تحقيق.. مكبات النفايات الصلبة الإقليمية في الضفة الغربية ( ولادة منتظرة بلا أب واضح )
وطن- كايد ميعاري : " لا يوجد أب لهذا المولود المفترض" بهذه العبارة يصف رئيس بلدية رمون عبد جبعية مشروع مكب النفايات الصلبة الذي كان من المفترض أن يقام على أراضي قريته، في العام 2007، بدعم ألماني، لكنه لغاية الان لم يجد النور بسبب خلافات وتعقيدات تتداخل فيها السياسة والجغرافيا، وسط غياب دور فاعل للجهات الفلسطينية الرسمية.
في بداية الإعلان عن فكرة إنشاء هذا المكب في العام 2007، تم تعيين جبعية رئيسا لمجلس الخدمات المشتركة ( المجالس المحلية وسط الضفة الغربية) كي يكون مسؤولا عن الإشراف على العملية، لكنه إستقال بعد ثلاثة سنوات، كما يقول لأسباب أولها " أنه وجد احتجاجات من أهالي القرية، إضافة إلى زيادة المساحة التي كانت مخصصة لهذا المكب في المخططات الأولية.
وحسب المخططات الأولية فإن المكب كان من المفترض أن يقام على ما مساحته 90 دونما، غير أن المساحة ارتفعت إلى مئات الدونمات.
ومكب رمون، هو واحد من ثلاث مكبات إقليمية وافقت السلطة الوطنية الفلسطينية على إنشائها في مناطق الشمال ( زهرة الفنجان) والوسط( رمون) والجنوب( المنيا)، غير أن كافة هذه المكبات تواجه عدة إشكاليات سواء مع بعض الهيئات المحلية أو السكان لأسباب بيئية وصحية واحيانا تتعلق بالتكلفة المالية الباهظة، لكن الأهم هي إشكاليات تتعلق بالواقع الجيوسياسي في الضفة الغربية، حيث تخضع 61% من أراضيها للسيطرة الاسرائيلية الإدارية والأمنية بحكم اتفاقية اوسلو، وتعرف بمنطقة "ج".
ويقول جبعية " حينما أعلن عن المشروع في العام 2007، وافق غالبية أهالي القرية على تقديم أراضيهم المنتقاه لصالح المشروع، وأعطونا توكيلات من أجل ضمان ثمن أراضيهم المقدمة للمشروع".
واضاف " لكن بعد فترة لم نجد من يدفع ثمن هذه الأراضي، وكل الوعودات التي تلقيناها في البداية أثبتت أنها وعودات وهمية، وهو الأمر الذي أدى إلى إستياء أهالي القرية، مما دفعني أنا أيضا للإستقالة من منصبي رئيسا لجلس الخدمات المشترك".
ويؤكد جبعية على أن قرار إختيار موقع المكب هو إسرائيلي بحت، وهو "أحد الأسباب الأخرى التي دفعتني للإستقالة من منصبي".
ويختم جبعية قوله " من خلال تجربتي في مكب رمون، فإن المكبات الإقليمية التي تنوي السلطة الوطنية إقامتها، تعيش في متاهة، اساسها أنه لا يوجد لها أب معروف".
من هو الأب المفترض:
حسمت الإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة في فلسطين 2010-2014، والتي مولت من طرف مؤسسة التعاون الفني الألماني (GTZ ) مسؤولية إدارة وإنشاء مكبات النفيات إلى ما يعرف بالمجالس المشتركة لإدارة النفايات الصلبة وهي حسب قانون الهيئات المحلية رقم ( 1) لعام 1997، المادة 15 تم ذكر المجالس المشتركة ضمن بند " وظائف اخرى" للهيئات المحلية، مهمتها إدارة المشاريع المشتركة وجباية وتوزيع الرسوم الخاصة بها، وتُعرف في النظام الخاص بالمجالس المشتركة أنها دائرة" شبه حكومية ".. وتضم اللجنة التوجيهية للإستراتيجة الوطنية: وزارة الحكم المحلي كرئيس، ووزارات الزراعة، والصحة، والاقتصاد الوطني، والتخطيط وسلطتي المياه وجودة البيئة.
وجاءت الإستراتيجية لتداخل القوانين التي تحكم إدارة ملف النفايات الصلبة وتوزيع الصلاحيات. فقد منح قانون البيئة مسؤولية وضع الأنظمة والتعليمات لوزارة شوؤن البيئة( سلطة جودة البيئة حاليا) بالتنسيق مع الجهات المعنية لتصنيع أو تخزين أو توزيع أو إستعمال أو التخلص من أية مواد أو نفايات خطرة وفق المادة (12) من القانون، في الوقت ذاته نص قانون الصحة الصادر في عام (2004) على صالحية مماثلة لوزارة الصحة بالتعاون مع الجهات المعنية.
ونصت المادة (7) من قانون البيئة على إشراف سلطة جودة البيئة على تنفيذ الخطط الوطنية للنفايات الصلبة من قبل الهيئات المحلية، في الوقت ذاته نص قانون الهيئات المحلية على إشراف وزارة الحكم المحلي على وظائف وإختصاصات هذه الهيئات في المادة (2) من القانون.
ويسود لبس في العلاقة التي تربط المجالس المشتركة في وزارة الحكم المحلي، حيث ينص النظام الخاص على أن الوزارة تقوم بالإشراف وتنظيم عمل المجالس المشتركة والتي تكون عبارة عن تشارك عدة بلديات وهيئات محلية قريبة جغرافيا إلى بعضها البعض، وتجمعها ذات المشاريع الخدماتية والتنموية.
غياب للرقابة:
لم يرد في قانون الهيئات المحلية أو النظام الخاص في المجالس المشتركة أي نص يتحدث عن الرقابة على المجالس المشتركة، وهذا ما يؤكده شواهنة أن مجالس الخدمات المشتركة التي جاءت كمتطلب للممولين لتنفيذ المشاريع لضمان إيصال الخدمات للتجمعات السكانية بشكل مشترك تعمل بناء على نظام خاص، ولا يوجد قانون يحكم عملها.
وحين تم سؤاله عن الجهة الرقابية يقول:" أن أعضاء مجلس إدارة مجلس الخدمات والمكون من البلديات هي من تقر السياسات المختلفة، وغير ملزمين بأن يكون هناك أي تقديم للموازنات أو تقارير إدارية لوزارة الحكم المحلي، وتم في العام الحالي فقط تصديقها من خلال الوزارة لكن في السنوات السابقة لم يكن هناك أي تصديق، ولا يخضعون لقانون الهيئات المحلية، وإن سألت مثلا الجهة الرقابية في وزارة الحكم المحلي وهي الرقابة والتفتيش عن المكبات ستكون الإجابة بأنه ليس هناك قانون ينظم عمل المجالس".
علما أن أموالا طائلة تدخل إلى مكب زهرة الفنجان شهريا بحكم أنه المكب الإقليمي الوحيد المُشغل حاليا، حيث تدر عليه الهيئات المحلية في جنين مبلغ مقطوع ( 370 ألف)، نابلس( 160-180 الف)، طولكرم، قلقيلية ( مايقارب 30.000 لكل منها)، طوباس ( لم يتم التحقق من الرقم)، رام الله تنتج 70 طنا يوميا بتكلفة 112.5 شيقل للطن الواحد، يقول شواهنة: هذه الأموال تغطي التكلفة التشغيلية للمكب.
مسؤوليتها فنية وإدارية:
يؤكد المدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشتركة في رام الله المهندس حسين أبو عون أن دور مجلس الخدمات المشترك هو دور إداري وفني، ويبين أن عملية إختيار مواقع المكبات جاءت بعد دراسات تقييم الأثر البيئي والدراسات الجيولوجية التي قامت بتنفيذها شركة ألمانية في قرية رمون.
ويستدرك المهندس أبو عون بالقول:" أن كافة الإجراءات اللازمة من تراخيص تتم من خلال الإدارة المدنية( الهيئة التي تمثل الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية)، وهناك موافقة من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي على إنشاء مكب رمون على سبيل المثال في المنطقة التي يعتزم إنشاؤه فيها وطبقا للتشريعات الإسرائيلية في هذا المجال خاصة في ظل غياب تشريعات فلسطينية، مبينا أن هذا الأمر يتأتى بحكم الإتفاقات السياسية، والسيطرة الإسرائيلية على أراضي " ج".
وكانت السلطات الإسرائيلية قد منعت تشغيل مكب المنيا في جنوب الضفة الغربية، الممول من البنك الدولي، بعد إصرارها على منح المستوطنات الإسرائيلية حق إستخدام المكب بزعم وجود نص في الإتفاقية بين الممول والمجالس المشتركة ينص على أن هذا المشروع يستخدم من قبل السكان المحليين دون تعريف الهوية القومية لها، وهو ما رفضته وزارة الحكم المحلي.
وألقت بلدية البيرة وسط الضفة الغربية نفاياتها في المنطقة الملاصقة تماما إلى مستوطنة بيت إيل المقامة على أراضي المدينة ، والقرى المجاورة، وذلك بعد قيام الإدارة المدنية الإسرائيلية بإغلاق مكب البلدية الذي يعمل منذ ثلاثين عاما في الجهة الشرقية من المدينة، ويستفيد منه حوالي (80) ألف مواطن.
وأكدت بلدية البيرة أن إلقاء النفايات في تلك المنطقة، جاء إحتجاجا على قرار الإدارة المدنية، رغم أن النفايات الملقاة هناك أثرت على تجمعات فلسطينية.
ويقول رئيس قسم الإعلام في بلدية البيرة ناصر عيد أن بلدية البيرة بدأت بكب النفايات في تلك المنطقة وحرقها، بعدما أغلقت إسرائيل مكب المدينة الرئيس الذي يقع في المنطقة الواقعة بين مستوطنة بسجوت المقامة أصلا على أراضي وحدود المدينة.
وقال أن البلدية قامت بكب هذه النفايات في المكان المحاذي للمعسكر الإسرائيلي، الذي يضم مستوطنة بيت إيل ايضا، كنوع من الضغط على الإحتلال للتراجع عن قرار، وتوقفت البلدية عن ذلك بعد عدة ايام، ولم يفتتح المكب.
لا سلطة للسلطة الوطنية:
يوضح المستشار القانوني في سلطة جودة البيئة مراد المدني أن القانون الفلسطيني رقم (7) لعام (1999) ينص على أن صلاحية وزارة البيئة هي الإشراف والرقابة على إدارة النفايات الصلبة وتحديد الأماكن المخصصة لذلك، مبينا أن عملية تشغيل والتخلص من النفايات تكون من خلال الهيئات المحلية بعد إنجاز دراسة تقييم الأثر البيئي التي تدرسها الوزارة مع وزارات اخرى ذات علاقة كالصحة قبل الحصول على التراخيص المناسبة.
ويستدرك المدني حديثه بالقول: أن هناك فجوة ما بين التشريع الذي وضع على إعتبار أن هناك دولة وسيادة كاملة على الأراضي الفلسطينية، والواقع الذي يقول أنها تحت الإحتلال وأي مشروع في أراضي " ج" يجب أن يخضع للموافقة الإسرائيلية الممثلة بالإدارة المدنية.
الملف لم يطرح بقوة في بعده السياسي:
حتى هذه اللحظة فإن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لا زالت قائمة، بين مد وجزر، بحيث أنه لم يتم التوصل الى إتفاق نهائي يحدد بشكل واضح ودقيق صلاحيات الفلسطينيين في أرضهم، وإلى أن يتم ذلك قد تكون الضفة الغربية قد غرقت في نفاياتها.
وعند مراجعة دائرة دعم المفاوضات في الجانب الفلسطيني، سادت حالة من الإرباك، وسط العاملين فيها، بعدما طرح عليهم سؤال إن كانت قضية المكبات الصلبة طرحت على طاولة وأجندة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي أم لا؟ منهم من قال لا، ومنهم من قال بأن ملف المكبات وضع مرة واحدة على جدول المفاوضات، لكنه لم يتم البحث فيها، مثلها مثل العديد من قضايا أخرى.
الممول يترك الأمر لإتفاق الطرفين
نفى مدير المجلس المشترك في رام الله المهندس حسين أبو عون أن يكون الممول كان قد تدخل في إختيار المواقع، مبينا أن الممول الالماني إكتفى برفض ضم المستوطنات، ولا علم له عما إذا كان ذات الأمر في المشاريع التي يمولها البنك الدولي وهي ( مكبات زهرة الفنجان والمنيا ).
ويوضح أبو عون أن مكبات النفايات في مرحلة الإنشاء طرحت كعطاءات وفازت فيها شركات دولية، فيما يقوم مجلس الخدمات المشتركة بتشغيل مكب زهرة الفنجان ورمون مستقبلا وشركة تركية تشغل مكب المنيا تقوع في الجنوب.
ووجهت مؤسسة التعاون الفني الالماني (GTZ ) معد التحقيق بعد سؤاله عن ماهية دورها، إلى مجلس الخدمات المشترك.
ويؤكد بنك التنمية الألماني(KFW) الذي يمول إنشاء مكب رمون أن عملية إختيار موقع المكب كانت من خلال عملية تشترك فيها المؤسسات الفلسطينية ودعمت من قبل الممول و المؤسسات الإسرائيلية ذات العلاقة.
ويبين أن بنك التنمية الالماني مسؤول عن مرحلة البناء والتشغيل والتدريب لصالح مجلس الخدمات المشترك المسؤول عن مشروع المكب.
ومنذ العام (2007) ولغاية اليوم، يمول بنك التنمية الألماني بما نسبته (60% ) من المصاريف التشغيلية لإدارة مكب رمون، في الوقت الذي لم يتم فيه بعد تشغيل المكب.
الدراسات البيئية لا تكفي
يصر القائمون على المجالس المشتركة على أن قرار إختيار مواقع مكبات النفايات كان قرارا فلسطينيا ولم يتأثر في البعد الجيوسياسي رغم تناقض هذا الأمر مع الواقع القانوني، والفعلي كما وضح رئيس مجلس قروي رمون عبد جبعية، والمستشار القانوني لسلطة جودة البيئة مراد المدني سابقا في صفحات هذا التحقيق. ومن المهم بمكان، أن مواطني قرية رمون يتابعون اعتراضاتهم على إنشاء المكب في أراضي القرية تتم في " الإدارة المدنية الاسرائيلية" وليس القضاء الفلسطيني.
كما يدأب القائمون على المكبات الإقليمية التأكيد على الأسس البيئية والجيولوجية المتينة التي قامت عليها تلك المكبات، لكن حتى هذا الجانب يحتمل وجهة نظر أخرى:
يؤكد الدكتور أحمد رأفت ، رئيس قسم الجغرافيا في جامعة النجاح الوطنية،أن عملية التخطيط في الضفة الغربية وبشكل خاص في الأراضي المصنفة "ج" لا تحتاج فقط إلى الجانب البيئي بل الى الزاوية والرؤية الجيو سياسية بحكم أنها أراضي مهددة بالمصادرة أو التوسع الإستيطاني.
ويبين الدكتور رأفت أن غالبية المكبات إتجاه توسعها يكون باتجاه المناطق السكنية الفلسطينية وهو ما يعاني حرمان الفلسطيني من مساحات واسعة للبناء او الإستخدام لقربها من المكبات.
وبين رأفت أن المعضلة الأساسية أن الإحتلال يتحكم بعملية التخطيط وكافة الإجراءات في أراضي "ج"، وهو ما يحذو بنا لأن نكون أكثر تنبها ويقظة حين يوافق أو يرفض أي مشروع فلسطيني في تلك المناطق، وأكد الحاجة لإجراء دراسة جيوسياسية حول المكبات الإقليمية الثلاث تستند على جهود بحثية سابقة وتقييم فعلي للواقع حتى يتم الخروج بالتوصيات الوطنية والمهنية السليمة.
وفي السياق ذاته، يشير الباحث الجغرافي ضرغام اشتية أنه إستخدم تقنية نظم المعلومات الجغرافية (GIS) في عملية التخطيط والدراسة لأفضل الاماكن لإستقبال المكبات، مبينا أن الخطط التي أشرفت عليها السلطة الوطنية وبعض المؤسسات الأخرى اصطدمت بسيطرة الإحتلال على أراضي "ج" حسب إتفاقية اوسلو مما أعاق امكانية إستغلالها لإنشاء المكبات فيها.
ويؤكد الباحث "أن الاحتلال الاسرائيلي يعد عامل هام في إحباط المخططات الفلسطينية التنموية الخاصة بالتخلص من النفايات الصلبة ".
ويؤكد اشتية أن نسبة الأراضي الملائمة لإستيعاب مكبات النفايات الاقليمية 766.32 كم مربع، أغلبها في المنطقة الشرقية من الضفة الغربية، مبينا أن بعض المكبات الإقليمية عمرها الإفتراضي شارف على الإنتهاء كمكب زهرة الفنجان وبالتالي يجب البحث عن بدائله.
وكانت عضو المجلس التشريعي الفلسطيني دكتورة نجاة ابو بكر قد طالبت بإغلاق مكب زهرة الفنجان لما يسببه من إشكاليات " بيئية وصحية" وعدم الطمر بطريقة صحية، ونظرا لإنتهاء القدرة الإستيعابية للمكب.
وتظهر الدراسة الخريطة التي خلص إليها الباحث عقب إستخدام طبقات تتعلق بالمعايير التي تم ذكرها سابقا أن غالبية المكبات العشوائية والإقليمية لا تقع في الأماكن المناسبة لإنشاء المكبات، من المنظور البيئي والطبيعي والديمغرافي والمناخي، ونوعية التربة، والتبخر، وإتجاه الرياح، ومنسوب المياه الجوفية.
تناقض بين المكتوب وما يجري على الارض
ينفي مدير عام المجالس المشتركة في الحكم المحلي وليد حلايقة، ومدير عام حماية البيئة في سلطة جودة البيئة محمود ابو شنب أن يكون هناك فوضى أو عشوائية في إختيار مواقع مكبات النفايات الإقليمية.
ويقول حلايقة: "بأن الإستراتيجية الوطنية والكتيب الذي نشرته الوزارة هو المعتمد رسميا ولا يعلم إن كان هناك أي نسخ أخرى تم التعديل عليها من أطراف لا يعلمها!. ليتبين فيما بعد أن النسخة التي يتحدث عنها حلايقة إنما هي " ملخص" للإستراتيجية فقط، وشكك المهندس محمود أبو شنب بصحة اي وثيقة تقول أن هناك غياب للمعايير والمواصفات الفلسطينية المحلية.
غير أن الإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة بنسختها الأصلية الكاملة والتي حصلنا عليها من خلال الموقع الإلكتروني لوزارة الحكم المحلي، أن هناك ما يظهر تناقضا في الرواية الرسمية، ويثبت بشكل او بأخر، ما ذهب إليه الباحث ضرغام اشتية في دراسته حول وجود عوامل سياسية وجغرافية أثرت على قرار إختيار أماكن مكبات النفايات الإقليمية على حساب عوامل طبيعية، فقد ورد في الإستراتيجية للتخلص من النفايات وهي الخطة التي يجري العمل على تطبيقها على أرض الواقع بأنه "لم يتم الأخذ بعين الإعتبار العوامل الطبيعية والديمغرافية والجيولوجية الخاصة بالمناطق وتم الاكتفاء بالمعايير التي وافق عليها الممول."
قدرات قاصرة وخلل في إدارة الملف:
يظهر هذا التحقيق عدة نتائج من المهم لصانع القرار الفلسطيني النظر إليها بكثير من التدقيق والتمحيص، أولها: الفجوة القانونية بين ما تنص عليه القوانين الفلسطينية والقدرة على تطبيقها في أراضي "ج " التابعة للسيطرة الإسرائيلية وما تخلفه من ضياع لحقوق المواطنين، و جعل السلطة الوطنية وخططها على حد سواء رهينة للسياسات والاولويات الإسرائيلية، ثاني النتائج: تتمثل بمعالجة قضية مكبات النفايات الإقليمية في بعدها الخدماتي والفني دون الأخذ بعين الإعتبار الواقع الجيوسياسي، ليس فقط على مستوى الإجراءات بل حتى على مستوى التمثيل، فكيف بملف يحتاج موافقة وزير الدفاع الإسرائيلي، أن يشرف عليه من خلال المجالس المشتركة لإدارة النفايات الصلبة التي تتكون من عدد من الهيئات المحلية، وأسست في الأصل تماشيا مع متطلبات الممولين. ثالثها: في حال تم إعتبار المواقع الحالية مواقع مناسبة فإن الشرط الاسرائيلي هو أن تتم توسعتها مستقبلا بإتجاه الغرب أي بإتجاه المناطق السكنية الفلسطينية وليس الشرق، وهذا ينطبق بجله وتفصيله على مكب رمون الذي سيبنى على مساحة تبلغ (208) دونما، محاطة بما يقارب (500) دونما غير مسموح للسكان إستخدامها لأغراض السكن، وهي المساحة المرشحة لأن تكون المنطقة التي يتوسع فيها المكب مستقبلا.
الصحفي كايد معاري