هل "نيويورك تايمز" ضد اسرائيل؟..بقلم: ايزي لبلار/ اسرائيل اليوم

19.12.2011 05:36 PM
تؤكد الجلبة التي نشأت حول مقالة نشرها توم فريدمان في صحيفة "نيويورك تايمز" عداوة الصحيفة التي أخذت تزداد لاسرائيل. وقد أُبلغ أمس ان رئيس الحكومة رفض ان ينشر هناك ردا على ذلك مقالة بعد ان دُعي الى الكتابة. ولن تكون مبالغة في الحقيقة ان نقول ان النهج الموجه لأسرة الصحيفة في شأن اسرائيل متطرف تطرفا سيئا. وبرغم ان مالكها يهودي فان "نيويورك تايمز" أظهرت في احيان نادرة ودا أو حساسية بشؤون يهودية. ففي 1929 اثناء الاحداث العنيفة في البلاد، ورد على لسان مراسل الصحيفة في ارض اسرائيل، جوزيف ليفي، أنه يلتزم بمناوأة الصهيونية.
تشير أدلة كثيرة الى انه في اثناء المحرقة أُزيحت معلومات عن ذبح اليهود الى الصفحات الاخيرة على عمد. وقد نبع الخوف من افتراض ان تأكيد محرقة اليهود قد يعزز زعم معادي السامية الذي يقول ان الحرب على النازيين هي حرب يهودية.
بعد انشاء اسرائيل سلكت الصحيفة سلوكا موضوعيا. ومنذ 1967 نشأ توجه انتقاد لاذع لاسرائيل وتعودنا على هذا. لكن منذ تم انتخاب نتنياهو لرئاسة الحكومة بدأ محررو الصحيفة حملة دعائية لاضعاف الحكومة ولشيطنتها في حين يعفى الطرف الفلسطيني من الانتقاد. ويتهم تيار دائم من مقالات غير متزنة لأسرة التحرير، يتهم اسرائيل بالطريق المسدود السياسي. وترى الصحيفة ان نتنياهو "يستعمل كل ذريعة كي يحبط جهود السلام" و"يرفض تنفيذ أي مصالحة ذات شأن من اجل السلام".
باعتبارها صحيفة مهمة تدعي تقديم آراء متنوعة، يصعب ان نجد بالفعل وجهات نظر تعارض مقالات أسرة التحرير. وبالمناسبة نقول ان داني دنون خاصة حظي بعمود صحفي خاص في الصحيفة ومُنح امكانية ان يعبر عن وجهة نظره – وهي وجهة نظر أكثر يمينية من وجهة نظر الحكومة. وكان الهدف واضحا وهو احراج الحكومة بعرضها أنها ذات موقف أكثر تشددا من موقفها الحقيقي. ويقود أصحاب الأعمدة الصحفية المركزية للصحيفة توم فريدمان وروجر كوهين (وكلاهما يهودي) ونيكولاس كريستوف ايضا حملة تنديد باسرائيل ومدح غير متناسب للربيع العربي.
في مقالة نشرت مؤخرا وصف كريستوف عشاءا مع مجموعة من نشطاء الاخوان المسلمين. وعبر كريستوف عن تقدير لهم واقتبس من كلامهم يُبينون ان تأييدهم كبير "لنفس السبب الذي يجعل الالمان يؤيدون المسيحيين الديمقراطيين ويجعل الجنوبيين يفضلون المسيحيين المحافظين". وأوضح ايضا ان "مسلمين محافظين أصروا على ان منظمة الاخوان المسلمين لا تميز غير المسلمين وأنها بيت كامل للنصارى الورعين. فالحديث عن شريك ممتاز للغرب". ولخص كريستوف قائلا "من المنطقي ان نكون قلقين لكن ينبغي ألا نبالغ... فمخاوفنا تعبر في احيان متقاربة عن شياطيننا".
ويحصر كوهين في المقابل عنايته بالتنديد بـ "الوسواس الاسرائيلي في شأن الشيطان الذري (الايراني)". وتكمن الذروة في مقالة فريدمان الاخيرة التي اتهم نتنياهو فيها بأنه فضل ان يدافع عن فرعون أي مبارك، على ان يؤيد اوباما الذي ساعد على "التحول الديمقراطي" في مصر. ان الصور من مصر تشهد أي ديمقراطية تنشأ هناك في الحقيقة، وفي النهاية أعلن فريدمان ان نتنياهو "في الطريق الى ان يصبح مبارك المسيرة السلمية".
هذه أمثلة فقط تميز التوجه العجيب لهذه الصحيفة تجاه اسرائيل. وفي واقع الامر كانت كل مقالة نشرت فيها تقريبا معادية. ففي الشهر الماضي اتهموا اسرائيل في الصحيفة بالتعدي على حقوق جماعة الفخر في حين تعتبر تل ابيب واحدة من المدن التي فيها أكبر عدد من المثليين في العالم. وفي أيار نشر رئيس السلطة عباس مقالة اتهم فيها اسرائيل بأنها بادرت الى حرب 1948 بطرد العرب الفلسطينيين وبذلك اضطرت الجيوش العربية الى التدخل. ألم يفكر أحد من المحررين مرتين قبل ان ينشر أكذوبة فظة بهذا القدر؟ هذا الى ان الصحيفة رفضت في البداية ان تنشر رجوع غولدستون عن اتهام اسرائيل بجرائم حرب وتمييز عنصري، ونشر الندم بعد بضعة اشهر فقط بعد ان نشر ذلك في "واشنطن بوست". من حق الصحيفة المهمة ان تنتقد اسرائيل وحكومتها لكن يجب عليها ان تحافظ على حرص على الحقائق وقدر من المنطق وهذا لا يحدث هناك.
تصميم وتطوير