الكُفر عناد..الجميع في أزمة - بقلم: سفيان أبو زايدة

18.01.2014 09:42 AM

وطن:هل هناك خلاف بين أصغر اثنين في الشعب الفلسطيني على أن استمرار الانقسام الفلسطيني هو خدمة مجانية للاحتلال و غطاء لاستمرار الاستيطان و استنزاف للشعب الفلسطيني الذي  تحولت قضيته المقدسة بعد أن كانت تحضى على احترام العالم إلى قضية ثانوية أفقدها الكثير من التعاطف الدولي و الإقليمي؟

هل هناك خلاف على أن الشعب الفلسطيني المنقسم على نفسه بين تيارات سياسية و مملكات جغرافية لا يستطيع بهذه الحال أن يسترد حقوق ضائعة لا بمفاوضات عبثية و لا بمقاومه موسمية بعد أن أصبح  كل امبراطورية همها الوحيد هو أن تحافظ على نفسها من خطر الامبراطورية الأخرى؟ وهل هناك خلاف على أن المفاوض الفلسطيني الذي يجلس على طاولة المفاوضات لو فاوض عشرات السنين و ليس تسعة أشهر لن يُحصل سوى على الفتات الذي لا يرضي أكثر الفلسطينيين اعتدالا أو برغماتية؟

هل هناك دليل يعكس حالة الانحطاط الذي وصل له الوضع الفلسطيني أكثر مما يقترحة كيري تحت مسميات مختلفة، حيث هو أقل بكثير من اتفاقات أوسلو و ما عُرض على الرئيس الرمز ياسر عرفات في كامب ديفيد 2000 و أقل بكثير مما تطرحه مبادرة جنيف غير الرسمية و أقل من خارطة الطريق، بل أقل بكثير مما كانت ستقبل به روابط القرى الذي اسسها شارون في أواخر السبعينات مطلع الثمانينات.

ما يقترحة كيري، وفقا لما نُشر بشكل غير رسمي هو دولة وهمية بدون قدس و بدون أغوار و بدون معابر و بدون حدود 67 و بدون لاجئين و بدون سماء و بدون ماء ومع بقاء الغالبية العظمى من المستوطنات بما فيها مستوطنة بيت ايل المزروعه في قلب رام الله كما صرح به نتنياهو في الآونة الاخيرة، و فوق كل ذلك على الفلسطينيين أن يعترفوا بيهودية الدولة. على الرغم من ذلك حتى كل ما طرحة كيري حتى الان لا يوافق علية الاسرائيليون حيث يرفض نتنياهو حتى ان يذكر اسم القدس مجرد ذِكر في اي اتفاق اطار. حتى هذا غير مقبول على نتنياهو.

ليس هناك من شك ان الرئيس عباس و حركة فتح و منظمة التحرير لا يمكن ان يوافقوا على هذا الامر. ليس مهم ماذا سيطلقون عليها سواء كان اتفاق اطار او تفاهمات او اتفاق مؤقت او اتفاق انتقالي ،  كل المسميات و العناوين التي ستندرج تحتها هذة المقترحات لن تستطيع طمس سلبيتها ولن تخفف من حدة المعارضة الفلسطينية الشعبية و الفصائيلية و الرسمية . و ان من يقول ان هناك اتفاق جاهز و ان ما يحدث عبارة عن مسرحية لتمريره هو على الارجح جاهل لانه يكرر نفس التحليل او نفس التخريف اثناء مفاوضات كامب ديفيد. تخريف لان الحكومة الاسرائيلية تشعر بضغف الفلسطينيين و تفككهم و بالتالي لا تشعر بأي ضرورة او ضغط لتقديم اي تنازلات.

الاستنتاج ان ساعة الحقيقة قد اقتربت و ان الوقت قد نفذ و الوقت الاضافي على وشك ان ينتهي و ليس هناك امكانية لتمديدة. التغيير الاستراتيجي في النهج الفلسطيني الزامي يفرضة التعنت الاسرائيلي في عدم الاستعداد لقبول حل الدولتين. هذا يعني ان على القيادة الفلسطينية ان تصارح الشعب الفلسطيني حول طبيعة مرحلة ما بعد فشل المفاوضات بكل ما يعني ذلك من تغيير جوهري في الكثير من المناحي السياسية و الاقتصادية و الوطنية. 

الحقية التي لا يمكن طمسها او التخفيف من حدتها ان  المفاوضات في مأزق بفضل التعنت الاسرائيلي و بالتالي السلطة في مأزق و المنظمة في مأزق و حركة فتح ايضا في مأزق ؟  ولكن ماذا عن مأزق حماس و بقية الفصائل في الجناح الاخر من الوطن ؟
حماس بقياداتها و ناطقيها و كوادرها يستطيعون ان يقولوا ليل نهار على غرار ابو خالد الزهار بأن حماس بخير و المقاومة بخير و اننا الان انتقلنا من مرحلة  ( نغزوهم و لا يغزونا) و ان الذي يعيش في مأزق هو من يفاوض و يجري وراء سراب. و بعيدا عن الاستخفاف بما يبذل من جهد في تطوير القدرات العسكرية خاصة في كل ما يتعلق بالقدرات الصاروخية التي تشكل الى حدا كبير رادع للجيش الاسرائيلي وتجبره على ان يحسب افعالة او ردود افعالة بدقة متناهية دون استهتار كما يحدث في الاونة الاخيرة .

على الرغم من ذلك يجب على حماس ان لا تكابر و ان لا تبالغ في قدراتها العسكرية او قدراتها على تجاوز الازمات دون اعادة تقييم في المواقف و السلوكيات. و ان ما تملكه من امكانيات يساعدها في احسن الاحوال في الحفاظ على ذاتها ولكنه لن يمكنها من تحقيق اي من الاهداف الاخرى و الاهم من كل ذلك انها غير قادرة على معالجة اي من مشاكل القطاع الذي تحكمة و ان ما عليها فقط سوى توجيه اللوم و الشتائم و الانتقادات للاطراف المشاركة في حصار غزة.

سأكون سعيدا لو يشرح لي احدا من حماس اذا ما استمر الوضع على ما هو علية الان كيف سيتم علاج الموقف مع المصريين و كيف ستتغير موازين القوى مع الاسرائيليين و كيف سيكسرون الحصار و يعالجون مشكلة الكهرباء و البطالة و الفقر، و الاصغر من كل هذه المشكلات كيف سيوفرون الرواتب لعناصرهم. قد يقول البعض هذه ازمة و سنتخطاها كما تخطينا ازمات كثيرة و كما صمدنا في وجهة عداونين اسرائيليين وخرجنا اقوى من السابق سننتصر ايضا في هذه المحنة ، هذا اذا كان طبعا اعتراف على ان هناك محنة تواجهها حماس.

خلاصة القول ان من يٌرهن المصالحة باعلان افلاس الطرف الاخر و ان وضعه جيد و الطرف الاخر هو الذي يعيش في ازمة و ان علينا ان ننتظر الى حين اعلان افلاسة هي مراهنة خاطئة و غير و طنية . الذي في ازمة هو الشعب الفلسطيني و القضية الفلسطينية و ان جميع الفصائل في ازمة و على راسها فتح و حماس. و لذلك،  المنطق يقول قبل ان نحرر القدس و نعيد اللاجئين و نقيم الدولة على حدود 67 و نقتلع المستوطنات التي زرعها الاحتلال، قبل كل ذلك علينا ان نقدم على خطوة الزامية وهي نهاء الانقسام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير