"بوابة الموت" في طولكرم.. تطاحن نحو لقمة العيش

15.05.2014 09:36 AM

طولكرم - وطن - همسة التايه: بعد أن أنهكها التعب وأصابها الدوار والغثيان وسط التدافع والتزاحم الشديد الأشبه بـ "معركة بشرية" على بوابة  حاجز "الطيبة" جنوب مدينة طولكرم، لم يكن أمام أم يزن (54 عامًا) من مخيم طولكرم من خيار، سوى البقاء جاثمة مكانها بانتظار الزحف نحو المجهول علها تصل إلى مبتغاها لتأمين قوتها وأسرتها  داخل الخط الأخضر.

وليست المرة الأولى، التي تعاني منها أم يزن -التي تعيل أسرة مكونة من ستة أبناء بينهم حالة إعاقة- من الضغط النفسي واختلاط مشاعر التعب والإرهاق، خلال انتظارها لدورها في العبور واجتياز المعبر، لكنها تعتبر الأقسى يوم الأحد من كل أسبوع، رغم خروجها من منزلها  في ساعات الفجر الأولى. وفي ذلك تقول أم يزن: الخروج الساعة الثانية فجرا لا يعني تفادي الأزمة والتزاحم، بمجرد دخول البوابة ترى (العجايب).

بوابة "الموت" كما يطلق عليه العمال الفلسطينيين، تعتبر نقطة البداية لرحلة المعاناة التي يكابدها أكثر من عشرة آلاف عامل وعاملة فلسطينية يعملون داخل إسرائيل يضطرون لدخول إسرائيل يوميًا، حيث يبلغ طول البوابة حوالي 35 مترًا بعرض يتراوح ما بين (2,5 – 3) أمتار، فيما تبدأ لحظات الخطر الحقيقي بعد هذه المسافة التي أطلق عليها  العمال باللغة العامية "المحكان"، للدلالة على قسوة المسافة التي تقدر بطول سبعة  أمتار ومحاطة بأسلاك كهربائية شائكة (5*5 سم) مزودة بكاميرات مراقبة، ومجسات لتحديد مصدر الصوت، بحيث يعصر الجميع رجالا ونساء هنا...

أم محمد (اسم مستعار) البالغة من العمر 43 عامًا، تعيش ذات المعاناة، وهي التي تعيل خمسة أطفال وحدها، تقول بلهجتها المحلية "تعالوا شوفوا الوضع، شو بدنا نعمل، بدنا نتحمل، منوصل للشغل مش قادرين نشتغل من شدة التدافع والأزمة والتفتيش المذل والمهين" مضيفة "الأكل اللي بإيدي بوصل مهروس.. مثلنا بالزبط".

وناشدت أم محمد من أجل توفير مسلك وبوابة خاصة  لدخول النساء وآخر للرجال عبر الحاجز، والضغط من قبل الجهات المسؤولة على سلطة الاحتلال للتخفيف من الإجراءات التفتيشية المحكومة بمزاج الجنود.

وتعقيبا على أوضاع العمال الحرجة على المعبر، وصف رئيس نقابة العاملين في الصناعات الغذائية والزراعية محمد بليدي، ما يجري على حاجز "الطيبة"، بأنه "امتهان وإذلال لكرامة الإنسان الفلسطيني وأعمال يمكن اعتبارها جرائم حرب" .

وقال إن "إجراءات التفتيش الاحتلالية وممارساتهم القمعية غير مبررة"، داعيًا إلى وقفة حقيقية وجادة ورفع قضايا ضد سلطة الاحتلال لانتهاكها القانون الدولي الإنساني وإجبارها على تطبيق اتفاقيات جنيف ومعاقبة إسرائيل على جرائمها.

كما تفرض شركة أمنية إسرائيلية قيودًا وإجراءات تعسفية، تتحكم بمصير كل من يجتاز المعبر،  حيث تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى اشتداد الأزمة، منها تعطيل العمل أثناء تبديل المناوبات بين الحراس وإغلاق المعبر تحت حجج وذرائع أمنية، وتعمد تأخير فتح البوابة، بالإضافة إلى تشديد إجراءات التفتيش وفحص هويات العمال حيث يتم فتح خمس  نوافذ من أصل 12 نافذة لزيادة الأزمة.


وفي الوقت الذي تقوم إسرائيل بتوثيق  ورصد كافة البيانات والمعلومات الشخصية للعمال على الحاجز ورغم قيامهم مضطرين بوضع بصماتهم خلال إجراءات التفتيش، إلا أن سلطات الأمن الإسرائيلية تجبر الجميع على العبور لاجتياز الماكينة الإلكترونية، المزودة بإشعاعات وتصوير طبقي لفحص الجسم بعد رفع اليدين للأعلى حسبما أكد بليدي.

وتابع بليدي: يتم إجبار العمال على خلع كافة ملابسهم وتفتيشهم عراة داخل غرفة صغيرة من دون نوافذ أو سقف ومقفلة بإحكام شديد.

وأكد رصد وتسجيل عدد من حالات الوفاة والإصابات بالاختناق والضغط وحالات الإغماء، جراء الأزمة الخانقة التي يشهدها المعبر، محملًا الاحتلال مسؤولية الأمر.

تصميم وتطوير