البرنامج الوطني يتشكل على الارض.. بقلم: سامر عنبتاوي

13.07.2014 10:43 AM

الحرب المجنونة ضد الاطفال و النساء و الشيوخ في قطاع غزة ...و الهجمة الشرسة التي سبقتها و لا تزال على الضفة من قتل و اعتقال و تدمير ...رغم البشاعة و الالم قد اديا الى نتيجتين هامتين ...اولهما ان الاعتداءات ساعدت على الوحدة الميدانية بين الضفة و القطاع من ناحية و من ناحية اخرى وضعت اسس البرنامج الوطني الذي يوحد الجميع و عماده رفض و مقاومة الاحتلال ضمن رؤيا و استراتيجية موحدة.

و لعل البطولة الباسلة التي تحدت العدوان في قطاع غزة و التي اظهرت درجة عالية من الجاهزية و التنظيم و الوحدة الميدانية بين كافة الاطر ..اضافة الى ادارة علمية للمعركة مدعومة بماكينة اعلامية ابهرت الجميع ..و لعل صمود الشعب في الضفة و مواجهة قطعان المستوطنين و ممارساتهم و تنامي المقاطعة الشعبية للاحتلال و منتجاته و تعزيز المقاومة الشعبية ...لعل ذلك كله اسهم في التفاف الشعب و توحده حول مبدأ مقاومة الاحتلال ..و لا ننسى امتداد المسيرات و الاحتجاجات الى الاهل في الداخل .

لا يخفى على اي متابع لمجريات الامور طبيعة و ومكونات المشروع الاسرائيلي و الذي يهدف الى عزل قطاع غزة بشكل كامل في غيتو منعزل بعد شيطنة المقاومة و الشعب و اظهار القطاع للعالم كبؤرة ارهاب يجب عزله و حصاره و من ناحية اخرى تحويله الى منفى لكل من يعارض سياسة الاحتلال و مشاريعه ...كما يهدف هذا المشروع ضمن نفس السياق الى منع اي امكانية لاستمرار و تطوير وحدة وطنية شاملة للجميع..ووأد المصالحة في مهدها و تعزيز الشقاق و الخلاف الامر الذي يساعد بعزل غزة تمهيدا للانفراد بالضفة ..فاذا كان عنوان الحرب و الهجوم الدموي هو قطاع غزة ..فالغنائم بالنسبة لدولة الاحتلال هي في الضفة من خلال العمل على تصعيد المواجهات بين الفلسطينيين و المستوطنين و ابراز الامر للعالم ان هناك يهود وعرب (مواطنين) يتنازعون على الارض و زيادة دعم عصابات المستوطنين لتشكيل خطر كبير على القرى المجاورة للمستوطنات تمهيدا للتهجير الطوعي و القسري لتفريغ الضفة بعد تقسيمها لكانتونات مجزأة تمهيدا للضم الكامل للارض باقل عدد من السكان ...تماما نفس الخطة التي نفذتها عصابات الهاغاناة و شتيرن و غيرها قبل العام 1948 و التي على اثرها هجر من هجر و تم الاستيلاء على 78% من الارض الفلسطينية .

و تعتمد دولة الاحتلال في تنفيذ مشروعها على ما يحصل في المحيط العربي ..فما الصعب ان يحصل مجازر و تهجير ضد الفلسطينيين ضمن حجج و ذرائع متعددة ..ضمن ما يحصل من تهجير الملايين و قتل مئات الالاف في المحيط ضمن الفوضى الخلاقة التي تستغلها دولة الاحتلال لتمرير مشروعها ..هذا من ناحية و من ناحية اخرى تمرير الدولة اليهودية ضمن تشكيل الدول الطائفية بالمنطقة على اساس ديني ..فما الذي يمنع الاسرائيليون من المطالبة بدولة دينية عرقية طالما هناك دول سنية و شيعية و درزية و كردية تتشكل في المنطقة بعد حمامات من الدم .

هذا اذا هو المشروع الاسرائيلي و الذي اعتمد في تنفيذه على غياب المشروع الوطني الفلسطيني الموحد و حالة الانقسام و اختلاف الرؤيا السائدة ...لذلك ارى و بحق ان معالم البرنامج و المشروع الوطني الفلسطيني اصبحت ملامحه اكثر وضوحا بعد الممارسات العنصرية ضد الضفة و الحرب القذرة على غزة ...و اهم ما يميز هذا البرنامج هو العمل تماما ضد المشروع الاسرائيلي بكل مكوناته ..فهم يعزلون غزة و الشعب الفلسطيني توحد في الضفة و غزة و وراء الخط الاخضر ..وهم يحاولون طمس روح المقاومة و المقاومة تجسدت بارقى صورها في جميع الاراضي الفلسطينية بل وزاد بشكل كبير الالتفاف الشعبي حولها ..و زادت ثقة الشعب بقدراته ..وهم اطلقوا العنان للمستوطنين و زاد مقاومة الشعب و تصديهم لهم بوعي و ادراك للمخطط لم يكن موجودا قبل نكبة 48 .

ان هذا البرنامج الذي يسطره الآن دماء و تضحيات و معاناة شعبنا في الضفة و القطاع اوضح ان لا مجال لمفاوضات و لا مهادنات و لا بتقديم التنازلات المجانية بل توحيد كل الجهود و الطاقات في مواجهة الاحتلال و فضح ممارساته بكل السبل حتى الخلاص منه و تحرير الارض و اقامة الدولة و عاصمتها القدس .

قد يتساءل البعض: هل هذا الوقت المناسب لطرح هذا الامر و شلالات الدم و التدمير ضد اهلنا في القطاع تسيل بغزارة و تتصاعد ..و اقول ان العمل لهذا المشروع هو في هذه الايام يبدأ بمراجعة جميع القوى لمواقفهم و ممارساتهم خاصة حركتي فتح و حماس و تعزيز الدور النضالي المكافح لحركة فتح بناء على البرنامج الذي تأسست عليه و تعزيز الدور الوطني الملتزم بالقضية من قبل حركة حماس و البعد عن المحاور الاقليمية و عودة الروح الكفاحية و النضالية لكافة الاطر ..و يبدأ العمل على تطبيق المشروع بقوة و صلابة في اليوم التالي لانتهاء الحرب القذرة على قطاع غزة.

هذا ليس خيارا بل واجب وطني على الجميع من رأس الهرم الى اصغر عضو في اي تنظيم وليس هناك من هو معصوم عن الخطأ و لم يعد بمقدور الشعب تحمل نتائج وويلات الممارسات الخاطئة و الفردية في القرارات بل التوجه نحو قيادة وطنية موحدة للجميع ببرنامج نضالي موحد ...و حتى ذلك الحين فكل التحية و الدعم لاهلنا الصامدين في القطاع في مواجهة الحرب اللا اخلاقية و المدمرة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير