
يقال أن كلمة تـطبيع مأخوذة من طبعه بطبعه أي جعله على سجيته، ولقد كثر استخدام هذه الكلمة في السنوات العشرين الأخيرة، فهناك من يطبّع ثقافيا وفنيا، وهناك من يطبّع أكاديميا وتعليميا، وهناك تطبيع رياضي، وآخر طبي...ومن يمارس هذا النوع من العلاقة مع الكيان العبري من العرب-ومنهم بعض الفلسطينيين بطبيعة الحال- يطلق عليه مصطلح «مطبّع» بضم العين وتشديد الباء المكسورة، ولا شك أن التسمية تحمل في باطنها الازدراء للشخص أو المؤسسة والاستنكار للفعل، وقد قامت العديد من النقابات والاتحادات والمؤسسات الشعبية الأخرى بفصل ونبذ من يمارس التطبيع تحت أي حجة، رغم أن مطبعين كانوا من الوقاحة بحيث سخروا من هذه الإجراءات وخرجوا بكل صلف يدافعون عن مواقفهم التطبيعية المخزية.
ومن المعروف أن خيارات الأمم والشعوب قد لا تـطابق ضرورات الأنظمة السياسية، خاصة في مراحل الانطواء والهزيمة والنكوص، وإذا كانت النـظم أو بعضها أو معظمها اضطرت للدخول في علاقات معينة مع الكيان، فإن هذا لا يعني أن تنقاد مؤسسات وبنى ثـقافية واجتماعية أو أفراد نحو علاقات مع الكيان من أي نوع وتحت أي مبرر، واليوم في عصر كلمة الشعب وصوت الشارع آن لهذا العبث أن يتوقف، فحتى النظم السياسية تراجع نفسها أو تتهرب من أي اتصال بالكيان خاصة في العلن، فيما نجد من اختار التطبيع ما زال يتبجح بدل الاعتذار أو الصمت والاختفاء والتواري عن الأنظار على الأقل.
عجبت لمطبعين عرب؛ فيما تجد شخصيات علمية وأكاديمية وبرلمانية تمثل مؤسسات لها ثـقلها في أوروبا أو آسيا أو جنوب القارة الأمريكية تأبى أن تقيم علاقات أو تستقبل شخصيات من الكيان ولو على الهامش، أو أن تنظم بدورها زيارة له، فكيف نقرأ هذا التناقض؟فمن هم أصحاب الحق و«أهل المواجهة» يتسرب منهم مطبعون، فيما من دولهم هي التي أقامت الكيان يتعاملون معه كوباء معد قاتل!
هناك من يقول أن الثقافة والأدب لا دين ولا لغة لها-والمقولة خاطئة بدليل عنصرية الأدب الصهيوني- فيطبع ثقافيا، وهناك من يقول بأن الأمراض لا تعرف الحدود فيطبع طبيا وصحيا، وهناك من يفلسف التطبيع على أنه طريقة لشرح القضية والمظالم، وتبيان أن الإسلام لا ينغلق على الأديان والحضارات الأخرى؛ وهذا كلام فيه تضليل وغباء أو استغباء، فالمسألة ليست خلافا دينيا أو ثـقافيا وهي لا تحتاج إلى كل هذه اللقاءات لشرحها وتفصيلها، ولا إلى هذه الفلسفة الموجعة للرأس، فمثلا أنا لا أمانع من اللقاء مع ناطوري كارتا أو أي يهودي في العالم ينبذ ويرفض الصهيونية ولا يحمل جنسية الكيان،ولا يعيش فوق أرضي المغتصبة بقوة السلاح من نهرها على بحرها. وصراعنا ليس حول قطعة أرض متنازع عليها، أو حقل نفط مختلف حول ملكيته، أو مصادر مياه أو غير ذلك، إن صراعنا هو صراع على الوجود والبقاء والهوية وما يستتبع ذلك من نزاعات، وقد يتحجج البعض بأنه وحتى أثناء الحروب قد تحدث لقاءات واجتماعات لسبب أو لآخر، فمثلا التقى فريقا العراق وإيران في مباراة كرة قدم في خضم الحرب والقصف المتبادل، وهذه مقارنة غير منطقية البتة، فالعراق وإيران كانت الحرب بينهما مؤلمة ومؤسفة كونهما جاران مسلمان يتشاركان في كثير من الأشياء، وهي حرب على حدود واختلاف سياسي وأيديولوجي أما صراعنا مع الحركة الصهيونية فمختلف جدا!
لن أقول بأن التطبيع قد يكون فـخا لعمليات إسقاط ليخرج من يتهمني بأنني من أتباع نظرية المؤامرة، ولن أقول بأن بعض من يطبع يستفيد ماديا وإعلاميا فيروي غريزة حب الظهور عنده مع كمشة دولارات، فيخرج لي من يقول بأنني مغرض وطامع حسود، فقط أقول لكل مطبّع: ما الذي جنته أمتك أو شعبك من تطبيعك؟ هل رفع تطبيعك حاجزا؟هل أطلق تطبيعك أسيرا واحدا شارفت محكوميته على الانتهاء؟هل منعت هدم منزل أو بركس؟هل حميت بتطبيعك شجرة زيتون من الاقتلاع؟وإذا كنت في لقاءاتك التطبيعية تشرح وتفصل أن لنا حقا فهل وجدت أذنا صاغية؟وإذا قلت بأنك فعلا وجدت أذنا صاغية فهل صاحب هذه الأذن يمتنع عن التجنيد وممارسة القتل إذا ما طلب منه ذلك؟كن على ثقة أن المستفيد الوحيد ولو معنويا من التطبيع هو الكيان، فالكيان يعمل كورشة متكاملة سياسيا وعسكريا وثقافيا وطبيا وزراعيا، فيما المطبّع العربي أو الفلسطيني يجلب الضرر لنفسه بإغضاب الله أولا ثم جماهير شعبه ثانيا، ويميّع المواقف، وأتذكر تعليق المفكر الراحل إداورد سعيد على لقاءات كوبنهاجن قبل حوالي 14 سنة بأن البعض معجب بشخصية مثل يوسي بيلين الذي دافع عن مجزرة قانا الأولى(نيسان/أبريل 1996م) هذا تعقيب إداورد سعيد وهو الحامل للجنسية الأمريكية المحاضر في جامعة كولومبيا وليس عضوا في حماس أو الجهاد الإسلامي أو حزب الله أو تنظيم القاعدة!
سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، قال لقاتل عمه حمزة أي وحشي-وكان قد أسلم- أُغرب عن وجهي، وسيدنا هو الموصوف من رب الأرباب بأنه على خلق عظيم، وبالمؤمنين رؤوف رحيم، فكيف يهون على من يطبّع أن يصافح ويمازح وينفذ نشاطات تحت أي عنوان مع من لم تجف الدماء عن أيديهم؟رحم الله زمانا كانت المقاطعة تشمل شركات لها علاقة بشركات تتعامل مع الكيان، فما الذي أصابنا وإلى أين نحن ذاهبون؟
أما الفلسطيني فليعلم أنه على ثغرة فلا يؤتينّ من قبله، فلن يجرؤ أحد على التطبيع إذا امتنع الفلسطينيون عنه، ومن يجرؤ ويطبّع في ظل ثبات الفلسطيني سيجد من يضرب على يده وينبذه، ومهما يكن تبرير أو مواقف البعض القليل من العرب، فنحن أصحاب الحق والأرض المسلوبة واللوم كل اللوم علينا، فالتطبيع لا علاقة له بأي اتفاق أو معاهدة أو بروتوكول بين السياسيين بل هو خيار الفرد والمؤسسة أولا وأخيرا...إن المطبعين متبّر ما هم فيه أي هالك وحابط، ويجب أن يتوقفوا عن عبثهم المغرور، خاصة والكيان تزداد عزلته وتظهر سوءته!
ومن المعروف أن خيارات الأمم والشعوب قد لا تـطابق ضرورات الأنظمة السياسية، خاصة في مراحل الانطواء والهزيمة والنكوص، وإذا كانت النـظم أو بعضها أو معظمها اضطرت للدخول في علاقات معينة مع الكيان، فإن هذا لا يعني أن تنقاد مؤسسات وبنى ثـقافية واجتماعية أو أفراد نحو علاقات مع الكيان من أي نوع وتحت أي مبرر، واليوم في عصر كلمة الشعب وصوت الشارع آن لهذا العبث أن يتوقف، فحتى النظم السياسية تراجع نفسها أو تتهرب من أي اتصال بالكيان خاصة في العلن، فيما نجد من اختار التطبيع ما زال يتبجح بدل الاعتذار أو الصمت والاختفاء والتواري عن الأنظار على الأقل.
عجبت لمطبعين عرب؛ فيما تجد شخصيات علمية وأكاديمية وبرلمانية تمثل مؤسسات لها ثـقلها في أوروبا أو آسيا أو جنوب القارة الأمريكية تأبى أن تقيم علاقات أو تستقبل شخصيات من الكيان ولو على الهامش، أو أن تنظم بدورها زيارة له، فكيف نقرأ هذا التناقض؟فمن هم أصحاب الحق و«أهل المواجهة» يتسرب منهم مطبعون، فيما من دولهم هي التي أقامت الكيان يتعاملون معه كوباء معد قاتل!
هناك من يقول أن الثقافة والأدب لا دين ولا لغة لها-والمقولة خاطئة بدليل عنصرية الأدب الصهيوني- فيطبع ثقافيا، وهناك من يقول بأن الأمراض لا تعرف الحدود فيطبع طبيا وصحيا، وهناك من يفلسف التطبيع على أنه طريقة لشرح القضية والمظالم، وتبيان أن الإسلام لا ينغلق على الأديان والحضارات الأخرى؛ وهذا كلام فيه تضليل وغباء أو استغباء، فالمسألة ليست خلافا دينيا أو ثـقافيا وهي لا تحتاج إلى كل هذه اللقاءات لشرحها وتفصيلها، ولا إلى هذه الفلسفة الموجعة للرأس، فمثلا أنا لا أمانع من اللقاء مع ناطوري كارتا أو أي يهودي في العالم ينبذ ويرفض الصهيونية ولا يحمل جنسية الكيان،ولا يعيش فوق أرضي المغتصبة بقوة السلاح من نهرها على بحرها. وصراعنا ليس حول قطعة أرض متنازع عليها، أو حقل نفط مختلف حول ملكيته، أو مصادر مياه أو غير ذلك، إن صراعنا هو صراع على الوجود والبقاء والهوية وما يستتبع ذلك من نزاعات، وقد يتحجج البعض بأنه وحتى أثناء الحروب قد تحدث لقاءات واجتماعات لسبب أو لآخر، فمثلا التقى فريقا العراق وإيران في مباراة كرة قدم في خضم الحرب والقصف المتبادل، وهذه مقارنة غير منطقية البتة، فالعراق وإيران كانت الحرب بينهما مؤلمة ومؤسفة كونهما جاران مسلمان يتشاركان في كثير من الأشياء، وهي حرب على حدود واختلاف سياسي وأيديولوجي أما صراعنا مع الحركة الصهيونية فمختلف جدا!
لن أقول بأن التطبيع قد يكون فـخا لعمليات إسقاط ليخرج من يتهمني بأنني من أتباع نظرية المؤامرة، ولن أقول بأن بعض من يطبع يستفيد ماديا وإعلاميا فيروي غريزة حب الظهور عنده مع كمشة دولارات، فيخرج لي من يقول بأنني مغرض وطامع حسود، فقط أقول لكل مطبّع: ما الذي جنته أمتك أو شعبك من تطبيعك؟ هل رفع تطبيعك حاجزا؟هل أطلق تطبيعك أسيرا واحدا شارفت محكوميته على الانتهاء؟هل منعت هدم منزل أو بركس؟هل حميت بتطبيعك شجرة زيتون من الاقتلاع؟وإذا كنت في لقاءاتك التطبيعية تشرح وتفصل أن لنا حقا فهل وجدت أذنا صاغية؟وإذا قلت بأنك فعلا وجدت أذنا صاغية فهل صاحب هذه الأذن يمتنع عن التجنيد وممارسة القتل إذا ما طلب منه ذلك؟كن على ثقة أن المستفيد الوحيد ولو معنويا من التطبيع هو الكيان، فالكيان يعمل كورشة متكاملة سياسيا وعسكريا وثقافيا وطبيا وزراعيا، فيما المطبّع العربي أو الفلسطيني يجلب الضرر لنفسه بإغضاب الله أولا ثم جماهير شعبه ثانيا، ويميّع المواقف، وأتذكر تعليق المفكر الراحل إداورد سعيد على لقاءات كوبنهاجن قبل حوالي 14 سنة بأن البعض معجب بشخصية مثل يوسي بيلين الذي دافع عن مجزرة قانا الأولى(نيسان/أبريل 1996م) هذا تعقيب إداورد سعيد وهو الحامل للجنسية الأمريكية المحاضر في جامعة كولومبيا وليس عضوا في حماس أو الجهاد الإسلامي أو حزب الله أو تنظيم القاعدة!
سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، قال لقاتل عمه حمزة أي وحشي-وكان قد أسلم- أُغرب عن وجهي، وسيدنا هو الموصوف من رب الأرباب بأنه على خلق عظيم، وبالمؤمنين رؤوف رحيم، فكيف يهون على من يطبّع أن يصافح ويمازح وينفذ نشاطات تحت أي عنوان مع من لم تجف الدماء عن أيديهم؟رحم الله زمانا كانت المقاطعة تشمل شركات لها علاقة بشركات تتعامل مع الكيان، فما الذي أصابنا وإلى أين نحن ذاهبون؟
أما الفلسطيني فليعلم أنه على ثغرة فلا يؤتينّ من قبله، فلن يجرؤ أحد على التطبيع إذا امتنع الفلسطينيون عنه، ومن يجرؤ ويطبّع في ظل ثبات الفلسطيني سيجد من يضرب على يده وينبذه، ومهما يكن تبرير أو مواقف البعض القليل من العرب، فنحن أصحاب الحق والأرض المسلوبة واللوم كل اللوم علينا، فالتطبيع لا علاقة له بأي اتفاق أو معاهدة أو بروتوكول بين السياسيين بل هو خيار الفرد والمؤسسة أولا وأخيرا...إن المطبعين متبّر ما هم فيه أي هالك وحابط، ويجب أن يتوقفوا عن عبثهم المغرور، خاصة والكيان تزداد عزلته وتظهر سوءته!