لا بد من موقف شعبي لردع هذه الفئة عن ممارساتها عاطف أبو الرب
05.12.2011 02:24 PM

لم يعد أحد يستحي من علاقته المشبوهة مع الإسرائيليين، وأصبحت العلاقات تتم على عينك يا تاجر، يعني بالعربي البعض صار يفاخر بمشاركته في لقاءات تطبيع وترويض للشعب الفلسطيني للتسليم بالاحتلال، وحق الاحتلال في التحكم بمصيرنا، ليس هذه فحسب، بل علينا أن نصفق لهذا الاحتلال، ونشكر الله أن من علينا به، وندعو الله ونصلي له أن يحفظ هذا الاحتلال.
بكل أسف، ونظراً لتردي الأوضاع في المنطقة بشكل عام، وانحطاط القيم الوطنية في أوساط الشعب الفلسطيني، فقد برزت مجموعات كثيرة، تعمل على عقد لقاءات من إسرائيليين تحت عناوين مختلفة، وكل طرف يدعي أنه يحاول أن يصنع الخير للشعب ولاقضية، لا بل من يقول سننجح بتحقيق ما لم يحققه الكبار. أدرك أن الامتيازات التي يحصل عليها المشاركون في هذه اللقاءات كبيرة جداً، ومغرية للكثيرين. وأعرف أن المشاركين في هذه اللقاءات يدركون أن لقاءاتهم تضر بالقضية، وأنها لن تجلب لنا الخير، ومع ذلك يواصلون المشاركة، على أمل أن يجدوا فرصاً ينفذوا من خلال للعالم الخارجي، فمنهم من يعتقد أنه من خلال هذه اللقاءات يحصل على فيزا للسفر لدولة منالدول لاراعية للقاءات، ومنهم من يجد في هذه اللقاءات فرصة للسفر والمتعة، ولا يكترث بما تجلبه على القضية من دمار.
وهنا فإن الخلل يا يتحمله ذلك الشاب، أو ذلك المشارك في اللقاءات، هذه اللقاءات المشبوهة، بل اعتقد أن القوى السياسية على لاساحة تتحمل هذه المسؤولية، وهنا لا أعفي مؤسسات السلطة الفلسطينية من مسؤولياتها، فكثير من هذه المؤسسات تقوم بنشاطات مع مؤسسات إسرائيلية مماثلة، تارة لبحث التعاون، وتارة لبحث سبل تنفيذ مشاريع مشتركة، وتارة أخرى التعرف على تجارب إسرائيلية في مجال معين. ومع أنني أدرك أن هذه اللقاءات تهدف بشكل رئيسي ترويض الشعب الفلسطيني، فإن لها أبعاداً أخرى، فمن جهة تحصل المؤسسات الإسرائيلية على تمويل كبير من المانحين، بحجة أنها تتعاون مع الفلسطينيين لزرع بذور الثقة، ومد جسور التعاون، ومن جهة أخرى تحاول المؤسسة الإسرائيلية الرسمية استخدام هذه اللقاءات لاختراق العالم العربي والإسلامي. ففي الوقت الذي يتم عقد لقاء فلسطيني إسرائيلي، يتم استخدام هذا اللقاء لعقد لقاءات مماثلة مع مؤسسات عربية، بدعوى أن أصحاب القضية يقومون بمثل هذه اللقاءات، ومن هنا فلا ضير في مشاركة وفود عربية في لقاءات مماثلة مع مؤسسات إسرائيلية. وهنا فإنني أجزم أن المؤسسة الرسمية في دولة الاحتلال ترعى بشكل كامل اللقاءات، لأنها تخدم مصلحتها، والتي تهدف من ورائها التغلغل في الوطن العربي والإسلامي.
وعودة للقاءات التي تعقد مع فئة الشباب الفلسطيني بشكل خاص، فإنني أرى أنها لم تحقق أي هدف من الأهداف التي يتحدث عنها بعض مروجي هذه السياسة. فرغم مرور ما يزيد عن عشرين عاماً من اللقاءات، سواء التي تتم هنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وداخل كيان إسرائيل، أو تلك التي تعقد في مدن وعواصم غربية، إلا أن المجتمع الإسرائيلي لا زال على رفضه لوجود دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. والسؤال هنا ما هي قيمة هذه اللقاءات إن لم تتمكن من رفع نسبة المقرين بحق الشعب الفلسطيني في دولة على جزء بسيط من أرضه، ولو بنسبة 1%؟ أيعقل أنه وبعد عشرين عاماً من اللقاءات نراوح مكاننا؟ سيقول البعض، وسمعته كثيراً، خاصة من فئة الشباب المراهقين، إن الصراع بدأ منذ ثلاث وستين سنة، ولا زالت إسرائيل على حالها، ولا مانع أن نجرب هذا الأسلوب، ولهؤلاء نقول إن الشعب الفلسطيني ليس حقل تجارب، خاصة إذا ما كانت الفرضيات التي تقوم عليها التجارب ساقطة من الأصل.
وبعيداً عن أي تحزب، وبعيداً عن تخوين بعضنا الآخر، فأرى أن فئة من المتفعين تصر على ممارسة دور مشبوه، وتقوم بتنظيم هذه اللقاءات تحت مسميات مختلفة. ولا بد من مواقف واضحة من قبل قوى الشعب الفلسطيني الحية بخصوص ما يجري، خاصة أن ما يجري لا يتعلق بالألإراد أنفسهم، بل أمر هذه اللقاءات يمس كل الشعب الفلسطيني، ويتعارض مع حقوقه. فليس لدى أي فئة من هذه الفئات تفويض شعبي لعقد لقاءات تحت أية مسميات. وأقول طالما أن الاحتلال لا زال موجوداً فوق أرضنا، فإن أية لقاءات أو نشاطات تفاعلية تصب في خانة ترويض الشعب الفلسطيني ليبارك هذا الاحتلال. وأقول لكل المروجين لسياسات التعايش والتطبيع، هذه السياسات التي أرفضها، أتمنى عليكم أن تؤجلوا هذه البرامج حتى يتم تحقيق جزء ولو بسيط من أهداف الشعب الفلسطيني. عندها يمكن لكم أن تقولوا نحن وإسرائيل "دولة الاحتلال"، أصبحنا جواراً ولا بد من بناء علاقات حسن الجوار. ومع أنني أختلف معكم حتى في هذا الطرح، إلا أنه يمكنكم أن تبرروا مواقفكم بأن الصراع قد انتهى، رغم أنه لن ينتهي.
ومع إدراكي أن كثيرين لن يقرأوا، وإن قرأوا لن يهتموا، وسيواصلون سعيهم لتحقيق مكاسب تافهة على حساب القضية، فإنني أرى بضرورة تحرك شعبي في مختلف الأوساط الشبابية، خاصة الجامعات والمعاهد، لما لمشاركة الطلبة الجامعيين في هذه النشاطات من أخطار على مفهوم الصراع مع الاحتلال، ولما لهذه اللقاءات من تأثير سلبي على رفض الشعب الفلسطيني لفكرة التعايش مع الاحتلال. وهذه مسؤولية جمعية، يتحملها الجميع أحزاباً ونقابات وأطر شبابية، وليس عيباً أن يتم تنظيم لقاءات ونشاطات لفضح الفئة التي تقف خلف استمرار هذا النهج.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء