نادية حرحش تكتب لوطن مهاترات وطن: لطيفة يوسف.. بنت النكبة.. المرأة المبدعة

02/04/2017

 مر بنا آذار، وتم تكريم المرأة من كل صوب حتى صار شعور التكريم اشبه باستحقاق ترى كل امرأة فيه احقيتها، حتى بلدية الاحتلال في القدس شاركت في حمى التكريمات ورأينا سيدات من القدس يتفاخرن بتكريم رئيس البلدية الصهيوني لهن، كلمة ريادة اصبحت الكلمة الجديدة في عالم الانجازات . وكغيرها من المصطلحات المستهلكة لم تعد ذات قيمة او معنى .

فلا يهم الدرع ولا اللقب ولا الصفة ما دام الوضع يندرج كما تندرج اليه امور الحياة في وطننا اليوم.

الا اننا وبالرغم من تهالكنا بسلطة جعلتنا نحدد امالنا وانجازاتنا بدرع ولقب، لا نزال نكرم كفلسطينيين بوجود شخصية بيننا ومنا هي لطيفة يوسف.

لطيفة يوسف فنانة تشكيلية تعيش في القاهرة ، وان كان هناك سفيرا لفلسطين هناك ، فلا بد ان ما تقوم به هذه المرأة بمثابة سفير ثقافي لبلدها على اكمل وجه.

قد تكون كرمت فيما سبق من سنوات مرارا وتكرارا ، وليس هذا بغريب ، فما تقدمه للقضية الفلسطينية وكفنانة لا يمكن الاختلاف عليه .

الا ان لطيفة كميلادها الذي جاء مع النكبة ... فقصة تهجير وتشرد وغربة من بلد الى بلد في البحث عن يوم يكون الوطن فيه محررا لم تأت. ولأنها كالنكبة ، ليست حدثا عابرا انتهى ، وما يقوم به في كل سنة هو مجرد تخليد لذكراه . نكبة لم تنته منذ سبعين عام ولا تزال تتجدد يوميا . فتخليدها لا يمكن لانها حدث مستمر . وهكذا هي لطيفة . ليس امرأة تكرم في يوم محدد او تقوم بعمل من اجل القضية في مناسبة ما . انها امرأة في مهمة . امرأة تجري فيها عروق فلسطين وتهمس بحنين باسم بلدتها اسدود.

كالنكبة ربما ، اصبحت في اذهان البعض ذكرى سنوية ، يتم التعامل معها من قبل اصحاب السلطة التي طالما خدمتهم بينما كانت تخدم القضية من خلال نشاطها في الجبهة ومنظمة التحرير. الا ان حضورها يطغو على اي تهميش .بلا شك ترى انسانة يحترمها الجميع ويقفون امامها بانحناء ووقار وتقدير .

اعمال لطيفة متجددة ، وكأن ريشتها تمسح بلطافة اسمها . وبها دمعة لا تجف لا يمكن الا تشعر بها في كل اعمالها.

بينما كنت انظر بإعجاب للوحتين بسيطتين بهما بعض الخطوط الموشحة بالسواد وقطرات حمر ،اقتربت مني وقالت هامسة : "هذه لوحة الشهيد. رسمتها يوم اغتيال باسل".

شردت في نظري الى الصورة وكأن ما بقي هو تلك الاثار بينما كان جسده يسحب ودماءه تتبعثر .

بلا شك ، ان لطيفة قد جابت الارض باقطارها وحصلت على اعتراف وتقدير خلال مسيرتها النضالية والفنية على حد سواء.

كتاريخ هذا الوطن منذ نكبته ، خطى لطيفة كانت دائما ثابتة ، مقتضبة ، لا تسعى الا لوجود مستحق بقدر حقها بالوجود.

لطيفة يوسف ، امرأة تستحق ان يحتضنها وطن في عمر عمره من عمر نكبة هذه الارض. عمر يحتاج مع الزمن وعتيه الى دعم واحتضان لا الى مجرد اعتراف شكلي وتقدير رمزي.

هذه المرأة تشكل رمزا للقضية الفلسطينية في وجدانها ، في اصالتها ، في اخلاصها ، في ايمانها المطلق ان الارض لا بد ان تعود...حتى ولو انتهت حياتها هذه وهي في شتات تخاف من يوم يأتي به موت لا تعرف بأي ارض جسدها سيكون.

في وقت نرى بلطيفة يوسف مثالا حيا للنضال الاصيل ...كالقضية هذه التي ندعي جميعا الموت من اجلها ... تذكرني لطيفة مرة تلو المرة انها كالنكبة ،على امل يوم تنتهي النكبة فيه الى تحرر. الا ان كل المؤشرات تؤكد ان الفرج ليس بقريب . الا انها تبقى شاهد يستمر بالتجسد لتذكيرنا ان هذه القضية لا تزالهي القضية الاولى .

لطيفة يوسف بنت النكبة ... هي المرأة المستحقة لوسام الشرف والكدح والنضال والبطولة .... وفوق كل شيء ...الريادة بالابداع