معادلة عن حل السلطة واجتياز خط الدائرة - بقلم: حمدي فراج
تزايد الحديث مؤخرا عن حل السلطة الفلسطينية وتسليم مفاتيحها الى ضابط اسرائيلي في إشارة الى عودتها للاحتلال العسكري ، او للأمم المتحدة التي اعتمدتها مؤخرا دولة مراقبة ، بحيث يقع على عاتقها استكمال هذا الاستحقاق الذي لم ينجح في تجسيد اي منحى من مناحي الاستقلال والحرية رغم مرور عامين على اقراره .
ومهما يكن من شيء ، فإن قرار حل السلطة ، لا يبدو اكثر من محاولة تلويحية تقوم بها السلطة في وجه اسرائيل وامريكا ، وهي محاولة متكررة ومجترة ، قام بها ياسر عرفات ومحمود عباس من قبل ، بعد العوائق الهائلة التي اعترضت طريق التفاوض ، وهي بدون ادنى شك كثيرة ومتنوعة ، امتدت على مدار حقبة زمنية غطت تاريخ بدء عملية التفاوض التي اعقبت التوقيع على اعلان المبادئ في اوسلو والبيت الابيض قبل احدى وعشرين سنة ، وما زالت مستمرة حتى اللحظة .
لا أحد بالطبع ينكر ، ان قيادة المنظمة ترغب مخلصة في الاقدام على هذه الخطوة ، فهي على الاقل تتحلل من مسؤولية استمرار عملية تفاوض عقيمة ، لطالما وصفت بالمفاوضات العبثية ، ولطالما ذهبت قيادة السلطة الى اجتراح اقتراحات بديلة كالدولة المراقبة ، او التقدم للعضوية في المنظمات الدولية ، و مقايضة التمديد باطلاق سراح اسرى تأخر تحررهم عشرين سنة ، وما زال موضوعهم عالقا حتى الساعة ، بل لقد تم ربطهم بمصير الجاسوس الاسرائيلي جوناثان بولارد .
وهناك اسباب اكثر جوهرية بالرغبة الدفينة لقيادة المنظمة حل هذه السلطة وتسليم مفاتيحها ، وهي ان اسرائيل ترتكب جرائمها بحق الشعب الفلسطيني والارض الفلسطينية على مرأى ومسمع من هذه القيادة التي فشلت كل محاولاتها في وقف تلك الممارسات لا وفي الحد منها ، وخاصة موضوع الاستيطان الذي لم يتوقف يوما واحدا – جمّد بضعة أشهر- ، ولقد باتت القيادة مدركة ان قادم المفاوضات أخطر بكثير مما قد مضى وانطوى ، فالحديث عن القادم يطول الاستراتيجي ، بعكس الذي مضى وانطوى والذي لم يطل الا الحياتي والعابر . فموضوع اطلاق سراح الاسرى القدامى يستغرق كل هذا الوقت ولما يزل ربعهم يتوجعون في قيدهم ، فما بالكم حين يصل الحديث الى القدس وماذا عن اللاجئين وعودتهم ، وماذا عن المستوطنات و الحدود والاغوار وماذا عن المياه والسماء والسلاح ، وهي ما اطلق عليه في اوسلو ، قضايا الحل الدائم ، والتي تم ترحيلها من فترة الى فترة ثم من حقبة الى حقبة ثم من جيل الى جيل .
ان الدعوة لانعقاد المجلس المركزي قبيل انتهاء مدة التفاوض المحددة في نهاية نيسان الجاري ، دلالة كافية ان "حل السلطة" ليس اكثر من محاولة تلويحية لها اهميتها عندما لا يدرك العدو كنهها .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء