عودة المبعدين و "الالتفاف" على الشرعية:د. سفيان أبو زايدة

30.01.2014 04:04 PM

بعد عودة نواب التشريعي الأخوين ماجد أبو شمالة و علاء ياغي، و كذلك موافقة حماس على عودة أبناء فتح الذين تشردوا نتيجة الانقسام البغيض باستثناء بعض الحالات الخاصة التي سيتم معالجتها ضمن ملف المصالحة الشاملة، و تزامن ذلك مع إعادة تفعيل لجنة المساعدات الوطنية و التي في غالبيتها من أعضاء التشريعي و التي تهدف إلى تخفيف المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من الحصار و الفقر و البطالة التي تلتهم بلا رحمة آمال الشباب و طموحاتهم.

على أثر كل ذلك كُتب الكثير في وسائل الإعلام عن أهداف و أبعاد و سياقات و ثمن هذه العودة، خاصة أن هناك الكثير من التقارير و التحليلات ذهبت بعيدا جدا في تصوير الأمر على أن هذه الخطوات هي جزء من مشروع سياسي بين حماس و دحلان يهدف إلى تقويض شرعية الرئيس عباس و الالتفاف عليها و أن نتيجتها تعزيز الانقسام و تعزيز الفصل بين غزة و الضفة.

لأنني أعرف وبشكل قاطع أن الكثير مما كُتب و نشر سواء كان على شكل اخبار أو مقالات تحليلية، و الكثير من الذي يكُتب على شكل تقارير أمنية هو أقرب إلى "التخبيص" و "التهجيص" والربط غير المنطقي للأحداث ووضعها في غير سياقها سواء كان عن جهل بما يجري أو بقصد تعميق الفجوة بين الأخوة الفرقاء، و لأنني اعتبر نفسي مُطلع على الكثير من التفاصيل التي لها علاقة في هذا الأمر أود أن أوضح التالي:

اولا: عودة ابناء فتح و كوادرها الى بيوتهم التي اضطروا لتركها على اثر الانقسام البغيض هو مطلب وطني فتحاوي و كل من يسعى او يساعد في عودة هؤلاء اقل شيء يجب ان لا نشكك في جهوده او نتهمه بأنه ينفذ مؤامرة على الشرعية. هذا العمل الوطني و الانساني و الاخلاقي لا يحتاج من يقوم به الى تكليف من احد و على الارجح لا ينتظر حتى كلمة شكر، خاصة ان موقف حركة فتح الذي عبر عنه رئيس الحركة الاخ الرئيس ابو مازن و في كل المناسبات هو دعوة كل من يستطيع العودة من ابناء فتح الى غزة و عدم الانتظار، و الاهم من ذلك ان الكثير من ابناء فتح المتواجدين خارج القطاع قد تم قطع رواتبهم لانهم لم يعودوا الى غزة.

ثانيا: دون تكليف من احد و من منطلق قناعاتي الشخصية و طموحاتي التي لا تتوقف لحظة واحدة في انهاء الانقسام و تفكيك بؤر الاحتقان بين ابناء الشعب الواحد، و احساسا مني بالمسؤولية الوطنية و الاخلاقية و الفتحاوية ، و ادراكا مني لما يعانية ابناء فتح في قطاع غزة سواء الذين شُرودا من بيوتهم او الذين يعيشون في غزة و الذين يشعرون بالظلم و تآكل الحقوق، التقيت في السابق و سألتقي في المستقبل مع قيادات من حركة حماس تربطني بهم علاقات شخصية عمرها سنوات طويلة ، اساسها سجون الاحتلال. هذه اللقاءات  تهدف الى تقريب وجهات النظر و التخفيف من منسوب الاحتقان و التشجيع على انهاء الانقسام و اعادة اللحمة لهذا الشعب.

استثمر هذه العلاقة الشخصية في تخفيف المعاناة عن ابناء شعبنا، خاصة ابناء فتح الذين يجدون انفسهم في معظم الحالات يواجهون مصيرهم لوحدهم دون ان يجدوا من يقف معهم او مع ذويهم. اشعر بالسعادة عندما اساعد في تذليل عقبة تواجه عودة احد ابناء فتح الى بيته او تسهيل سفره الذي في الغالب يكون للعلاج او اكمال الدراسة او الافراج عن معتقلين.

اعتبر هذا جزء من الشعور بالمسؤولية التي لا تحتاج الى تكليف من اي جهة و يفترض ان لا تكون مزعجه لاحد. فتح التي اعرفها و ترعرعت في كنفها  تنتظر من ابناءها ان يتسابقوا على فعل الخير. هكذا تصرفت في السابق عندما خرجت دون تكليف من احد في ذروة الصدام بين فتح وحماس في شوارع مخيم جباليا و سط اطلاق النار رغم انني في حينها لم اشغل اي مهمة و لم احمل اي مرتبة تنظيمية  و عرضت نفسي للخطر لكي اوقف اطلاق النار حيث خرجت حينها و معي العديد من كوادر فتح و على رأسهم الشهيد جمال ابو الجديان برفقة الشهيد نزار ريان و عدد من كوادر حماس لنعلن حينها وقف اطلاق النار و نحقن الدماء.

ثالثا: ليس هناك تشكيك او طعن في شرعية الرئيس عباس و ان اي ربط بين ما يبذل من جهد سواء الهادف الى عودة ابناء فتح او اعادة تفعيل لجنة المساعدات التي لا تحمل وفقا لحدود معرفتي اي ابعاد سياسية او تآمرية و ان هدفها هو التخفيف عن معاناة ابناء الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة هو ربط هادف الى تعميق الانقسام بين كافة الاطراف، و ان من يغذي هذا الطرح هم اولئك المستفيدين من استمرار الانقسام.

موقفي علني و صريح و واضح وهو عمل كل شيئ ممكن من اجل المصالحة الفتحاوية الفتحاوية و اعتبر ان المكابرة في هذا المجال غير مجدية و تعود بالضرر قبل كل شيء على حركة فتح و مستقبلها، و في نفس الوقت ابذل كل جهد من اجل العمل على انهاء هذا الانقسام البغيض دون ان يتعارض ذلك مع اي جهد رسمي الذي سيلاقي منا كل الدعم و الاسناد.

و الله من وراء القصد

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير