بين حان ومانا ضاعت لحانا: سلطان جمعة

13.01.2014 02:55 PM

لم استطع الصمت في وجه ما يحصل بحق الشعب الفلسطيني وأبنائه في مخيم اليرموك، فرغم ازدحام المفكرة الفلسطينية بالمجازر والمآسي إلا أن المجازر التي ترتكب في مخيم اليرموك ستظل وصمه عار في جبين الإنسانية ..ففي هذه الأيام الدامية يرتكب بحق أبناء هذا المخيم أبشع المجازر من قبل ذئاب البشر -وهم كثر- فمنهم من يتبع النظام، ومنهم من يتبع المعارضة، فعدت إلى حالة الهستيريا المتعلقة بأمثالنا الشعبية واسترجعت في ذاكرتي المثل القائل (بين حانا ومانا ضاعت الحانا).

فسيظل التاريخ ينظر بعين اللعنة الأبديه ويطارد المتسببين في هذه المأساة والحالة الجديدة من التشرد والهجرة واستذكار الماضي من قتل وتعذيب وتشريد، ولا يمكننا أن نغفل أو نبتعد عن وجود يد للاحتلال في هذا الأمر، وهنا لا أنوي التشكيك أو التخوين في وطنية طرف أو طرف آخر، ولكن لمسات الصهاينة ظاهرة بارزة بشكل واضح وجلي، أما مواقف أبناء جلدتنا وإخوتنا فستبقى وصمة عار تدمغ جباههم.

ونعود إلى ذلك المثل الذي ضرب صميم القضية فبين الفلسطيني مؤيد النظام، وبين معارضه، ضاع أبناء مخيم اليرموك وذاقوا ويلات الحرب مرة أخرى بعد أن كان هذا الجيل قد نسي ما سمعه من أهله المشردين. لم يأبه هؤلاء الذئاب الذين يطلقوا على أنفسهم فلسطينيين ولم يفكروا بما سيسمعوه نتيجة لمواقفهم وآرائهم من صرخات الأطفال ، ولا من عويل النساء ولا توسلات الشيوخ.

حصار وحواجز وطوابير، وكأنه قدر الفلسطينيين في كل زمانٍ ومكان، أن يعيشوا هذه الحالة أينما كانوا ومن قبل من وفي وجه من، منعوا من الصلاة والعمل والسفر، وحرموا من العيش الحر الكريم، ومن غامر فإنه يقنص، ولا فرق بين شيخٍ وشابٍ، ولا بين طفلٍ ولا فتاةٍ ولا امرأة، ولا بين رضيع أو حامل، فكلهم هدفٌ وحالة، ينبغي التعامل معها بقسوةٍ وشدة.

قد يستوعب الفلسطينيون هذا الحال من قبل المحتل الإسرائيلي والذي رغم قسوته وبطشه كانت لديه حالات من العطف فهو كان يسمح للفلسطينيين بفسحة صغيرة كل يومين او ثلاثة يخرجون فيها من بيوتهم ويشترون حاجاتهم، وكانت سيارات الإسعاف متواجدة باستمرار رغم استهدافها في كثير من الاحيان ولكنها في احيان اخرى تقوم بدورها، وهنا ونحن نتحدث عن المحتل الغاصب، فأنا هنا لا أمدحه ولا أشيد بأخلاقه، فكل ما فيه مخزي، ولا أستهجن سلوكه إن جوعَ وأرهب وبطش، فهو عدو ومحتلٌ.

ولكن الغرابة والاستهجان هي مما أصابنا، ولحق بنا، في بلادنا وعلى أيدي إخواننا وأشقائنا، وممن هم من بني جلدتنا، وتعود أسبابه لتصريحات فصائلنا (حانا) التي اقسمت على حمايتنا بدمها وساعدها، فقتلنا هنا اليوم بلسانها وموقفها الذي لا يخدم القضية بأي شكل من الأشكال، ومنها من كان يدافع عن موقف طرف ويستميت في الدفاع عنه، وبقدرة قادر تحول إلى معارض له مندد به في كل موقف ليس لسبب أو لرؤية إلا أن تنظيمه الأم حمل هذا الموقف، فما كان منه إلا أن تبناه دون النظر لنتائجه على أبناء شعبه عديمي الحيلة العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم.

وبين (مانا) التي تدافع عن نظام وكأنه أمها وتدخل في جدال ونزاع ليست طرفا فيه، فهي تدافع عن شخص في وجه أهله، مما أثار حفيظة الطرف النقيض فصب جام غضبه على العزل الأبرياء العاجزين عن المواجهة، ففي وجه من سيقفون في وجه من اواهم وحمل همهم ووفر لهم المسكن والمأكل عندما طردهم الآخرين، أم في وجه أصدقاء وأشقاء كانوا بينهم يأكلون معهم ويشربون ويلعبون معهم، فأي حال هو حالنا، وأي مأساة هي التي يعيشها الشعب الفلسطيني اليوم.
أن عدد القتلى في المجازر اليومية أكبر بكثير مما يصرح عنه، من ناحية عملية أو نظرية، فمن ناحية عملية يصعب وصول الجهات الإحصائية الراصدة للموقع، ومن جهة أخرى ليس الموتى من يقضون نحبهم في المجازر بل أسرهم وأحبائهم، فما زلنا حتى يومنا هذا نستذكر شهدائنا الذين قضوا في مجازر الاحتلال وأعوانه ومنفذي برامجه وأجنداته، وما زال الألم الذي شعر به أحبتهم أول مرة يشعرون به مرارا وتكرارا في كل ذكرى.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير