جهود حماية الصحفيين على المحك.. بقلم: منتصر حمدان
إن زيادة جرائم قتل الصحفيين وملاحقتهم بصورة مضطردة تضع جهود المنظمات والاتحادات والنقابات الصحفية الوطنية والدولية التي تبذلها لحماية الصحافيين على المحك وأمام تحديات كبيرة، ما يدق ناقوس الخطر تجاه ما يتعرض له الصحفيين بشكل عام والمصورين الصحفيين بشكل خاص.
إن استمرار هذا التدهور الأمني وزيادة أعداد الزملاء الصحفيين والصحفيات، يحتم على كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية والقانونية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والقوى السياسية، الخروج عن حالة الصمت المريبة إزاء تصاعد هذه الجرائم التي تؤدي الى إلحاق خسائر جسيمة بالصحفيين وتمس حقوقهم في تنفيذ المهام الإعلامية، وتمس بالتالي حق عامة المواطنين في الحصول على المعلومات التي ينشرها الصحفيين عبر وسائل الإعلام المختلفة.
الإحصائيات والأرقام لأعداد الصحفيين الذين قتلوا العام الماضي وفي بداية العام الجاري حتى تاريخ كتابة هذه الكلمات، تعكس طبيعة المخاطر الجسيمة التي بات يواجهها الصحفي الميداني كما تعكس مستوى واحترافية الجهات التي تستهدف الصحفيين بطريقة مقصودة، ما يستدعي ويتطلب من كافة المؤسسات الصحفية الوطنية والإقليمية والدولية لبدء أوسع تحرك دولي ومحلي لحماية الصحفيين وضمان سلامتهم والعمل على تغير منهجية العمل القائمة التي تجعل الصحفيين يعملون في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، وتظهر بالقدر ذاته المسؤولية التي يجب أن تتحملها المؤسسات الإعلامية لضمان سلامة طواقمها الصحفية الميدانية.
إن إصدار بيانات الشجب والاستنكار والإدانة لهذه الجرائم بحق الصحفيين لم تعد كافية ولن تساهم في خفض هذه الجرائم او الحد منها، ما يستدعي من كافة المؤسسات الحقوقية والصحافية والإنسانية التعامل الجدي مع المخاطر والتهديدات التي يعمل فيها الصحفيون وأهمية وضع سلامة الصحفيين ضمن الأولويات للمؤسسات المحلية والدولية والضغط على المؤسسات الحكومية الرسمية والحكومات من اجل توفير سبل الحماية والإسناد للصحفيين في أداء مهمتهم النبيلة تجاه المجتمع الإنساني برمته.
التقارير والدراسات التي توثق وترصد الجرائم بحق الصحفيين على المستوى الدولي تؤشر الى وجود سياسة ممنهجة في ملاحقة واستهداف الصحفيين بوسائل وطرق مختلفة أخطرها القتل على خلفية العمل الصحفي، حيث أشار تقرير حديث صادر عن حملة الشارة الى مقتل 27 صحفيا وصحفية منذ بداية عام 2014، خلال المظاهرات وأعمال الشغب الأمر الذي يثير القلق لهذه المؤسسات ويثير الرعب في نفوس الصحافيين الذين باتت جهودهم تنصب على آليات ووسائل الحماية والسلامة بدلا من مواصله عملهم المهني في جمع وتوثيق المعلومات ونشرها.
إن تدعيم وتعزيز برامج تدريب سلامة الصحافيين يجب أن يقف على رأس أولويات كافة المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية من خلال رصد موازنات مالية مخصصة لتدريب الصحفيين وتطوير قدراتهم وتوفير المعدات والأدوات لضمان سلامتهم، في إطار "رد الجميل للصحفيين" من قبل أصحاب المؤسسات الإعلامية وإداراتها وإجماع المنظمات الدولية بما فيها الاتحاد الدولي للصحفيين في إطار مسؤولية الحماية وواجب الرعاية ، نظرا لما يقومون به من مهام إعلامية خطرة في سبيل نشر المعلومات والمعرفة على مستوى المجتمعات البشرية، وأن إقدام الحكومات والدول على إقرار قوانين حق الحصول على المعلومات لتكون متاحة للمواطنين هو خطوة بالغة الأهمية في خفض إعداد الصحفيين الذين يدفعون حياتهم لقاء الحصول على تلك المعلومات ونشرها، كما أن ضمان ملاحقة قتلة الصحفيين وعدم إفلاتهم من العقاب وتقديمهم لمحاكمات عادلة يشكل ركيزة أسياسية في مواجهة سياسة استهداف وقتل الصحفيين مع ضمان تعويضات منصفة وعادلة لأهالي الصحفيين ضحايا هذه الجرائم والاعتداءات، وتعزيز الشراكة الحقيقية بين كافة المؤسسات الإعلامية والصحفية لحماية الصحفيين أمام هذه الجرائم وتصاعدها.
وفي الإطار ذاته فان تفعيل مستوى التضامن في أوساط الصحافيين على المستوى المحلي والإقليمي والدولي يشكل دعما وإسنادا لا يستهان به على المستوى المعنوي والمادي لتعزيز دور الصحفيين وتقوية مناعتهم الذاتية والجماعية في سبيل درب حرية الكلمة وحرية العمل الصحفي باعتبارها حقوق مكتسبة لن يردعها الرصاص او العبوات الناسفة او الاختطاف او التهديد.
إن تصاعد مثل هذه الجرائم وارتفاع عدد الضحايا من الصحفيين يجب أن يشكل حافزا قويا لمواصلة الجهود من اجل تكريس حرية العمل الصحفي وخلق بيئة آمنة لأداء مهامهم الصحفية، خاصة إننا نقترب من احتفالية يوم حرية الصحافة في بداية الشهر المقبل التي يجب تحويلها الى مناسبة لإعلاء الصوت الجماعي لجمهور الصحفيين على المستوى المحلي والإقليمي والدولي بشعار واحد " سنواصل ولن تكسرنا هذه الهجمات وهذا الاستهداف ".
منتصر حمدان – مدرب السلامة المهنية للصحفيين
[email protected]
00972599316466
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء