على هامش زيارة البابا - بقلم: حمدي فراج

26.05.2014 09:59 AM

وطن:    لا أحد يشكك في نوايا البابا فرانسيس الاول الطيبة والاخلاقية والمثالية التي تحض على السلام والعدل والمحبة ، وهي اغراض شبه ملازمة لمجمل الديانات ، وكلما زاد افتقاد البشر وجودها وتجسدها ، كلما احسوا انهم بحاجة لاشخاص مثل البابا وآخرين من امثاله لهم علاقة مباشرة بمثل هذه المفاهيم والديانات التي تحتضنها .

   في منطقة مثل منطقتنا ، والتي تعتبر مسقط الرأس لجميع هذه الديانات ، ولغيرها من ديانات اخرى – غير سماوية - سبقتها بآلاف السنين ، نفتقد للسلام والعدل والمحبة ، بل عشنا وما زلنا مخاضات حروب وصراعات ومؤامرات ما تزال مستعرة حتى يومنا الحاضر ، رغم جميع الجهود والدعوات المخلصة التي يقوم بها رجالات الدين من على شاكلة البابا فرانسيس ، فهو كما هو معروف ، ليس الرأس المسيحي الاول الذي يزور المنطقة ، بل سبقه الى ذلك الكثير من الرموز الدينية العالمية ، وفي غالبيتهم العظمى كانت لهم نوايا انسانية طيبة لتقليص معاناة الناس وتأمين الحد الادنى من احتياجاتهم الروحية والمادية ، في الوصول الى اماكن عبادتهم المقدسة ، و الحصول على عمل شريف يؤمن لهم لقمة عيش غير مغمسة بالذل ، ولكنهم اخفقوا في ذلك ، بل زادت معاناتهم ، واصبحت حياتهم مستهدفة ، يتم ترويعهم وحبسهم ومنعهم واذلالهم ، ثم في السنوات الاخيرة اصبحنا نشهد تمدد رقعة الذبح والدمار ، فطالت دولا عربية اخرى ، وبدلا من ينحسر الصراع بين الديانات السماوية الثلاث ، وجدناه يتمدد ، فيصبح بين اتباع الدين الواحد ، كما بين السنة والشيعة ثم بين ابناء الطائفة الواحدة ، كما النصرة وداعش ، وهو صراع مصغر عما حدث في الكثير من الطوائف المسيحية التي لم تنجح حتى الان في الاجماع على تاريخ محدد لمولد رسولها المخلّص  .


 في زيارته الاخيرة ، وجد البابا فرنسيس ، الذي يتمتع بصفات عديدة اخرى غير تلك التي عهدناها فيمن سبقه من باوبات ، وجد نفسه اسيرا للبروتوكولات والسياسات ، وطالب الطرفين بايجاد حل للصراع ، ودعا القيادتين السياسيتين الى مقره مطلع الشهر القادم لصلاة مشتركة ، وهو بهذا انما ساوى بين الذئب والخروف ، بين الجلاد والضحية ، وكأنه لا يدرك بأن مفاوضات انطلقت بين الطرفين برعاية دولية استمرت عشرين سنة ولم تسفر الا عن مزيد من ترسيخ الاحتلال وتوسيع الاستيطان وزيادة العنف والقتل والاعتقال ، ولم تشفع بأن نرى جنود الاحتلال المدججين بالسلاح يقفون على ابواب دار الافتاء بالقدس يريدون ان يقولوا للبابا ولغيره ان القدس هي عاصمة الاحتلال الابدية والموحدة ، شاء من شاء وابى من ابى.
   ان الذي يستطيع يا قداسة البابا شرعنة العنف والارهاب باسم الله ، لا يهمه رأي عبد الله .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير