استعادة حمص عاصمة المعارضة ، الدروس و الرسائل ...بقلم : حمدي فراج
وطن: كان مشهد عودة الالاف الى حمص بعد عودتها الى النظام السوري ، هو الخبر اللافت ، وعلى وقعه يمكن تسجيل الملاحظات التالية :
مدينة مدمرة تدميرا شبه كامل ، ومع ذلك كنت ترى الفرحة تغمر سكانها على اختلاف اعمارهم ومشاربهم ، فالعودة الى البيت ومسقط الرأس لا يضاهيها اي فرحة . كانت تلابيب الحزن والاسى على هذا التدمير الوحشي تختزن فرحة العودة المظفرة ، ومشاعر عارمة بأحضان الام الثاكلة ، وعيون صارمة ان لا خروج منها بعد اليوم وتصميم ارادي جماعي على اعادة بنائها من جديد ، ولهذا بات العائدون ليلتهم الاولى كيفما اتفق ، وذهب البعض حتى بجهده الشخصي للاعتناء بالاشجار التي اهملت على مدار ثلاث سنوات .
· لربما ان الكثير من العائدين لم يعيروا اهتماما بالشأن السياسي وبمضمون الصفقة التي ابرمت بين النظام والمعارضة ، كان همهم الاول ان يعودوا الى منازلهم ، ولكن في التحليل الاخير ، فإن هؤلاء العائدين قد اعلنوا انحيازهم الى النظام ، على أمل ان يعيد بناء ما تم تدميره من بيوتهم بعدما نجح في تخليصها من براثن المسلحين ، ولسوف يظهر ذلك بوضوح في غضون الاسابيع الثلاثة المتبقية على اجراء الانتخابات العامة ، وهو أمر حرص النظام على اتمام هذه الصفقة من اجل ضمان انضمام حمص الى العملية الانتخابية .
· كانت الصفقة التي ابرمت بين النظام والمسلحين صفقة ناجحة جدا تسجل للنظام ، الذي عرفناه على مدار عقود طويلة انه صاحب شعارات نارية ترفض المساومات والمهادنات ، فكانت صفقة حمص التي يوافق فيها هذا النظام على خروج آمن لنحو الف ومئتي مسلح بسلاحهم الشخصي ، امرا غريبا على النظام السوري والبعثي عموما . لقد قايض امن المدينة القديمة مقابل انسحاب آمن لمسلحيها ، والاهم من ذلك انه التزم بما ابرمه ووقع عليه ، فجاءت الموقعة اكثر بلاغا وتأثيرا ايجابيا مما كان عليه الحال في موقعة القصير وعين يبرود ومعلولا .
· من بين المناحي ذات التأثير الايجابي المباشر ، هو سرعة تخلي المسلحين والمعارضة عموما على هذا التسليم المشين لمدينة عدّوها حتى وقت قريب انها عاصمة المعارضة ، او بالادق عاصمة الثورة ، وطريقة الخروج المهين من اوكار داكنة وباردة وشبه ملثمين تحجب لحى العديد منهم خيوط الذل والعار عن سحناتهم ، يقومون بتسليم اسلحتهم الثقيلة والمتوسطة ، يصعدون في حافلات اعدها النظام ويرتفع على ناصياتها علم الدولة السورية .
اراد النظام باستعادته حمص على هذه الشاكلة ان يرسل رسالة الى زعامة المعارضة في الخارج ، من انكم لستم اكثر من ادوات مأجورة ، وان علاقتكم بالثورة او المعارضة الداخلية ليست اكثر من أسم بلا مسمى وشكل بلا مضمون ، وهذا ما كان الرئيس بشار الاسد قد صرح به ذات يوم ، من انه لايفاوض العبيد . ... الرسالة مسحوبة على العواصم العربية التي تدعم هذه المعارضة ، في انتظار المدينة القادمة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء