هل ينجح المتجهون الى غزة في صنع المعجزة و يتحقق الحلم ؟؟- بقلم: سامر عنبتاوي

23.04.2014 10:15 AM

اتجه اليوم وفد من الضفة برئاسة عزام الاحمد و مشاركة امناء عامون لفصائل وطنية الى قطاع غزة في محاولة وصفت بالتفاؤل في انجاز ملف المصالحة و انهاء الانقسام عبر الاتفاق على حكومة تكنوقراط لمدة ستة اشهر برئاسة الرئيس ابو مازن تكون مهمتها التحضير لانتخابات رئاسية و تشريعية و اعادة تشكيل منظمة التحرير و التمهيد لانتخاب مجلس وطني ...و قد تزامن ذلك مع وصول الاخ موسى ابو مرزوق للمشاركة في اللقاءات بمباركة مصرية على ما يبدو و التي منحته الاقامة في مصر اضافة الى خمسين قيادي في حركة حماس رغم الخلافات بين القيادة المصرية و قيادة الحركة و التي اخذت اشكال مختلفة و متعددة.

ولعل الشعب الفلسطيني الذي دفع غاليا فاتورة هذا الانقسام الذي انعكس بشكل كبير على كافة نواحي الحياة الفلسطينية الوطنية و الاقتصادية و النسيج الاجتماعي و تمحور في الثقافة و حالة الكراهية وعدم القبول لدى طرفي الانقسام ...لعل الشعب - و من حقه ذلك -ان لايتوخى الرجاء و الامل بالوصول لاتفاق تاريخي ينهي هذه الحقبة البغيضة و المهينة للكل الفلسطيني في كافة اماكن تواجده و ذلك لاسباب وجيهة اهمها عشرات الوعود بقرب التوصل لاتفاق و انجاز المصالحة سيما بعد العشرات من جلسات الحوار التي لم تيقى جهة عربية او اقليمية لم تتدخل او تحتضن اللقاءات دون الوصول الى اي تنائج ..بل على العكس من ذلك تصاعدت الهجمات الاعلامية بين الطرفين و استمر و ازداد الاعتقال السياسي و الملاحقات و اغلاق المؤسسات و غيره .

ساحاول طرح ثلاثة اسئلة محورية تتعلق بالموضوع باحثا عن اجابات بشكل موضوعي ..و الاسئلة هي حول العوامل الذاتية لكلا الطرفين و مدى تأثيرها سلبا او ايجابا على ملف المصالحة ..و السؤال الثاني حول المؤثرات الاقليمية و الدولية بكل انعكاساتها ايضا على الطرفين لدفع عجلة المصالحة او وضع العصي في دواليبها ...و السؤال الاخير حول السيناريوات المتوقعة كنتاج لهذه اللقاءات. و ساحاول الصراحة و الموضوعية في الاجابة على هذه الاسئلة و ليعذرني البعض ممن يختلفون في هذه النقطة او تلك .

فيما يتعلق بالسؤال الاول ولنبدأ في حالة السلطة في الضفة الغربية و حالة الوصول الى موقف غاية في التعقيد و الذي افرزته مفاوضات عبثية اصطدمت بالتعنت الاسرائيلي و الوصول الى نهاية الاشهر التسع المخصصة للمفاوضات و التي وضعت السلطة في موقف صعب امام خيارين اولهما رفض التمديد للمفاوضات بشكل كامل و بالتالي مواجهة الضغوطات الدولية و الاسرائيلية الامر الذي يتطلب بالتاكيد بناء الجبهة الداخلية بناء على التوحد و الاستناد الى برنامج وطني واحد في مواجهة الضغوطات ..و الخيار الثاني هو الرضوخ لهذه الضغوطات و تمديد المفاوضات مما يجعل السلطة امام النقد الشديد من قبل الشعب و قواه الامر الذي سيفجر امكانيات الوحدة و يزيد الفرقة ..و بكلمات اخرى ارى ان المصالحة تتناسب طرديا مع وقف المفاوضات و عكسيا مع الاستمرار فيها الا اذا صيغت هذه المفاوضات بمرجعية واضحة تتعلق بالاقرار الاسرائيلي بمسائل الحل النهائي و ترسيم الحدود و كافة القضايا الاخرى الامر الذي يبدو بعيد المنال بل مستحيلا في ظل موازين القوى الحالية و التعنت الاسرائيلي و سياسة فرض الامر الواقع ...اذا فالمنطق يقول ان تتخلى السلطة عن جعل المفاوضات الخيار الوحيد و ان تتجه لاقرار المصالحة الوطنية الشاملة على اسس نضالية تشكل قواسم مشتركة للجميع على ارضية رفض و مواجهة الاحتلال فهل ستفعل ذلك ؟؟ قد تكون الاجابة ممكنة بعد الاجابة على بقية الاسئلة...اما عن حالة قيادة حركة حماس في غزة فهي تحمل ايضاالكثير من التعقيدات و لعل من اهمها اقرار الكثير من قيادات الحركة بعدم القدرة المنفردة على قيادة الشعب و الصعوبات الادارية و الاقتصادية و السياسية ايضا على قيادة دفة الامور و الوقوع في اشكالية اللا مقاومة و اللا عمل سياسي في حالة التحوصل على ردود الفعل المحصورة بالدفاع عن قطاع غزة دون رؤية واضحة او استراتيجية شاملة للقضية برمتها في ظل ممارسات الاحتلال بالمصادرة و التهويد و فرض سيطرته على الضفة بعد عزل غزة ..ناهيك عن الاثمان التي تدفعها الحركة على صعيد سياساتها و مواقفها و تحالفاتها ضمن المتغيرات العربية و الاقليمية و التي انعكس تأثيرها الكبير على الحركة بكل المجالات السياسية و الاقتصادية و القدرة على الحركة. اضافة الى وجود حالة من اختلاف الاراء حول الذهاب الى النهاية في اعادة رؤيا و استراتيجيات الحركة ضمن العملية السياسية ..او التمترس حول الموقف الحالي بكل ارهاصاته و انعكاساته مهما كان الثمن ...فهل حضور ابو مرزوق سيحسم هذا الامر و يقوى التيار الداعم لتحسين علاقات الجوار وانجاز المصالحة و تحسم الحركة امرها بهذا التوجه ؟؟ايضا قد تكون الاجابة كامنة في السؤالين التاليين.

للاجابة على السؤال الثاني و المتعلق بالتأثيرات الدولية و الاقليمية نبدأ بحركة حماس و التي اصبحت ترى نفسها امام خيارين لا ثالث لهم ..الاول ان تواجه قوى دولية و اقليمية منفردة و لعل اهمها الجارة مصر و التي تحمل مفاتيح الحصار المفتوح على غزة و انعكاساته الاقتصادية و الصحية و الاجتماعية و بالتالي العيش في جزيرة منعزلة مما قد يفجر معارضة شعبية للسياسات في ظل الحالة الانسانية الغاية في السوء التي يعيشها ابناء القطاع و يزيد من عزلة القيادة في غزة و تحويلها لسلطة تقمع الشعب و تفرض سياستها عليه و لعل هذه الاثمان الباهظة كبيرة و اكبر من حمل الحركة في ظل مناخ شعبي يريد الوحدة و الخلاص من الحصار...و الخيار الثاني امام الحركة هو فعلا انهاء حالة الخلاف مع القوى الاقليمية في ظل تراجع المد الاخواني في العالم العربي و المتغيرات الاخيرة في الخليج العربي في ظل تراجع قطر عن مواقفها و احتضانها للاخوان رضوخا للضغوطات الخليجية و المصرية....اما فيما يتعلق بالسلطة في الضفة فان التأثيرات الاقليمية و الدولية ليست اقل من شبيهتها في غزة و ان كانت باشكال مختلفة و لعل من اهمها الضغوطات الامريكية و الاوروبية لاستمرار المفاوضات و التلويح بالمساعدات و المنح التي تعتمد عليها السلطة بشكل كبير نظرا لكون الاقتصاد الفلسطيني مرتبط بهذه المساعدات و ملحق و تابع للاقتصاد الاسرائيلي تبعا لاتفاقية باريس ..و لايقل عن ذلك اهمية بل قد يزيد التأثيرات الاسرائيلية على كافة النواحي الاقتصادية و الامنية و حتى وجود السلطة نفسها التي وجدت نفسها امام خيار حل السلطة و اعادة الامور للاحتلال او الرضوخ لاملائاته و اصبحت السلطة عبئا على الشعب كمن وضع المنجل في جوفه فلا يستطيع بلعه اواخراجه ..وكل هذه الضغوطات و خاصة الاسرائيلية تحشر السلطة في الزاوية و تحاول بكل قوة ابعادها عن خيار المصالحة ..و ذلك كله يضاف الى الحالة العربية البائسة و التي ظهرت جليا في القمة العربية الاخيرة و التي تركت الفلسطينيين فريسة للضغوطات الامريكية و الاسرائيلية.

و نصل الى السؤال المركزي الثالث : ما السيناريوهات المتوقعة لنتائج اللقاءات في الايام القادمة و التي احصرها في ثلاث سيناريوهات سريعة ..السيناريو الاول و الذي يتمناه الكل الفلسطيني و هو الوصول الى انهاء لحالة الانقسام بالكامل و التوجه الى بناء الوحدة الوطنية حسب اتفاق القاهرة و تجسيد الوحدة قولا و عملا في مواجهة الاحتلال ..و السيناريو الثاني : بقاء الحال على ما هو و ابقاء الحوار مفتوح شكليا مما يزيد من ممارسة الطرفين على الارض الامر الذي يعزز فصل الضفة بالكامل عن غزة و استمرار حالة قمع الحريات و الاعتقال السياسي لدى الطرفين و كل ذلك يصب في مصلحة الاحتلال بعزل غزة و الاستفراد و الهيمنة على الضفة و قد يتضمن انتخابات رئاسية و تشريعية منفردة في الضفة بدون غزة مما يكرس عمليا الفصل الكامل...و السيناريو الثالث و الذي يشابه الثاني الى حد ما و هو ادارة الانقسام و ليس حله و هو الظهور بالتوصل الى اتفاقات على ان يبقى الكيانين منفصلين و يدار كل من قبل الحركة المسيطرة و هذا السيناريو لا يقل سوءا عن الثاني بافرازاته و انعكاساته.

والنتيجة الى ماذا سنصل؟؟ اعتقد ان هذه المحاولة قد تكون الاكثر اهمية و الفرصة الاخيرة ضمن ما ذكرت من عوامل منطقية و داعمة و موجهة نحو الوحدة رغم التحديات و المعيقات و اننا الآن امام فرصة تاريخية لتجسيد وحدة وطنية راسخة حول برنامج وطني شامل يعزز صمود الشعب و يواحه المخططات الاسرائيلية و يعزز الدعم لشعبنا و حقوقه ..و ان اهدار هذه الفرصة هو عبث و مقامرة بمقدرات الشعب الفلسطيني و حقوقه و تاريخه و مستقبله يتحمل مسؤوليتها الطرفين و شعبنا و دم شهدائنا و انين سجناء الحرية و حنين اللاجئين الى ارضهم و اجيالنا القادمة لن ترحم و لن تسامح من يفوت الفرصة و يستبدلها بالمصالح الفئوية و العصبوية...عودوا متفقين بشكل حقيقي و جدي اوغادرونا الى المجهول.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير