حول الافتقار الى الامن الغذائي في بلادنا ؟ بقلم: الدكتورعقل أبو قرع

قبل عدة ايام، اشار تقرير صادر عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين الى الارتفاع في عدد العائلات الفلسطينية التي لا تستطيع تلبية الاحتياجات الغذائية الاساسية، وبالتالي ازداد عدد الناس الذين يفتقرون الى الامن الغذائي، واضاف التقرير ان حوالي 195000 شخص في المخيمات في الضفة الغربية يفتقرون الى الامن الغذائي ولا يحصلون على مساعدات غذائية، وان الوضع في غزة هو ليس بالافضل، وان نسبة الافتقار الى الامن الغذائي قد ارتفعت من 25% في عام 2009 الى حوالي 35% في عام 2012، ومن المتوقع ان تزداد هذه النسبة، في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية.
وحسب منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة " الفاو"، فأن تحقيق الأمن الغذائي للجميع هو عنصر محوري في جهود المنظمة بغية تمكين الناس من الحصول دائماً على ما يكفيهم من الأغذية الجيدة، وذلك للتمتع بحياة ملؤها النشاط والصحة، وتضيف "الفاو" "ان الامن الغذائي يتحقق عندما يتمتع البشر كافة في جميع الاوقات بفرص الحصول من الناحيتين المادية والاقتصادية على اغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية".
ومن هذا المنطلق او التعريف للامن الغذائي، فان هذا يعني ان اكثر من ثلث الفلسطينيين لم يتمكنوا من الحصول على اغذية كافية وسليمة في جميع الاوقات، وذلك بسبب الظروف المالية والاحوال الاقتصادية، وبما ان النسبة كانت في ازدياد، فأنة من المتوقع ان تزداد هذا العام كذلك، هذا رغم الحملات لدعم الزراعة وتوفير الغذاء، ورغم مئات الملايين من اموال الدول المانحة التي تتدفق، وفي العادة تحت شعار تحقيق التنمية المستدامة، ومنها استدامة انتاج وتوفر الغذاء وبالتالي استدامة الحصول علية.
وعلى مستوى الدولة، "فأن الامن الغذائي يتحقق حين تنتج البلد كل احتياجاتها من الغذاء الأساسي أو تكون في استطاعتها الحصول علية من الخارج تحت أي من ظروف ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، ومن هذا المنطلق كذلك، فأن هذا يعني اننا كبلد لم ننتج كل احتياجاتنا من الغذاء، وبالادق الاغذية الاساسية، اي القمح او الخبز واللحوم والدواجن والخضروات وما الى ذلك من غذاء اساسي لا يستغني عنة الانسان، او اننا لم نستطع توفير احتياجات الغذاء الاساسية من الخارج بقوانا الذاتية، اي بدون انتظار المساعدات او المنح او التبرعات من هنا وهناك.
وبالتالي، ولكي يتحقق الامن الغذائي في بلادنا، فأننا يجب ان ننتج غذائنا بأمكانياتنا وباستخدام مصادرنا المتوفرة، من ارض ومياة وبشر، اي نزرع وننتج، ومن ادوات واجهزة ومصانع، اي نصنع المنتج الغذائي النهائي، والاهم من سياسات وخطط ومشاريع وعقول وكوادر مدربة، تخطط وتتابع الانتاج، والاهم ترسي ثقافة الاستدامة في الانتاج، اي ليس الانتاج او توفير الغذاء لمرة او لعدة مرات فقط.
والاستثمار في الزراعة في بلادنا، وان تم بالشكل وبالتخطيط المطلوب، من الممكن ان يضع حلولا لجسر الفجوة في الامن الغذائي،واذا كان التصنيف السياسي الحالي للاراضي الفلسطينية الى ا، وب، وج، ومن ثم عدم قدرة الجانب الفلسطيني على الاستغلال الامثل لاراضي الاغوار وارض اخرى في الضفة، بسبب التصنيف ج، الا ان هناك العديد من الخطوات التي يمكن القيام بها لدعم القطاع الزارعي الفلسطيني كقطاع انتاج حيوي للاقتصاد وللحفاظ على توفر الانتاج وعدم رفع الاسعار وبالتالي الامن الغذائي والاجتماعي، واذا كان تقرير سابق للبنك الدولي قد اشار الى ان منطقة الاغوار فقط يمكن ان تدر للاقتصاد الفلسطيني، حوالي مليار دولار سنويا، اذا تم استغلالها بالكامل وبالاخص للزراعة، اي اذا تم ازالة العوائق الاسرائيلية، فدعنا نفترض اننا وحسب الوضع الحالي، واذا قمنا باعتبار ذلك اولوية وطنية، يمكن تحقيق ليس الاستغلال الكامل، ولكن نسبة معينة من هذا الاستغلال ودعن نفترض 25% من ذلك، وهذا يعني عائد حوالي 250 مليون دولار سنويا، ومع توفير المزيد من الفرص للعمل، والحفاظ على الاسعار، وتوفير المنتج الوطني، والاهم تحفيز القطاع الزراعي كقطاع انتاجي مستدام، ومن تقليص الفجوة في انعدام الامن الغذائي.
وان لم نستطع ان ننتج كل غذائنا الاساسي، فأننا من المفترض ان نكون قادرين على توفيرة من الخارج، وبمصادرنا الذاتية، وبدون انتظار المساعدات والتي في العادة ترتبط بشروط وقيود وتوفر الظروف، وهذا يتطلب وكما تفعل الدول، وجود احتياطي من العملة الاجنبية لشراء وبالتالي توفير الغذاء ويالاسعار العالمية وبالجودة والسلامة اللازمتان، وفي كل الاوقات، والا انعدم الامن الغذائي للمواطن الفلسطيني.
وفي ظل التقلبات السياسية والاقتصادية، وكذلك في ظل التغيرات المناخية وتأثيرات الانسان على البيئة، وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الارض، وقلة الامطار في بعض بقاع الارض، واحتمالات التصحر وغياب المساحة الزراعية، اصبح الامن الغذائي مفهوم او واقع غير مؤكد، وهناك بعض الدول التي باتت لا تستطيع انتاج الغذاء بسبب قلة الامطار والجفاف وبالتالي ازدادت فقرا، وبالتالي باتت لا تستطيع تغذية سكانها واصبحت عاجزة بسبب الفقر من الاستيراد، وما لذلك من عواقب على شكل مجاعات او تغيرات اجتماعية وجغرافية وسياسية متعددة.
ونحن، ولكي نضع الخطط لجسر او لتخفيف فجوة الامن الغذائي للفلسطينيين، فأنة يجب ان نركز على انتاج غذائنا بانفسنا وباستخدام مصادرنا بالدرجة الاولى، اخذين بعين الاعتبار احتمالات التغيرات البيئية والمناخية، والتقلبات السياسية المتسارعة، وان لم نستطع انتاج غذائنا الاساسي، فأننا من المفترض ان نكون قادرين على الحصول علية، اخذين التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية عندنا ومن حولنا في المنطقة، وفي العالم بعين الاعتبار.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء