انخفاض التأييد الفلسطيني لحل الدولتين وإزدياد التأييد لإنتفاضة مسلحة

25/09/2015

وطن للأنباء - وكالات:  أظهرت دراسة للرأي العام الفلسطيني أن غالبية الفلسطينيين لم تعد تؤيد حل الدولتين وترفض التفاوض مع إستمرار البناء في المستوطنات، وتؤيد ثورة مسلحة ضد الاحتلال.

الدراسة التي أجراها "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" والتي شارك فيها 1,270 بالغ في الضفة الغربية وقطاع غزة بين 17 و19 سبتمبر، وجدت أن معظم الفلسطينيين يبدون حذرا متزايدا من المفاوضات المتعثرة وسط إستمرار البناء في المستوطنات، وغير راضين عن قيادتهم ولا يثقون بالوعود الإسرائيلية في الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي.

66% من الذين شملهم الإستطلاع (مقابل 32%) يرفضون العودة إلى "مفاوضات من دون شروط مع إسرائيل إذا كان ذلك يعني عدم توقف الأنشطة الإستيطانية". وتدعم "أغلبية ساحقة" بنسبة 88% أخذ إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية حول البناء الإستيطاني.

في الوقت نفسه، هناك أغلبية ضئيلة (51%) التي تقول أنها تعارض حل الدولتين، في حين أن 48% يؤيدونه. هذا الرقم يمثل إرتفاعا طفيفا في معارضة الفكرة منذ شهر يونيو، عندما عارضها 48% وأيدها 51%.

في حين أن ما يقرب من النصف يدعم حل الدولتين، فإن الثلثين، 65%، قالوا أنهم لا يرون أن هذا الحل عملي بسبب التوسع الإستيطاني، وهو إرتفاع بـ10 نقاط خلال ثلاثة أشهر. 32% فقط قالوا أن الفكرة لا تزال قابلة للتطبيق.

مع ذلك هذه الشكوك لا تٌترجم لتأييد لدولة مشتركة. 30% يؤيدون حل الدولة الواحدة مع مساواة بين العرب واليهود – وهو هبوط بـ4 نقاط منذ شهر يونيو – في حين يعارض 69% ذلك.

وارتفع التأييد للصراع المسلح بصفته "الوسيلة الأكثر فعالية في إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل" من 36% في يونيو إلى 42% في الإستطلاع الأخير. 29% فقط قالوا أن المفاوضات أكثر فعالية.

في حين أن التأييد للصراع المسلح يشهد إرتفاعا، فإن عدم الثقة بالنوايا الإسرائيلية واسع الإنتشار.  فإن 85% من المشاركين في الإستطلاع يعتقدون "أن طموح إسرائيل على المدى الطويل هو ضم الأراض المحتلة في 1967 وطرد سكانها أو حرمانهم من حقوقهم"، في حين قال 15% فقط أن "طموح إسرائيل على المدى البعيد هو ضمان أمنها والإنسحاب من جميع أو معظم الأراضي المحلتلة في 1967".

عن السؤال حول تطلعات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية على المدى البعيد، كانت وجهات النظر الفلسطينية أكثر ثقة. حوالي ثلثي المشاركين في الدراسة – 64% – قالوا أن السلطة الفلسطينية ترغب "بإسترجاع كل أو أجزء من الأرض المحتلة في 1967". 26% أجابوا أحد الخيارين – إما "إحتلال دولة إسرائيل" أو "إحتلال دولة إسرائيل وقتل معظم اليهود".

في نهاية المطاف، إذا استمر توقف المفاوضات، يؤيد 83% الإنضمام إلى هيئات دولية ومعاهدات أخرى، 63% يؤيدون توسيع "المقاومة الشعبية الغير عنيفة"، 51% يؤيدون "حل السلطة الفلسطينية"، و57% "العودة إلى إنتفاضة مسلحة". وارتفع التأييد لحل السلطة الفلسطينية بخمسة نقاط منذ شهر يونيو، في حين أن الدعم للإنتفاضة المسلحة إرتفع بـ8 نقاط.

تراجع لحركة فتح، واسم البرغوثي يلمع

ثلثي المشاركين في الدراسة (65%) قالوا أنهم يرغبون بإستقالة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في حين أن 31% قالوا أن عليه البقاء. وقال عدد مماثل -الثلثين – أنهم لا يصدقون تهديداته الأخيرة في الإستقالة.

وتواصل شعبية عباس في الهبوط في الضفة الغربية، من 44% في شهر يونيو إلى 38% هذا الشهر. وشهدت حركة فتح أيضا كقائدها هبوطا في شعبيتها. من بين الذين شملتهم الدراسة الذين قالوا أنهم سيدلون بصوتهم، 39% قالوا في يونيو أنهم سيصوتون لفتح؛ في حين أن 35% قالوا أنهم سيفعلون ذلك في إستطلاع الرأي الأخير. في حين أن حماس حافطت على أرقام ثابتة (35%) في الدراستين.

الموضوع الرئيس في الدراسة أظهر أن الفلسطينيين يميلون أكثر لعدم الرضا من الفصيل الفلسطيني الذين يعيشون تحت حكمه.

بالتالي، فإن التأييد لحماس في قطاع غزة شهد إنخفاضا من 39% إلى 34% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في حين أن حركة فتح شهدت هبوطا في التأييد لها – من 44% إلى 37% – ولكنها ما زالت متفوقة على حماس في الأراضي التي تسيطر عليها الأخيرة. في الضفة الغربية، ارتفع التأييد لحماس من 32% إلى 35% منذ شهر يونيو، في حين أن فتح، التي تسيطر على حكومة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، شهدت هبوطا في التأييد لها بشكل طفيف من 36% إلى 34%.

بشكل مماثل، في حين أن غالبية الفلسطينيين – 59% – يقولون أن حماس إنتصرت في حرب صيف 2014 مع إسرائيل، فإن هذه الأرقام أعلى بكثير في الضفة الغربية (69%) منها في غزة حيث عانى الغزيون من الحرب (42%). الرقم الإجمالي أيضا يظهر هبوطا بـ10 نقاط من شهر سبتمبر الماضي، عندما قال 69% أن حماس إنتصرت. 60% أعربوا عن عدم رضاهم “من إنجازات الحرب مقارنة بالخسائر البشرية والمادية التي لحقت بقطاع غزة”.

عدم الرضا هذا لم يمنع 67% من الفلسطينيين من تأييد مواصلة إطلاق الصواريخ من غزة بإتجاه إسرائيل ما دام فرض الحصار من قبل إسرائيل مستمرا.

وسألت الدراسة عن شعبية المرشحين المحتملين لخلافة عباس الثمانيني. المتفوق وبفارق كبير هو ناشط فتح مروان البرغوثي، وحصل  على 32% من التأييد في لائحة طويلة. من بعده جاء قيادي حماس إسماعيل هنية مع 19%، تلاه التكنوقراط (ورئيس حكومة السلطة الفلسطينية الحالي) رامي الحمد الله بنسبة 8%. رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، وأحد أقوى الشخصيات سابقا في فتح، محمد دحلان، حصلوا على 6% لكل منهما. ناشط الحزب الثالث مصطفى البرغوثي، حصل على 5%، في حين أن المقرب من عباس وكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، حصل على 4%، بينما حصل رئيس الوزراء السابق سلام فياض على 3%.

في سباق ذي إتجاهين بين عباس وهنية، سيفوز قيادي حماس بنسبة 49 مقابل 44، وهو تحسن ملحوظ بالنسبة له بالمقارنة بدراسة أُجريت في شهر يونيو والتي حصل فيها على 46% مقابل 47% لعباس. ووجدت الدراسة أيضا ازديادا في تأييد حماس في الضفة الغربية: حماس ستحقق نتائج أفضل من عباس في الضفة الغربية (49-42) في حين أن النتائج ستكون متساوية بينهما في غزة (48-48) لو تم إجراء الإنتخابات اليوم.

الأسير البرغوثي سيحقق نتائج أفضل من عباس، بحسب الدراسة، وسينتصر على هنية 59-39 في سباق ذي إتجاهين.

ثلثي الرأي العام الفلسطيني(65%) يدعم الهدنة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل مقابل إنهاء الحصار الإسرائيلي-المصري المفروض على قطاع غزة.

الخوف والبغض من السلطة الفلسطينية

السلطة الفلسطينية لا تحظى بشعبية، بحسب الدراسة. الغالبية – 53% – تعتقد أن السلطة الفلسطينية "أصبحت تشكل عبئا" على الفلسطينيين، "وللمرة الأولى منذ أن بدأنا بالسؤال، تطالب أغلبية الآن بحل السلطة الفلسطينية". 40% فقط يرون بها كـ"إنجاز". هذه الأرقام تدل على تراجع في شعبية السلطة منذ شهر يونيو، عندما وصفها 48% بأنها عبء عليهم في حين قال 46% بأنها إنجاز.

السبب في هبوط شعبية السلطة الفلسطينية قد تكمن في الشعور بإنعدام الأمن الذي تحدث عنه المشاركون في إستطلاع الرأي. 81% منهم قالوا أنهم يخشون "من أنهم سيتعرضون للأذى من إسرائيل أو أنه ستتم مصادرة أرضهم أو هدم منازلهم".

وقال ثلثي المشاركين (68%) أن حماية الفلسطينيين من إرهاب المتطرفين اليهود ليس من مسؤولية الجيش الإسرائيلي، بل السلطة الفلسطينية – في حين قال 67% أن السلطة الفلسطينية لا تقوم بكل ماما في وسعها لتحمل مسؤوليتها.

حوالي نصف سكان الضفة الغربية (48%) قالوا أنهم سيتطوعون لوحدات حرس مدني غير مسلحة في مدنهم وقراهم لحمايتها من عنف المتطرفين الإسرائيليين.

ولا يحمل الفلسطينيون وجهة نظر إيجابية بشأن حرية الصحافة في الأراضي الفلسطينية. في قطاع غزة التي تقع تحت سيطرة حركة حماس، 19% فقط قالوا أن الإعلام حر، بينما أعرب 23% من الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عن وجهة نظر مماثلة. أقلية فقط – 29% في غزة و31% في الضفة الغربية – قالوا أن بإمكانهم إنتقاد حكومتهم من دون خوف.

مع تصاعد التوتر في الحرم القدسي، وفي الوقت الذي يتهم فيه الإسرائيليون الفلسطينيين ببدء العنف، قالت أغلبية ساحقة من الفلسطينيين أنها ترى أن المسجد الأقصى "في خطر حقيقي".

قال النصف – 50% – أنهم يعتقدون أن إسرائيل تعتزم هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة وإستبدالهما بهيكل يهودي، في حين قال 21% أن إسرائيل تعتزم تقسيم المكان وبناء كنيس يهودي إلى جانب المواقع الإسلامية، بينما قال 10% أن إسرائيل تريد تغيير الوضع الراهن القائم منذ 5 عقود في الحرم القدسي من خلال السماح لصلاة اليهود هناك. 12% قالوا أن إسرائيل ترغب بالحفاظ على الوضع الراهن في المكان.

الفلسطينيون غير مقتعنين أيضا أن بإمكانهم الدفاع عن الموقع المقدس من نوايا إسرائيل المزعومة: النصف منهم قال أن إسرائيل ستنجح في تنفيذ خططها المزعومة؛ في حين أن 48% رأوا أنها ستفشل.

متروكون مع أكثر من إحتلال

يبدو أن الفلسطينين قبلوا بوجهة النظر الشائعة التي ترى أن إسرائيل والدول العربية السنية في تحالف غير معلن ضد النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة. أكثر من النصف، 58%، يرون أن التحالف قائم على الرغم من إستمرار الإحتلال؛ 31% فقط قالوا أن الدول العربية لن تتحالف مع إسرائيل حتى إيجاد حل للصراع مع الفلسطينيين. 80% قالوا أن الدولة العربية "منشغلة بمشاكلها الخاصة وصراعات داخلية والصراع مع إيران وفلسطين لم تعد القضية أو المسألة الرئيسية أو الأساسية".

وتم الحصول على الأغلبية الأكبر في الدراسة في سؤول حول تنظيم داعش: 91% قالوا أنه   "جماعة متطرفة لا تمثل الإسلام الحقيقي". 6% فقط قالوا أنها تمثل الإسلام الحقيقي – في غزة النسبة كانت أكبر (9%) من النسبة في الضفة الغربية (4%) . أكثر من 4/5 المشاركين في الدراسة (83%) قالوا أنهم يؤيدون الحملة العربية والغربية ضد داعش في سوريا والعراق.

وردا على سؤال طلب تحديد المشاكل التي تواجه الفلسطينيين، رد 48% أنهم يضعون الإحتلال الإسرائيلي على رأس قائمة المشاكل التي هناك حاجة لمعالجتها، ولكن 28% فقط قالوا أنه التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع الفلسطيني. ربع المشاركين في الدراسة (26%) قالوا أن أكثر المشاكل التي تواجههم خطورة هي الفقر والبطالة، 24% ذكروا الفساد في المؤسسات العامة، بينما اعتبر 16% أن حصار غزة هو أكبر مشكلة، في حين قال 5% أن المشكلة الأولى هي الإنقسام الفلسطيني.