هل أهمَلتْ (السلطة السياحية) برك سليمان، فاستباحها المستوطنون؟ فراس عبيد

09.01.2012 09:03 PM
آلمني جدا ما حدث قبل أيام من استباحة مئات المستوطنين لموقع (برك سليمان) الأثري الفلسطيني العريق على مدخل بيت لحم الجنوبي، وهالتني الصور التي وردت لهم وهم ينزلون درج البرك العملاقة ويطوفون فيها كأنها أملاك خاصة بهم!
لكن ما آلمني أكثر هو الإهمال السياحي الفلسطيني الرسمي لهذا الموقع الأثري والسياحي العظيم، الذي لا يقل في قيمته الجمالية والهندسية والسياحية عن مقدساتنا في القدس.
ومؤلم كذلك أنني أشرت في غير مقال إلى أهمية موقع برك سليمان للسياحة الفلسطينية الداخلية، ولنقاط الجذب السياحي الفلسطيني العالمية.. ولكن (أسمعتَ لو ناديت حيا..).
وبحسب موسوعة ويكيبيديا فإن الموقع يمكن إيجازه بأنه: ثلاثة برك ماء (برك:جمع بركة ماء)، انشأهم السلطان العثماني سليمان القانوني في جنوب مدينة بيت لحم في الضفة الغربية بفلسطين، في سنة 943هـ، وتتسع البرك إلى حوالي 160,000 متر مربع من الماء، ويوجد بالمنطقة المحاطة بهم ثلاثة اعين ماء تصب بهذه البرك، وتعتبر مياه البرك في السابق من أهم مصادر المياه لمدينتي بيت لحم والقدس.
وكذلك رممّ السلطان سليمان سور القدس القديم الموجود إلى الآن، وهو صاحب العيْن الموجودة بعرفة لخدمة الحجيج، وكانت له نفقات على أهل الحرمين وكانت مادة حياة أهل الحرمين من تلك الأموال اما اليوم فقد تم تجفيف هذه البرك وتعتبر منطقة سياحية واثرية يتردد عليها أبناء المنطقة والسياح. وهناك قلعة بجانب هذه البرك تسمى قلعة برك سليمان.
أما أنا فأصفها: برك عملاقة، لا تكاد تجد لها نظيرا في العالم، محاطة بأشجار ضخمة تزيد من جمالية المشهد، وتفقد محافظة بيت لحم نصف قيمتها السياحية والأثرية عندما تهمل برك سليمان ويجفف ماؤها. وقد كنت من المحظوظين الذين عايشوا برك سليمان فترة امتلائها بالماء ولمعان مياهها تحت شمس أصيل بيت لحم مع صوت أم كلثوم.. والناس تتدفق للتمتع بجمالها ولتهدئة أعصابها!
المشهد الآن في البرك: مكان مهمل موحش محاط بأسلاك شائكة فلسطينية! ومكب للنفايات! وماذا أكثر من ذلك بشاعة؟!
ثمة أكثر من ذلك وأطرف.. القول بأن البرك أغلقت وجففت لأن أشخاصا غرقوا فيها!
يا سلام.. نغلق موقعا سياحيا يرتاده مئات الآلاف لأن أشخاصا غرقوا فيه! تعالوا نغلق البحر أمام الناس إذن!
وكأن الفلسطينيين عاجزون عن إدارة موقع سياحي وحمايته وتنظيمه بحيث يأمن الناس على أرواحهم! ما هذا بقول عاقل والله!!
ترى ماذا تقول (الخطة الاستراتيجية) لوزارة السياحة ولمحافظة بيت لحم.. أمام هذا الخراب بأيد فلسطينية؟ وكيف ستقنعنا السلطة السياحية الرسمية بخططها وبنجاحاتها؟ أم أن الحجيج الديني السنوي إلى بيت لحم والتقاط الصور مع كبار المسؤولين مسوغ كاف لوجود السلطة السياحية الرسمية وللقول ببراعة أدائها وشمول تخطيطها السياحي؟
اتقوا فلسطين في برك سليمان!
واتقوا مواطنا متعبا يتمنى لو يجلس في أفياء البرك ليزيل حمله الثقيل!
واتقوا موقعا لو استمر إهمالكم له فلن يظل لكم!
واعلموا أن أولى أولوياتكم الساحية الداخلية يجب أن تكون إعادة ملء البرك بالمياه، وتحويلها إلى مركز للسياحة الداخلية من الدرجة الأولى – بتذاكر.. ولن يكلفكم شيئا سوى القرار وبضعة حراس في الليل والنهار! فالمنطقة جميلة بطبيعتها! والجمال قبلة المواطن والعاشق والمسؤول منذ بدء الخليقة!
أما آن الأوان يا برك سليمان!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير