نادية حرحش تكتب لوطن .. سيدي الرئيس

11/08/2016

رام الله:  الحقيقة منذ مدة وأنا اهذي ونفسي المضطربة في حال الوطن، الحقيقة ايضا بأنني لا اعرف ان كانت كلمة وطن كلمة يصلح استخدامها في هذه الايام .

لا يجدر بي ان اخاطب الرئيس متهكمة، اقول في نفسي من جديد. اريد ان اوجه كلامي للرئيس، ثم اقف متسائلة ، ما الذي تريدين قوله؟ هل هناك ما يمكن قوله في ظل الانهيارات المتلاحقة ؟

ابدأ كعادتي بحديث متخيل، وللحقيقة كذلك فإن شعور الوصال بين قنوات استشعاري والرئيس لم تعد موجودة . لربما انا الملامة فأنا لم اعد اتابع اخبار الرئيس، او لربما لم يعد الرئيس يتابع اخبارنا .

في مرات كثيرة استصرخت منادية له، ان يخرج علينا اثناء العدوان الاسرائيلي الوحشي ليهديء من روعنا. وفي اوقات كثيرة تمنيت لو تدخل في امر يحتاج الشعب ظهوره فيه ليثبته على ارضه التي تُسحب من تحته كالرمال المتحركة، وفي مرات ومرات تخيلت حديث معه، ومرات غضبت، ومرات توسلت له أن يرحل .

اقف اليوم امام نفسي في رسالة ملحة للرئيس لا اعرف ما الذي اريد ان اقول له فيها، اشعر بالعجز التام وسط المهازل المهولة التي اصبحت تشكلنا، اذ لا نكاد نستفيق من مصيبة الا ونقع في مصيبة اخرى، والمصائب المتعاظمة هذه تكاد تكون مهمة، فلقد صارت مصائبنا في ابسط الامور .

لن اعود للماضي ، ولن اتكلم عن الهبة المنطفئة ، ولن اتكلم عن الوعودات للنقابات التي جٌمدت، ولن اتكلم عن الفساد المستفحل في المؤسسة الوطنية من كل صوب واتجاه،و لن اتكلم عن المحسوبية والواسطة والتعيينات لكل ابناء المقربين من مكاتب السلط، ولن اتكلم عن الانهيار الصارخ في المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والاخلاقية، ولن اتكلم عن الانقسام ، وطبعا لن اتكلم عن الاحتلال، فالاحتلال صار اخر مصائبنا واهتماماتنا، ولن اسأل عن المفاوضات والحلول، ولن اسأل عن القدس ولا المستعمرات (اسفة لكوني متطرفة في استخدام المصطلحات) ولا الاسرى، ولا الجثث المحجوزة، ولا البيوت التي تهدم، ولا الناس التي تُشرد في نكبتنا المستمرة، فكل هذه الامور صارت جزءا من حياتنا العادية .

فنحن شعب منقسم، مبعثر، فاسد، خانع في مهب الريح، معتر

ما أريد ان اكلمك به يا سيادة الرئيس والكلام بسرك، اقول لنفسي مرة اخرى، موضوع الانتخابات.

طبعا نحن نتكلم عن انتخابات مجالس محلية، وهي انتخابات ليس من المفروض ان تعني الرئيس لأن الرئيس عادة يتدخل او يُعنى بالانتخابات العامة، ولأن الانتخابات العامة وفق القناعة التي وصلنا لها اليوم بأنها لن تحدث ، فلنقل بأننا سلمنا بأن الانتخابات (المجالس المحلية) القادمة هي الانتخابات الفاصلة الحاسمة لما تبقى من هذه المرحلة، ولا اخفيك سرا بانني لا اعرف ما هي هذه المرحلة واين نحن والى نسير اين سنكون، ولربما الى اين سأؤول انا اذا ما نشر هذا المقال.

ولكن لانني حريصة ومصرة ان علي ان اقوم بواجبي كمواطنة تنتمي لعهد مليء بالتمنيات والتأملات في وطن كان للحظات وشيك، وآشعر ان على الرئيس سماعي، واعرف ان قوى الامن ستسمع قبل الرئيس. 

ما الذي يجري بالضبط ، هل لنا من توضيح ؟ نحن الشعب نفهم ان فتح في ازمة هذه الانتخابات (آلمحلية) القادمة بعد قرار حماس المشاركة بها، وطبعا كالعادة ففتح منغمسة في نفسها حتى النخاع فلا ترى الا فتح، والحقيقة ان ما يحصل من مدى رؤيا محزن، لان من يسمون انفسهم ابناء فتح لا يرون الا منصبا مرتجى، واستنصارا لحركة تراخت فتلاشت ولم يعد منها الا وعيد الوعود.

وفي هكذا لحظات حاسمة في تاريخ الوطن المنشطر على نفسه،حماس الاخرى تصر دائما ان تؤكد لنا بأنها ليست بحال أحسن، فبينما تتناحر فتح ما بين اللجان، بين عربدة واستقواء، وبين فواتير كهرباء وماء ، وبين استحقاقات حزب صار سلطة وبين وطن نازف غارق، توزع لنا حماس الاسلام شعارات وكأننا في حملة دخول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الى المدينة وطلع البدر علينا بانتظاره، ولن يجرؤ احد بالتطاول على حديثي هذا لان متحدثة حماس قالت ان التقرب من حماس هو التقرب من الله ورسوله (ما قالته كان اكثر صدعا من تأويلي للقول )، وما تقوم به حماس من حملات انتخابية على غرار تلك الحاصلة اليوم في امريكا ، تجعل من المراقبمذهولا، نفس حالة الذهول تلك في الضفة . على ماذا كل هذا السباق المستعر ؟

انتخابات مجالس محلية ؟؟؟

والله انني احيانا اشعر نفسي وكأنني في موقف "خلي اللي بسمع عاقل واللي بحكي مجنون"، ما الذي يجري؟ هل تم اختزال كل ما نريده من وطن بانتخابات مجالس محلية؟ ألم يكن الوضع هذا ايام الاحتلال ( الذي لم يزل طبعا) والحاكم العسكري؟ ألم نكن ضد هكذا مجالس من منطلق وطني؟

آعرف ان الوضع ليس كسابقه ، ولكن هل هذه هي نهاية الطريق للمشروع الوطني الفلسطيني ؟