قراءة في هدف عدوان نتنياهو على غزة - بقلم:الأسير ماهر عرار

13.07.2014 05:39 PM

مع بداية العدوان الاسرائيلي على أهلنا العزل في المحافظات الجنوبية، وإتضاح ملامح سيناريو نتانياهو في التصعيد على جبهة غزة، علق صائب عريقات قائلا(حرب نتانياهو على غزة تستهدف المشروع الوطني)، في سياق ذلك قرأ تعليق عريقات بسخرية من قبل الأوساط الفلسطينية .

في اليوم الخامس من الحرب على غزة ومع إستمرار حالة العدوان الاسرائيلي والرد الفلسطيني المقابل ،عرضت صحيفة واشنطن بوست في إفتتاحيتها تقرير تقيمي عن معادلة الربح والخسارة بين حركة حماس وإسرائيل، وقد خلصت الصحيفة إلى نتيجة تقول لا يوجد منتصر في الحرب الدائرة بين الجانبين، مضيفة مع ذلك هناك خاسر وحيد ، وهو الرئيس الفلسطيني أبو مازن .

هنا لا يجري الحديث عن خسارة شخصية للرئيس الفلسطيني، وإنما خسارة سياسته ودبلوماسيته في ضوء نشوء معادلة غزة المقاومة ومحورها حماس التي تضع سقف الهدنة في جدول مفاوضاتها بين حرب وأخرى، وبين إسرائيل التي تسعى لتقويض وإفشال سيناريو أبو مازن المتمثل في دولة فلسطينية بحدودها الشرقية وعاصمتها القدس.

أثناء مطالعتي لتقرير الوشنطن بوست، وقفت مليا أمام حقيقة أشار إليها الدكتور صائب عريقات، ولم أجد مفرا من الأيمان في هذا التقدير، سيما وأن حرب غزة الحالية افرزت مد شعبي لأدوات المقاومة التي تتصدرها حركة حماس .

السؤال كيف نفهم أن حرب غزة تستهدف المشروع الوطني؟؟ أن فهم وقراءة ذلك تتجلى في سياسة إسرائيل التي واصلت على مدار سنوات إضعاف السلطة الوطنية واحراجها امام شعبها إلى درجة اوصلت الكثيرين إلى وسمها بالعميلة، وفي الوقت نفسه استهداف غزة واختلاق حروب مع حماس تدرك إسرائيل أنها ستعزز من قوة الحركة على حساب السلطة الوطنية ومشروع الدولة سيما أنها تهدف من وراء ذلك إلى خلط الأوراق في المعادلة الداخلية فلسطينيا .

لا شك أن أبو مازن في أصعب مراحله السياسية، ولا شك أن نتانياهو أنتصر سياسيا واربك حسابات أبو مازن الذي يواجه سخط الشارع الفلسطيني جراء عجزه السياسي في معادلة حروب حماس وإسرائيل .

من الجدير القول أن اسرائيل بوسعها التعايش مع معادلة حركة حماس في غزة ل100 عام تحت بند هدنة تتجدد بين حرب واخرى بسقف لا يتجاوز تسهيل حياة سكان القطاع، لأن ذلك سيبقي على سيطرتها البحرية والبرية والجوية أضافة لإستمرار احتلالها للضفة والقدس، لكن في المقابل ليس بوسعها التعايش مع سياسة ودبلوماسية تفرض معادلة الدولة الفلسطينية كأمر واقع ،لأن ذلك معناه إعادة تعريف حدودها وتقلص تمددها وتراجع جيشها عن حدود سيطرته الحالية .

لا شك أن نتائج الحرب على المستوى الداخلي تضعف السلطة الوطنية ،سيما في ظل غياب ارادة السلام في إسرائيل واستمرار سياسة افشال واحراج السلطة.

بكلمة طالما بقي سقف حروب حماس في نطاق الهدن دون توفر هدف سياسي واقعي ومقبول دوليا،ستبقى حروب غزة حروب تقويض واستهداف للمشروع الوطني تلجأ إليها إسرائيل كلما واجهت العزلة والضغط الدولي جراء سياسة التعنت والصلف، ولعل من الأهمية بمكان الاشارة إلى حقيقة أن اسرائيل لا تهدف إلى القضاء على حركة حماس، الامر الذي سرب عبر الصحف العبرية نقلا عن اوساط سياسية واستخبارية قبل الحرب واثناءها، ولعل احدثها تصريح لابيد عندما قال عبر القناة الثانية لن نقبل من حماس الا هدنة طويلة المدى .

مفارقة أخيرة في أوقات الجمود السياسي في عملية السلام تتعرض إسرائيل لعزلة وضغط دولي حتى من الحلفاء،وفي أوقات حروبها مع غزة تلقى التضامن والدعم والتعاطف ،مفارقة تستحق التأمل.

بقلم الأسير ماهر عرار /سجن النقب

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير