وينك يا قانون وينك طال غيابك عنا ! سامر عبده عقروق.

06.04.2014 02:33 PM

هناك ظاهرة في مجتمعنا تستحق ان يتم التوقف عندها مطولا ، وان تدرس بعمق من قبل المختصين ، وهي الاعتقاد السائد ( إن الوظيفية العمومية هي آمنه مستقرة لا عقوبة فيها على الإطلاق وأن من دخلها كان آمنا ) والاعتقاد الآخر( أن العمل العام هو تشريف وليس تكليف ) وفي الجزء الثاني نتحدث عن الجمعيات والمؤسسات الخيرية والبلديات والغرف التجارية والنقابات المعنية والمجالس القروية والمحلية.

ومن باب الموضوعية انأ أتحدث عن الأوضاع ، حسب أعلاه ، عن الضفة الغربية لأني لم أرى واقع الحال في غزه ، ولعله لا يختلف كثيرا.

ولعل من حق الناس ان تردد السؤال ، الذي يدور على ألسنة أعداد كبيرة منهم ، كيف يمكن ان نصنف السلوك الوظيفي لعدد كبير من موظفي المؤسسة العامة ومؤسسات الخدمة العامة ؟ علما ان من يشغلون هذه الوظائف لا بد أنهم يعرفون أنهم مستخدمون في وظائفهم لتقديم الخدمة النوعية ، الخدمة التي تيسر أمور المواطن ولا تشكل حجر عثرة من اجل حصوله على الخدمات ، ويطلقون عليه لقب ( موظف عام  PUBLIC SERVENT  ) ، والسبب في الكتابة بهذا الموضوع ، أدام الله عليكم نعمة عدم  مراجعة الدوائر هو التالية :

• انتشار الاعتقاد بين الكثيرين ممن يترشحون للعمل في ، وإشغال مواقع عامة في الجمعيات والمؤسسات البلدية ، والغرف التجارية ،والنقابات المهنية ،والأهلية ان الموقع والمنصب الذي يشغلوه هو جزء من حقهم على المجتمع ، ويتحول إلى جزء من الإرث والوقف العائلي ، وينسون ويتناسون ان المواطن هو الذي أوصلهم إلى هذه المواقع والمناصب من خلال صناديق الاقتراع ، وأنهم وافقوا ضمن الاتفاق في العرف على خدمة هذا الإنسان وتسهيل وتيسير أموره الحياتية ، ومن اجل تحقيق العدالة والمساواة بين الأفراد الذين انتخبوهم بغض النظر عن درجة القرابة أو المصالح والمنافع المشتركة ، وأنهم في اللحظة التي يثبت انتفاعهم من المنصب فأنهم بالقانون سيقدمون للقانون بتهمة الفساد واستغلال المنصب العام.

ولعل ما أثار هذا الموضوع ، وفي هذا الوقت بالذات ، ان الكثير من السلوك المهني ، وسلوك الموقع يحتم على شاغله ان يتصف بالترفع عن المصالح الشخصية والانتفاع ، احترام الآخرين والتواضع أمامهم بغض النظر عن مكانتهم ، وبشرط تبادل السلوك ، كما يجب ان يبتعد من يشغل هذه المناصب عن السلوك الفوقي والعنجهية التي تضاعف الأخطاء والسلوك المشين وتراكمه  في عقول وذاكرة الآخرين، والاهم من ذلك معرفة ان من حق أي مواطن ان يطلب الخدمة من هذه المؤسسات ، ومن حقه ان يتم الابتعاد في التعامل معه عن لغة التهديد والوعيد ، والتهجم اللفظي المسئ ، والتهديد اللامدروس بالتحويل إلى المحاكم والقضاء ، لأني انأ بدي هيك !!! .

ولعل مشكلة المواطن الفلسطيني انه لا يعرف ان من حقه التوجه إلى القضاء ، حسب القانون
الأساسي الفلسطيني ، لمقاضاة أي موظف عام أو أي شخص منتخب لمنصب عام ، يطالبه به الوفاء بالوعود المكتوبة التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية ، ووزعت مكتوبة، ذلك انه ما وزع هو تعهد أخلاقي بذلك ، وان هذه الوثائق هي بمثابة تعهد مكتوب بذلك، وهناك سوابق قانونية لذلك في عدد من دول العالم.

• المشهد الآخر ، وهذا حصل فعليا في احدى الدوائر الحكومية ، دخل صديقي أبو السعيد ، وهو مستثمر مقيم أصلا في الولايات المتحدة حيث يحصل على كافة معاملاته هناك بالبريد دون الرجوع إلى الدوائر والوقوف بالدور وانتظار ان يتكرم  احدهم بالرد على استفساراته ، دخل صديقي إلى احد المكاتب حيث يجلس موظفين ، واحد يلعب السوليتير على جهاز الحاسوب ، الثاني يلعب الدودة على جهاز هاتفه المحمول ، والثالث شبه مستلقي ويخربش على ورقة ، السلام عليكم صباح الخير يا شباب ، لا رد ، وما حدا فيهم رفع نظرة علشان يشوف مين اللي دخل المكتب ! نحاول مرة ثانية قال أبو سعيد في عقله ، السلام عليم يعطيكم العافية يا شباب ، برضه ما في رد ، مشغولين بالتفكير في مبادرة كيري وتصريحات عريقات حول إعادة تشكيل المجلس الوطني والتهديد بإكمال الانتساب والتوقيع على بقية المعاهدات الدولية ، ومتى سننزل إلى المسيرة علشان نروح نأكل صحن فول ونشرب أرجيلة ، يا شباب في معاملة لإنشاء مصنع بسيط ممكن يستوعب 10-15 عامل و 3 مهندسين وعدد من الباعة المتجولين والتسويق ، الرد ، والله لسه ما وصلنا أي شئ من رام الله ، الله يخليك تنظر في البريد لأنهم قالوا أنهم أرسلوه لكم ، قال أبو السعيد ، الرد ، يا زلمه كنك مش شايفنا مشغولين .....................

هذا الترهل الوظيفي ، وضعف بل سوء الأداء ،  والانتماء الواعي لمؤسسة هذا الوطن ، وسلوك الناس المنتخبين لشغل المناصب الخدمية العامة في التهديد والوعيد والإدارة الفردية المتسلطة ، والتعامل مع مصالح الناس على أنهم خدم يعملون في ارثهم العائلي إثبات قطعي وعلمي وعملي على أننا لم نبني مؤسساتنا بشكل سليم وواعي ولم نخلق سلوك الانتماء ، والممارسات المشار إليها أعلاه هي فساد إداري ويؤدي إلى هدر للمال العام.

وينك يا قانون وينك طال غيابك عنا.
إنهاء الدردشة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير