خمور ومايوهات وراقصات - بقلم: سري سمّور
14.01.2012 10:46 AM
لكن بقيت لدينا مشكلة واحدة أو مشكلات متشابهة؛ فالمجتمعات العربية يا سادة يا كرام تغصّ بالسكارى وسواد الناس الأعظم فيها يحتسون الخمور، أما النساء فهنّ جميعا يرتدين المايوهات على الشواطئ نهارا ويمتهنّ الرقص ليلا، وقد كان الناس راضين عن هذا الحال حتى جاءت فئة موتورة ببدعة الثورات أو ما يسمى بالربيع العربي، ثم أجريت انتخابات ففاز الإسلاميون بها، وهناك مخاوف وهواجس تجتاح الناس من نية هؤلاء المبيتة حظر الخمور بيعا وشراء واستيرادا وتصنيعا، وإلباس اللواتي يرتدين البكيني العباءة أو التشادور أو ما يسمى بالجلباب والحجاب والنقاب، ونواياهم الشريرة بقطع أرزاق المتكسبات من هزّ الوسط «ع الوحدة ونص» وهو أمر له تداعياته الاقتصادية الكارثية وينذر بمجاعة على غرار الصومال!
في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، كان الرجل يسأله عن أي الأعمال أحب إلى الله، وأي العبادات خير، وأي الجهاد أعظم أجرا، وكيف يصبح المرء أكثر فضلا ومن الله أكثر قربا...هكذا كانوا يسألون سيد الخلق، فهم عظماء بهمّتهم وطموحهم يرقى إلى أعالي السحاب.
أما في العصور المتأخرة فقد انحدرت الهمم إلى القاع من أعلى القمم، ولم تعد الأسئلة تخرج من أفواه أصحاب همم عالية ونفوس كبار تتعب في مرادها الأجسام، بل حصل تقزيم تعمّد المستبدون تعزيزه وتعميمه، وانشغل من انشغل بالتوافه والصغائر، بدل المعالي وتحقيق الأمجاد التي اندثرت.
ولقد جاء الإسلاميون عبر صناديق الاقتراع التي صدّع العلمانيون والليبراليون رؤوسنا بضرورة الاحتكام إليها، فلما جاءت الصناديق بما لا تهوى أنفسهم، وأفرزت غيرهم بأغلبية أثارت حسد أنفسهم وغلّهم المضطرم حدّ عض الأنامل من الغيظ، وبدا بعض من مقدار حقدهم الممزوج بارتباك وتخبط قالوا:الديموقراطية ليست فقط انتخابات بل إيمان بالتعددية وحرية الأفراد...وبالتأكيد لو فازوا لقالوا ما قاله فرعون لقومه(أنا ربكم الأعلى) ولأرادوا فرض كل رؤاهم الثقافية والاجتماعية والسياسية على الناس أجمعين، ولماذا نستخدم «لو»؟فهم بالأمس القريب كانوا إما من مكونات الاستبداد ومنظومته السلطوية القمعية أحادية النظر والنظرية، أو حلفاء للمستبدين..ولقد أجاب الإسلاميون بوضوح وما زالوا يؤكدون بمنتهى الصراحة والشفافية بأنهم لن يحتكروا السلطة وهم يؤمنون بمبدأ تداولها، ولن يستخدموها لفرض أي نمط حياة على أي فرد أو جماعة قليلة كانت أو كثيرة، وأن هناك ما سيشغلهم عن التوافه والنواقص التي منها ما هو محرّم أصلا، ولكن هيهات هيهات يرعوي من يريد لك الهلاك ولا يرى إلا ذاته، ويزعم أنه يمتلك الحقيقة ثم يتهمك بأنك تبغي احتكار الحقيقة، ولله في خلقه شئون!
ويتذرع العلمانيون بتصريح لشخص أو شيخ هنا أو هناك كي يعمموا اتهاماتهم للإسلاميين بالظلامية والتعصب والتطرف والانغلاق...إلى آخر الأوصاف التي سئمنا سماعها، وإذا قيل لهم:إن هذا الشيخ إذا أخطأ في رأي أو اجتهاد فهو يمثل شخصه ليس أكثر فإنهم يرفضون ويرغون ويزبدون ويصرون على مبدأ الاجتزاء القبيح، وقد نسوا –ولكن الأرشيف موجود فيذكرهم- بأن منهم من تجرّأ على النبي والإسلام ودعا إلى تعديل القرآن المحفوظ من الزيادة والنقصان، ولم تسلم من ألسنتهم وأقلامهم المسممّة شريعة الرحمن، وفي ذات الوقت يقولون بأنهم يحترمون الإسلام بل يزعمون أنهم هم أهل الإسلام وأنصار القرآن
(( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا؟الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)) !
إن الحجاب فرض، والخمر والميسر حرام، ولا نخجل من إعلان هذا أمام الملأ، فالنصوص القرآنية واضحة ولا تأويل في هذا الشأن ولا اجتهاد في نص...ولكن معظم النساء في بلادنا يدنين عليهن من جلابيبهن ويضربن بخمرهنّ على جيوبهن، وليس كل الناس يشربون الخمور، ولا تمتهن كثير -ولا حتى قليل تراه عين بلا مجهر- من النساء الرقص، كي نحيل هذه القضايا إلى بؤر توتر ساخنة متفجرة باستمرار ونوقف عجلة الحياة حتى يتم البتّ فيها!
وحين يأتي صحافي عربي أو غربي للسيد رجب طيب أردوغان فإنه يسأله عن سياسة أنقرة الخارجية، وعن كيفية محاربة الفساد الذي كان في بلدية اسطنبول، وعن سرّ التنمية الاقتصادية التي شهدتها تركيا، وكيف تحوّلت مناطق بائسة وملوثة إلى أماكن تسرّ الناظرين وتجلب السائحين والزائرين؟
إلا أن ذات الصحافي حين يأتي لإسلامي عربي فإن يسأله عن رأيه في مواضيع الخمور واختلاط الرجال بالنساء على الشطآن، وهل ستفرضون الحجاب إذا وصلتم إلى السلطة، وهل ستوقفون المسيرة الفنية المتقدمة جدا التي حصدت رزم الأوسكار والسعفة الذهبية؟! من حقي أن أسأل:لماذا الإسلامي العربي فقط يُسأل هذه الأسئلة البائسة السخيفة؟هل عدد البارات في اسطنبول وأنقرة وبورصة أكثر أم أقل من القاهرة والاسكندرية وتونس؟!
فالأولى والأهم أن يُسأل الإسلاميون وكل من سيشارك في النظام القادم عن مشكلة البطالة وطرق تقليص نسبتها وصولا إلى إنهائها، وعن الرؤى والخطط الكفيلة بتطوير وإنقاذ العملية التعليمية التي جعلت جامعات العرب-إلا قلة- في ذيل القائمة، وعن مستقبل الخدمات الصحية ومتى سنستغني عن إرسال مرضانا إلى مشافي فرنسا وألمانيا وأمريكا وربما الجرّاح أو الطبيب المعالج فيها عربي من صلب عربي ورحم عربية لم تتح له الفرصة في وطنه في ظل الاستبداد المتزاوج مع الفساد.هذه هي الأسئلة الكبرى التي يجب طرحها على رجال ونساء النظم حديثة التكوين، ويجب أن يكون الهدف الاستكشاف والتشجيع والمساعدة، لا التشكيك والمناكفة كما هو حاصل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء