الملك ونحن- بقلم: د. أفرايم سنيه/ هآرتس

03.12.2011 10:09 AM
في زيارتي إلى الاردن هذا الاسبوع زودني من تحدثت معهم بتحليلهم لتصريحات الملك عبدالله عن بشار الأسد: "لو كنت في وضعه، لاستقلت". الملك عبدالله، قال الاردنيون الذين تحدثت معهم، لا ينتمي الى ثقافة القذافي، مبارك والاسد. فهو لن يطلق أبدا النار على جنوده أو يفتح النار على أبناء شعبه. وعليه، فاذا ما تحول الحراك في المملكة الى اضطرابات عنيفة واسعة النطاق، فانه ببساطة سينهض ويغادر.

انصراف الملك سيخرج من المعادلة الاردنية العامل الوحيد القادر على احداث التوازن بين القوى المتعارضة المتراكضة في محيطه. السيناريوهات موضع الحديث هي حرب أهلية، فوضى مستمرة وحكومة مدنية بسيطرة محافل إسلامية. القاسم المشترك للجميع – كابوس إستراتيجي لاسرائيل. شرقينا سيكون تواصل من التطرف الاسلامي، من جسر اللنبي وحتى جبال أفغانستان.

المملكة الاردنية، التي أقامت معنا علاقات سلام لـ 17 سنة، مُيبة للأمال من ناحيتها، لن تشكل حاجزا بعد اليوم. الحدود الطويلة مع الاردن لن تكون آمنة بعد اليوم. وسيكون لذلك أيضا آثار شديدة من حيث الميزانية، مثل تلك الواجبة جراء التغيير في مصر.
قبل إنسحابها من العراق لم تكلف الولايات المتحدة نفسها عناء التعزيز بما فيه الكفاية للاردن ضد الفراغ الاستراتيجي الذي خلقته هناك. الدور الايراني المتصاعد في العراق، الارهاب الجهادي الذي من شأنه أن يحتدم، كل هذا من شأنه أن يتسلل الى الاردن بسهولة، في ظل غياب حكم مسؤول.

حكومات إسرائيل في العقد الاخير ردت بخفة كلما تغلب المتطرفون على المعتدلين في محيطنا. كان يمكن الاعتقاد بأننا نشاهد لعبة كرة قدم في دوري انجليزي، لنرى من سيفوز. يوجد عندنا، وبقدر أكبر في الحكومة اليوم، من يرون بركة في سيطرة حماس على غزة وفي المستقبل أيضا على الضفة الغربية. حسب فهمهم، سيكون الأمر مثابة حصانة خالدة ضد اتفاق اسرائيلي – فلسطيني.

ولكن الحالة الاردنية بسبب آثارها الامنية الجسيمة والفورية، تلزم حتى رافضي الاتفاق بتفكير مختلف. انطلاقا من المعرفة بقيودها يتعين على اسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في منع تدهور الوضع الداخلي في الاردن. بالطبع، ليس المقصود التدخل في السياسة الاردنية المعقدة. ولكن إسرائيل يمكنها أن تقترح على الاردن حلولا عملية تخفف من ضائقتيه الاساسيتين: الماء والطاقة.
الاردن يُعد من الدول الاربعة الأكثر "عطشا" في العالم. مشروعان كانا يفترض بهما ان يخففا من النقص في المياه: التحلية في العقبة واستغلال المياه الجوفية المالحة على الحدود مع السعودية. هذان المشروعان بعيدان عن التحكم. المسافة الجغرافية بينهما وبين عمان أبعد بثلاثة أضعاف من المسافة بين عمان والبحر المتوسط. منشأة التحلية في شاطيء إسرائيل، خُطط له لتحلية المياه للسلطة الفلسطينية والغي، كفيل بان يضمن توريد مياه للاردن بسرعة أكبر من المشروعين الاخيرين وبكلفة أقل.

في مجال الطاقة أيضا تُملي المسافة الجغرافية الحل. الغاز الذي يصل من مصر الى الاردن يرتفع ثمنه، وحتى لو كان توريده لا يتوقف بسبب التخريب للانبوب، فان كميته غير كافية. لا يوجد مصدر طبيعي أقرب الى الاردن من مخزونات الغاز لاسرائيل في البحر المتوسط. المسافة بين اقصى نقطة لانبوب الغاز الاسرائيلي القائم منذ اليوم والحدود الاردنية هي أقل من 30كم، مسافة طفيفة بتعابير مشاريع الغاز المخطط لها، مثلا، من بحر قزوين الى جنوب افريقيا. توريد الغاز من شواطيء اسرائيل سيسمح للاردن بتخفيض سعر الكهرباء. وهذا تخفيف للعبء الاقتصادي واسع الأثر.

الفعل العاجل والاهم الذي على اسرائيل أن تقوم به يتعلق بالموضوع الاكثر حساسية: القدس. للاردن يوجد دور في الاماكن المقدسة في القدس، منصوص عليه في اتفاق السلام وفي "اعلان واشنطن" الذي أصدره كلينتون، رابين وحسين. تجاهل هذا الدور يلحق ضررا شديدا بعلاقات اسرائيل – الاردن. قرار رئيس الوزراء تأجيل هدم "جسر المغاربة" هو قرار حكيم. وهو بحاجة الى تعزيز وتواصل. اشراك الاردن في كل ما يجري في نطاق الحرم، بالقرار وبالتنفيذ الهندسي، كفيل بان يؤدي الى تغيير الاجواء العكرة السائدة اليوم بيننا وبين الاردنيين وتبرير تملك الملك باتفاق السلام.
تصميم وتطوير