية الراي والتعبير، قانون الجرائم الاكترونية يحوي الكثير من الالغام".
وأكد نزال مطالبتهم في النقابة بعدم نشر القانون للاطلاع عليه، ولكن للاسف لم يتم الاستجابة لهذا المطلب في حينه، 16هناك مادة في القانون تنتهك الحريات الاعلامية وحرية التعبير، قدّمنا ملاحظاتنا عليها وسنتوجه للرئيس لاعادة النظر فيها.
المستشار القانوني والفني لـ"مساواة" المحامي ابراهيم البرغوثي: الاحتلال ممسك بكل عناوين السيادة، والقانون الجديد مؤشر للتحول الى دولة بوليسية
رأى المستشار القانوني والفني لمركز"مساواة" المحامي ابراهيم البرغوثي، أنه "لايجوز اصدار هذا القرار بقانون بواسطة السلطة التنفيذية سواء كانت الرئيس او مجلس الوزراء، فالتشريع لمثل هذا القانون يجب ان يصدر عن المجلس التشريعي فقط، و وفق الاجراءات التشريعية المعتادة وبعد اتاحة المجال امام ممثلي المجتمع بكل اطيافه للمشاركه فيه، اما هذا القرار بقانون فقد صدر عن الرئيس أي السلطة التنفيذية و دون عرضه على الجمهور، وصدر بطريقة سرية للغاية، حتى أنه تم رفض كافة الطلبات التي قُدمت الى الجهات ذات العلاقة من مؤسسات المجتمع المدني والهيئة المستقلة لحقوق الانسان للحصول على نسخة منه لغايات ابداء الرأي ولم يسمح لاحد قبل نشره من الاطلاع عليه، بالتالي هذا "التشريع" صادر عن جهة غير مختصة بإصداره، وصادر بخلاف الاجراءات التشريعية المعتادة وصادر في غفلة من الناس وفي غيبة منهم وفي جنح الظلام".
وشدد البرغوثي على أن "هذا القرار بقانون لا داعي له ولاداعي ان يصدر بصيغة جنائية نظرا لوجود قانون عقوبات ساري من جهة ونظرا الى ان الاضرار التي قد تلحق بالغير نتيجة ابداء الراي وفقا لما استقر عليه الاجتهاد القضائي الدولي ترتب تعويضا للمتضرر وفقا للمسؤولية المدنية او التقصيرية، وبالتالي لاداعي لإصباغه صبغة جنائية تنظم مانظمه قانون العقوبات".
"أما نص المادة (20) موضوع السؤال وان كنت من حيث المبدأ اعارض نقاش النصوص لعدم دستورية مثل هذا القرار بقانون لصدوره عن السلطة التنفيذية منفردة، الا انه ولغايات النقاش والاجابة على السؤال وفي هذا الاطار الضيق والاستثنائي، فإن ما تضمنه هذا النص من عبارات المساس بالامن الداخلي والخارجي وهي مصطلحات وكلمات "فضفاضة"، فما قد اعتبره انا مثلا جزءا من الامن الداخلي لايُعتبر من وجهة نظر الغير كذلك، ومايعتبره الغير مُخلّاً بالامن الداخلي فقد يعتبره البعض الاخر غير ذلك، وبالتالي هي مصطلحات" فضفاضة" غامضة ليس لها مدلول محدد ومتفق عليه و تتيح المجال امام السلطة التنفيذية وامام اجهزتها الامنية للتعدي على حقوق الناس وخصوصيتهم وبخاصة حقهم في ابداء الرأي المضمون والمكفول وفقا لاحكام المادة (26) من القانون الاساسي وغيرها من المواد الواردة في الباب الثاني من القانون الاساسي المتعلق بالحقوق والحريات، وتضيّق الخناق على حرية المواطنين في التفكير وابداء الرأي تحت مزاعم وادعاءات بأن ذلك يتعارض مع الامن الداخلي والخارجي".
واضاف، "انه يجب أن نسأل أنفسنا، هل نحن نملك الامن الخارجي، بالتالي لماذا وُضِع هذا النص، والذي يجعل في فقرته الثانية اعجاب المواطن برأي الناس وكأنه جريمة كاملة يعاقب صاحبها عليها، كوضع اشارة "اللايك" على "الفيس بوك"، وكذلك علينا ان نتساءل، وهل لدينا دولة ذات سيادة حسب تعريف الامم المتحدة، نحن دولة تحت الاحتلال، والاحتلال ممسك بكل عناوين السيادة وبالتالي فإن هذا النص لا يصلح في دولة كدولة فلسطين".
وأكد أن السلطة التي تعتمد الخيار الامني لمواجهة من يختلف معها بالرأي، تؤشر على تحولها الى النظام الشمولي وهو اكثر دلالة وتعبير قانوني، من النهج البوليسي الذي هو اداة من ادوات النظام الشمولي.
مدير (مدى) الريماوي: فلسطين وقعت على اتفاقيات دولية تصون حرية التعبير، وستخضع الآن للمسائلة
مدير مركز (مدى) موسى الريماوي تحدث لـ"وطن" عن النقاط الابرز في القانون، قائلا: أولاً تم اقرار القانون دون التشاور مع المؤسسات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني، وهذا مؤشر على عدم جدية الطرح الذي يقول انه يجب ان يكون هناك شراكة فيما يتعلق بقوانين تتعلق بهذا القطاع المهم جدا والمفترض ان يكون للناس وجهة نظر فيه، او كمؤسسات مجتمع مدني في صياغة القانون لانه سيكون له تأثيرٌ مباشرٌ على الناس كافة، فنسبة كبيرة من هؤلاء الناس يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي.
الاعتراض الثاني وهو موعد الاعلان عن القانون والذي تم في فترة عيد الفطر السعيد ، اي لم يكن متاحا التفاعل مع الموضوع، كما تم نشر القانون بشكل سريع جدا.
كما أن التكتم على نص القانون أثار حفيظة الريماوي، " لم تُنشَر اي نسخة من القانون، وهذا كان مؤشر سيء فلا يريدون الكشف عن القانون قبل نشره حتى لايكون هناك تحرك لإيقاف نشره او تعديل او تجميد القانون، الامر الذي يشكل خطرًا على حرية التعبير الفلسطيني، وفق الريماوي.
وأكد الريماوي على ان فلسطين وقّعت على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والتي تكفل حرية التعبير ويجب على اي قوانين ان تكون متوائمة مع المواثيق الدولية التي وقعناها، ففلسطين الان ستساءل كمُوقّعة على هذه الاتفاقيات الدولية، العالم يراقب مايجري هنا بشكل واسع، وليس من مصلحتنا كشعب او حكومة او كسلطة ان نصدر قوانين بهذا الشكل المتسعّر دون مشاورات ودون اخذ راي الجهات المعنية في المجتمع الفلسطيني.
مديرة "فلسطينيات" وفاء عبد الرحمن: القانون الجديد يلزم الصحفي وضع قفل على فمه وقلمه
المادة (2) خطيرة جدا، وتنص المادة على ملاحقة كل من يرتكب خارج فلسطين احدى الجرائم المنصوص عليها، الاسوأ اذا ارتكبت ضد اطراف او مصالح اجنبية ومكان اقامتة فلسطين، بمعنى أن اسرائل تعتقل كل من يكتب على "الفيس بوك" بتهمة التحريض، وهذا شيء اعتدنا عليه ونعرفه، لكن التحريض ضد الاحتلال ودعوتي للمقاطعة هذه كيف ستُفسّر فلسطينيًا؟، وبذلك اسرائيل سترسل شكاوى للسلطة باعتقال من يحرض ضدها.
واكدت أن هذا القانون لم يوضع لمواجهة الجرائم، بل هو استهداف للصحفيين والنشطاء وحرية الرأي، " نحن لن نختلف على الجرائم الاخرى المتفق عليها شعبيا من ابتزاز وانتحال شخصية وسرقة".
وفيما يخص سرية المصادر الصحفية، تقول عبد الرحمن: "عندما تتسرب لي معلومة تهمني لاتمام عملي الصحفي عمليا انا سأحاكم على هذا التسريب وسأجبر على الكشف عن مصدري، مع انني كصحفية يجب حماية مصدر معلوماتي، و هذا القانون ضرب لحماية المصادر وفي نفس الوقت لم يوفر لي مصدر، وهكذا هدمنا ايضا الصحافة الاستقصائية".
وعن المادة (32) والتي تتعلق بالشركات المزودة للخدمة، أن تحتفظ بمعلوماتي وتكشف عنها وفق هذه المادة، تقول أنهم بذلك يقولو للناس أوقفوا تعاملكم مع الشركات الفلسطينية واتجهوا للشركات الاسرائيلية.
وتتابع الحديث لـ"وطن" : أن بهذا القانون سيضع كل شخص قفل ذاتي على عقله، وهذا تراجع كبير جدا في كل المساحات التي حاولنا توسعتها وكل السقوف التي قلنا أننا نريد ان نرفعها.
وتساءلت عبد الرحمن عن صفة الاستعجال التي تدفع الرئيس ليوقع على القانون ليلة العيد، دون نقاش او تشاور، والقانون اعتقال لكل الصحفيين، وهو في ذات الوقت اعتقال بيتي غير مضطرين لأن يضعونا بالسجن، فكل واحد منا سيحسب قبل ان يكتب او ينشر، الافضل ان ننشر عن الاغاني والبيئة .
المحامي داوود درعاوي: الدولة التي تغيب فيها نظم الرقابة تصبح دولة بوليسية
وعن قانونية مواد القانون أكد المحامي داوود درعاوي لـ"وطن"، أن المادة (20) غير دستورية، وهي تخالف مبدأ شرعية العقوبة، فشرعية العقوبة تقول لاجريمة ولاعقوبة الا بنص ، والنص يجب ان يكون محدد، فلايوجد شيء اسمه "تعريض سلامة البلد للخطر"، مين بدو يقرر ويفسر؟.
وتساؤل اخر نطرحه هو ما هي أركان الجريمة؟، فمبدأ الشرعية يقول ان للجريمة ثلاثة اركان، وهي: مادي، معنوي وشرعي وهو النص المكتوب، كيف نعتبر ان هذه جريمة ونصها غير واضح ومحدد، فالنصوص في القانون جاءت فضفاضة، هناك اساءة في استخدام للسلطة باتجاه القمع والحدمن الحريات، وفق ماقاله درعاوي.
وشدد درعاوي "أن لا حالة ضرورة تستدعي السرعة لاصدار تشريع خطير كهذا واصداره "قرار بقانون"، هذا التشريع عقابي والتشريعات العقابية حصرية على المجلس التشريعي لايجوز للحكومة أن تصدر قوانين تنضوي على عقوبات، لانها ستصبح الجهة المستهدفة من القانون وهي التي يجب أن تنفذها".
وأكد أنه يُمنع أن تكون الجرائم هكذا "فضفاضة"، يجب على المُشرّع ان يحدد اركان الجريمة وان تكون المصطلحات بشكل واضح، فاذا كان النص مُلتبس، هو يسحق بذلك المخاطبين فيه، ويضعهم في ظروف غير متوازنة، فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته بالتالي هذا النص "الفضفاض" يهدم قضية البراءة.
وفيما يتعلق بجانب العقوبات المفروضة وفق القانون، يقول الماحمي درعاوي: "العقوبات متطيّرة، عالية، مع العلم أن سقف قانون العقوبات المستمد منه هذا القانون اقل بكثير، القصد من تغليظ العقوبة بهذا الشكل هو الردع، ردع الناس عن انها تنتقد وتعبر عن رأيها في النظام السياسي، بالتالي كل المواد متداخلة في بعضها البعض وصياغتها "فضفاضة "هي بذلك تشكل شبكة لتصطاد الناس من خلالها".
وأكد المحامي درعاوي أن الدولة التي تغيب فيها نظم الرقابة وبالاخص المجلس التشريعي ويكون القضاء فيها محتوى وضعيف هي تصبح دولة بوليسية، وفلسطين دخلت في هذا الجانب من النفق المظلم منذ فترة الانقسام.
وكشف عن أن القوانين العقابية عندما تكون صادرة عن المجلس التشريعي فإن مدة التطبيق فيها عادة تكون من 3-6 شهور، وقانون الجرائم الالكترونية هذا ورد فيه انه يجب أن يطبق فورا وهذا دليل على حالة الازمة التي تعيشها الحكومة.
للاطلاع على قرار بقانون الجرائم الالكترونية اضغط هنا