موظفو الشرعية وسنوات الحلم الضائع - بقلم: هنادي صادق
شكرا لأصدقائي وأحبتي الذين أصروا على انتهاك حرمة صمتي وأجبروني على أن أكون الضحية القادمة لهذا العالم الموبوء بإيدز العقل وطاعون الضمير وشيزوفرينيا الكلمة، هذه المرة لن تكون حروفي عادية جدا، ولن تكون بقسماتها المألوفة كالعادة، فهي ومضة من الألم والأمل، هي أحزان عميقة وجراح نازفة.. هي خناجر قلوب تنزف وقصة تيه وضياع في دنيا تكره الكلمة وترفض الحقيقة، وربما كانت مشاركتي في قافلة المستضعفين من موظفي الشرعية الذين منحوا الأمن والأمان وكانوا ينتظرون الامتنان والرحمة والمعاملة كإنسان، اختيارا خاطئا منذ البداية؛ فالسنين السبع العجاف كانت كافية لأكتشف أن الرهان كان خاطئا والحلم الذي عشناه ما هو إلا عبارة عن وهم وغم، ففي قاموس حكومتنا الشرعية لا مكان للإنسان ما تواجهه فقط وفقط هو الخذلان.
وربما كانت الرسالة واضحة منذ البداية لكننا لم نفهمها لأننا لم نستوعبها منذ البداية وقد ظنناها عابرة مربوطة بشخص هنا أو هناك، لم نك نعرف بأنها سياسة ونهج يسير عليه الجميع وفق نسق مختط ومعد سلفا، كانت رسالة واضحة علينا فهمها سلفا، فأي أمل نبحث عنه؟ ونحن المخطوفين منذ الأزل والمقهورين منذ الأبد، ساذجون نحن نعم ساذجون، وواهمون حد الخجل.
شعور ٌ بالحزن.. على وطن تلاعب به العابثون فحولوه إلى خرقة لا طعم لها ولا لون أو رائحة، شعور ٌ بالمهانة... من سلسلة قرارات تفوح منها رائحة عنصرية مناطقية بغيضة حتى لو غلفت بأغلفة من قوارير فضة، فالعار سيلاحق منفذيها حتى لو اختبأوا في بروج مشيدة، حتى لو لبسوا ثياب الوعاظ، بل لو حتى كانوا من مؤسسي الجامعات، فعار هذه القرارات لا يمحوه إلا التوبة الكاملة والتطهر من كافة الجراثيم العنصرية التي علقت في ثنايا القلب والعقل والجوارح.
إن الشعور بالقرف من السياسة والسياسيين ينتاب الجميع، فأصبحنا نرى رأي العين قلة الأخلاق وظلم العباد وقهر الناس، أصبحنا نري الكفر جهارا نهارا يسوق لنا على أنه حلال زلال، يتاجر بنا كبضاعة في سوق نخاسة كسدت فيه البضاعة، فتم بيعنا بأرخص الأثمان، في ساعة ضحك بها الشيطان على بني الإنسان.
إن شعوري كان جرحا عميقا وثورة، كان شرارة انتفاضة لو اندلعت ستحرقهم ولن تبقي لهم باقية، لقد تولد لدي رفض ملتهب بالحزن لكل من تاجر بنا ويتاجر على مدار سبع سنوات عجاف اشتعل فيها الرأس شيبا ولم نلاقي من حكومتنا إلا كل عيبا.
علماء ُالفيزياء يقولون إن لكل فعل رد فعل مساو في القوة ومعاكس له في الاتجاه، فما الذي تتوقعه الحكومة ورئيسها الدكتور رامي الحمد لله الذي يقف على عتبة التجديد له في حكومة الوحدة، هل يعتقد بأنه سيخرج سالما غانما بهكذا إجراءات تمس وحدة الوطن والمصير وتوغل ما توغل في الصدور، وهل يتوقع من أوصل الأمور إلى هكذا مواصيل أن الأمور ستبقى على حالها، وأننا المذبوحون ذبحا حلالا من وجهة نظر حكومتنا، سنرضخ للأمر الواقع ولن يكون لما يحدث أي ردات فعل أو آثار جانبية.
بديهي جدًا أن من بدأ باستخدام سياسة العنصرية والمناطقية سيكون أول من يواجهه ضحاياه بكافة الوسائل المشروعة، بل وبسبب أساليبه الملتوية سيفتح الباب واسعا أمام طوفان من الغضب إذا انطلق سيحرق الأخضر واليابس، فمن كان يظن أننا صيد سهل افتراسه سيفاجأ بأن عقابه لن يتأخر وبأنه سيظل أسير كوابيس فشله السياسي والإنساني.
إن أكثر ما يحز في نفسي بأن حركة دفعت الغالي والنفيس من دماء أولادها على مدار سنين عمرها، أصبحت كالقطة إذا جاعت أكلت أولادها، إذا جاعت دفنت أولادها ووقفت تنوح عليهم، كيف لا، وقد أصابتها لوثة فأخذت تحاول أن تفقأ عينييها بيدها، يراد لها أن تقتل إرثها وتاريخها المشرف الذي سطره شهداؤها بأحرف من نور، إنني وانطلاقا مما تحدثت، بحت ببعضه وأخفيت آخر لحديث قادم أوجه رسائل متعددة ، لعلي أجد من يلتقطها ويخمد نيران الغضب الذي يشتعل في داخلي وداخل كل الغيورين على هذه الحركة التي لا تستحق كل ما يحدث لها ولأبنائها المخلصين.
رسالتي إلى الأيادي المرتجفة والمرتعشة ... لا تجعلوا الوحدة الوطنية سيفا مسلطا على رقاب العباد فلا نصح أو انتقاد بل عبيدا للانقياد، فالوحدة الوطنية أمنية الخيريين وأمنية المؤمنين الصادقين، لكني لا أعرف عن أي وحدة يتحدثون، ولماذا للناس لا يعتذرون ولماذا للصفح والغفران لا يتقدمون؟ هل أصبح الناس هم المخطئون؟ يا هؤلاء ما لكم كيف تحكمون؟؟؟؟!!!!!!
رسالتي إلى الجبناء المتفرجين على مسرحية الترقيات والتعيينات في حكومة الانقلاب و إلى المهرولين نحو جنازة موظفي الشرعية بصمت وترقب وإلى الخائفين من تعرية المحتمين بقدسية الدين ولابسي رداء الله.
رسالتي إلى حكومة الأيادي المرتعشة إلا على موظفي الشرعية، رسالتي إلى حكومة الأيادي المرتجفة إلا على ذبح من بقراراتهم ملتزمين وبدمائهم من أجل حماية الشرعية مضحين، هل لأننا لانزال نبكي بصمت.. ونحزن بصمت .. ونجوع بصمت.. ونخفي أسرار قهرنا وظُلمنا على مدار سيع سنين عجاف أكل الدهر منا واشتعل الرأس شيبًا وانحنى الظهر قهرا ولا يراد للمظلوم حتى أن يتنسم الهواء ولا أن يصرخ بأعلى صوته أوقفوا هذا الظلم.. جل ما يراد له أن يصمت عن الكلام أو يصمت للأبد؟
لقد جربت حكومتنا الشرعية جميع ألاعيب الحواة وحتى لم تعاملنا معاملة الهواة، بل عاملتنا بكل ازدراء فهي تعلم بأننا ننام مبكرا على ضيمنا .. ونصحو متأخرين!
وبأننا لا نسهر .. إلا ّ في رمضان بانتظار السحور!
هي تعلم بأن كافة المسميات الافتراضية والتنظيمات الهلامية لم تغن شيئا لموظفي الشرعية الذي تركوا وحدهم يذبحون، بعدما توارى المسعفون، هذه المسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان يراد لها أن تسقط في قاموس النسيان يراد لها أن تواجه الطوفان، فلقد بلغ الظلم مداه ولم يعد هناك أي أمل أن يأتي منتهاه. وللحديث بقية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء