هل يتخلى نظام السيسي عن الإخوان؟.. بقلم: أحمد جميل عزم

27.05.2014 12:32 PM

هناك قوتان في مصر تحتاجان بقاء الإخوان المسلمين في المشهد. أولاهما، الإخوان المسلمون أنفسهم، وأنصارهم، وهم على الأغلب في تناقص. وثانيتهما، للمفارقة، هي النظام "الجديد" المتوقع تشكّله حول عبدالفتاح السيسي، الذي سيتحول إلى حكومة يوجد من يؤيدها ومن يعارضها.

الأسباب التي تدفع النظام الجديد إلى الحفاظ على الإخوان المسلمين في المشهد، هو أنّ شرعية وشعبية هذا النظام وقيادته، تنبع كثيراً من أطروحة أنّهم هم من تصدوا للإخوان ونظامهم. وبطبيعة الحال، هناك أطروحات كاملة تبرر التصدي والعمل ضد الإخوان؛ بدءا من الحديث عن سياسات وأخطاء الإخوان المسلمين إبّان تولي الرئيس محمد مرسي للمسؤولية، وفشله في بناء حياة سياسية على أساس توافق واسع. كما يجري الحديث من قبل خصوم الإخوان عن محاولات انقلاب على الديمقراطية، والحديث عن تراجع السياحة، والفشل في تسيير الحياة اليومية والاقتصاد، وتحديداً تبخُر وعود مرسي بأنّه سيحدث فرقا في حياة المصريين خلال مائة يوم.

في المرحلة الانتقالية الأخيرة، كان عنف المظاهرات، والحديث عن الإرهاب، جزءا أساسيا من تأجيل، محق أو غير محق، للحديث في كثير من الملفات. وفي هذا السياق، جرى استحضار حركة "حماس" للمشهد بقوة، وتصويرها جزءا أساسياً من "المشهد الإرهابي" في مصر، من دون تقديم معلومات وأسماء وتفاصيل حقيقية تثبت ما جاء في عناوين الصحف ونشرات الأخبار. ومن هنا، فإنّ الحديث عن خطر الإخوان المسلمين سيكون هو التبرير الأفضل لمنع المظاهرات والاحتجاجات، باعتبار هذه الأخيرة لخدمة الإخوان، أو باعتبارها تصب في مصلحتهم. وسيكون عدم النجاح في تحقيق إنجازات اقتصادية وتنموية معلقا على شماعة "إرهاب الإخوان".

أمّا لو حقق النظام الجديد فعالية في الحكم، وتمكن من إحداث تغيير حقيقي في حياة المصريين، وفي الاقتصاد، وفي تنمية الحياة السياسية الديمقراطية، فيمكن التخلي عن الإخوان نسبيّاً، من دون أن يعني هذا بالطبع أنهم سيختفون سريعاً.

مؤشرات الحملة الانتخابية المصرية، وأحاديث السيسي، لا تشير إلى وجود برنامج حقيقي للخروج من المأزق المصري المعيشي، والاقتصادي، والسياسي. ولا يبدو أنّ هناك تصورا لما سيحدث في اليوم التالي للانتخابات. وغالبا، سينتقل الحديث إلى انتخابات البرلمان، وخريطة طريق لإصلاح سياسي، مع السعي إلى الحصول على دعم الدول العربية الكبرى الرافضة لحكم الإخوان المسلمين. بل ومن غير المستبعد أن تجري محاولات لفك الارتباط بين الإخوان المسلمين وقطر، سعيا وراء دعم الأخيرة.

عدم النجاح في تحقيق فعالية في الحكم الجديد، سيرافقه التحذير من خطر تشجيع حرية التعبير والاحتجاج، لأنها تعيق السياحة والبناء والاقتصاد. وبالتالي، سيجري العمل على تقليص الحالة الشعبية. والواقع أنّ من الصحي انحسار الحالة الشعبية، واتجاه الاهتمام إلى البناء والتنمية، لو كان هناك بالفعل مثل هذا، لأنّ هذا سيعني أنه لا داعي لهذا الانخراط المكثف في الحدث السياسي على حساب غيره. ولكن هذا الانحسار قبل الإصلاح هو الخطر، وهو الذي ربما سيقلب الطاولة، والاتجاه، ضد النظام الجديد، برفض الصمت من دون تحقيق أهداف الثورة.

الذين لا يوافقون على طريقة التعامل مع الإخوان المسلمين، خصوصا خارج مصر، وخصوصا في حالات مثل المحاكمات التي تحدث وينتج عنها أحكام إعدام بالجملة، والذين يشككون في كثير من التفاصيل المعلنة عن "حماس" ودورها، ليسوا بالضرورة مؤيدين للإخوان المسلمين، وليسوا جزءا من استقطاب بين فريقين. فالاقتناع بأنّ الإخوان بديل ممكن، يتراجع كثيراً، لأسباب منها أنهم في مرحلة حكمهم لم يقدموا أداءً مقنعاً، ولا يبدو أن لديهم تصورات محددة للخروج من المآزق المختلفة. بل ورغم أن هناك شرائح كانت تود التمهل في التعامل مع الإخوان المسلمين وترك الحكم لصندوق الاقتراع، فإنّ الإخوان لن يكونوا قضية شعبية حقا.

هذا الوضع سيترك المصريين، وغيرهم، أمام حل انتظار ماذا سينشأ عن النظام الجديد، والانتظار ليتأكدوا أنّه نظام جديد حقاً. ولكن من المستبعد جداً أن يكون بمقدور أي نظام أن يبقى معتمدا لوقت طويل على شرعية تصديه لجماعة ما، أو أن يمنع حقا حرية التعبير. ولذلك، فإن تحولات الرأي العام قد تكون قريبة، بالتركيز على الإصلاح المؤسسي الحقيقي.

نقلاً عن صحيفة "الغد" الأردنية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير