تساؤلات حول المنهاج الجديد

26/06/2016

وطن للأنباء: كتبت مي البزور

الاحترام والتقدير لمجرد محاولة الخوض في تغيير النظام التعليمي المدرسي الذي يكلفنا خسارة سنوية هائلة في أعداد المبدعين والمفكرين في كل المجالات.

لدي قناعة بأن جزءا لا يستهان بِه من الفشل الذي نحياهُ اليوم وسابقاً على كل الاصعده يعود أحد جذوره الى نظام التربية والتعليم.  ومن الممكن أن تكون هذه الظاهرة عالمية وليست فقط محلية؛ بما أن النظام التعليمي يشكل أحد أهم روافد الأنظمة الحاكمة في السيطرة الفكرية على المواطن.

ومع ذلك من الممكن تحسين ذلك، خصوصاً في ظل الحالة الفلسطينية (التي لا تملك قياداتها ولا أحزابها السياسية الوقت الكافِي لوضع الخطط المستقبلية بعد فشل جميع الأيدولوجيات المتبناه ممارسةً !!!!!). المهم كيف يتم تحسين ذلك؟ اعتقد عبر أولوية تفعيل النقاش الأكاديمي والثقافي والضغط المجتمعي والاعلامي بالنظر الى الحاجة المحلية والمجتمعية  بالاجابة على التساؤلين التاليين: ما هي المواصفات الفكرية للمواطن "الصالح" المنتج الذي نرجو أن يكون بعد انتسابه للتعليم المدرسي لاثنتي عشر عاما؟

ثانيا: كيف يمكن وضع منهاج يتجاوز أدوات الرقابة التي تفرضها الحالة الاستعمارية والتبعية الاقتصادية للمانحين؟ 

لبداية هذا النقاش أدرج التساؤلات التالية والتي أركز فيها على سلبيات النظام التعليمي الحالي وليس الايجابيات من أجل تجاوز هذه السلبيات، كما سأركز أكثر على المواد الأدبية في هذه التساؤلات:

أولا: يا ترى هل تم الاستعانة بنتائج أبحاث علمية ذات توجهات نظرية مختلفة نقدية وغير نقدية في دراسة الأنظمة التعليمية محلياً وخارجياً للفئات العمرية المختلفة، ضمن إجراءات عملية التغيير المنشودة؟

ثانيا: ماذا عن مناهج العلوم الاجتماعية الحالية (التاريخ بالتحديد) والتي تخلو من أي ابداع أو فكر نقدي، لأنها في بساطة ذات بعد واحد تروي التاريخ وكأنه رواية واحدة (رواية السلاطين) ولا تلقِ بظلها على قصص المضطهدين ورواياتهم المنسية. (كنّا العرب المسلمين في القمة، حكمنا العالم، انتجنا علما ووووو وقد سقطت الريادة العربية الاسلامية) الا نحتاج الى تمحيص وبحث في أسباب الانهيار وماهية هذه الريادة التي لا تخلو حتما من أي اخفاق. وهل تم الاستفادة من ورشات عمل كانت قد اجرتها مؤسسة القطان في هذا الشأن.

ثالثا: ماذا عن مناهج التربية الاسلامية التي  تعاني من ذات التصور الواحد والتأويل الواحد، واقصاء للفكر الاخر، والغاء التفكير والاجتهاد وتدبر القرآن.

رغم وجود تركيز جميل فيها على مكارم الأخلاق الا أن هذا الطرح كما اللغة يتحدث عن مكارم الأخلاق ولا يعلمها.... وهل تم الأخذ بعين الاعتبار تناسب المواضيع التي تطرح مع الفئات العمرية؛ مثال (الإشارة الى مسالة الحور العين لطلبة الصف السادس في المنهاج الحالي، "رغم انها تحمل أكثر من تأويل"). وأمثلة أخرى تجيز وتشرع القتل لأسباب سياسية لا دينية بالتحديد كما هو مدرج في منهاج الحادي عشر!!!!

رابعاً: مناهج التربية المدنية، المناهج الحالية يتم التركيز فيها على حقوق الطفل وحقوق الانسان أكثر من التركيز على الواجبات وهذا يعود بالأساس الى تبني مفاهيم الديمقراطية الغربية!!! دون قولبتها مع السياق الفلسطيني، (مثل منهاج التربية المدنية للصف التاسع). من الممكن أن أكون مخطئة في هذا ولكنني قد واجهت نقاشات عدة مع الطلبة في كلا الجامعة والمدرسة أدركت من خلالها أن هنالك تركيز لدى الطلبة على حقوقهم، بالطبع هذا ليس سيئاً بتاتا بل هو مطلب بحد ذاته ولكنه يصبح ضررا دون أخذ مفاهيم  الواجبات وتحمل المسؤولية في عين الاعتبار...

خامساً: ماذا عن تغيير مناهج تعليم اللغات الحالية التي يقوم الطالب كما قيل بالدراسة فيها عن اللغة العربية وعن اللغة الانجليزية ولكن لا يتعلم كلا اللغتين!!!!! ما هو نوع التغيير الذي سيحدث؟.

سادساً: كيف سيتم تقييم الجوانب الشخصية لطلاب التوجيهي في العام المقبل، حيث أنهم نتاج نظام تعليمي تلقيني!!! اعتقد أن هذا التقييم غير منصف لهم، ويكون منصفاً بحق بعد عملية تعليمية تراكمية تعتمد على ادراج آليات التفكير والتحليل وبناء الرأي عبر الحجج والادلة.

سابعا:  ماذا عن الفجوة بين التعليم الجامعي والمدرسي، هل تم التامل فيها؟ وهنا ايضاً أخص بالذكر المواد الأدبية التي يواجه فيها الطلبة طرق تقييم مختلفة عن الأسئلة التي اعتادوا عليها في المدرسة؛ أسئلة  تتبع الدرس ولا تتحدث الا عن نقل ونسخ ما هو مكتوب في الدرس فقط!!!! لا مهارات فيها تتعلق بالتلخيص والبحث والتوثيق والتحليل!!!

وأخيرا أنقذوا المعلم من بؤس المناهج.

لأن وجود طالب مفكر متسائل باحث منتج يساهم في مساعدة المعلم ويخفف من العبء الملقى على كاهله في السرد والشرح والتفسير.... لذلك نجد الطالب يعيش حالة انتظار لا تفكير (هل شرح المعلم، هل قال هذا المعلم.....).

فالتعليم عملية إنسانية تفاعلية بالأساس.