رسالة إلى أنصار "وثيقة جنيف...بقلم/هاني المصري"

30.11.2011 10:23 AM
كنا نعتقد أن وثيقة جنيف -التي وقعتها شخصيات فلسطينية بعضها تتبوأ مواقع فلسطينية رسمية في المنظمة وغيرها مع شخصيات إسرائيلية تمثل أقلية صغيرة في إسرائيل- قد طواها النسيان وأصبحت أثرًا من الماضي، إلى أن طالعتنا الأخبار باجتماع عقد مؤخرًا بمناسبة الذكرى الثامنة لتوقيعها في جنيف أكد على أهمية الوثيقة، وأنها لا تزال صالحة و"تقدم الحل الوحيد الممكن" في مغالطة لحقائق الواقع الماثل أمامنا الذي يشهد توسعًا استيطانيًا لم يسبق له مثيل وتعميقًا للاحتلال.

في السنوات الأخيرة، توارت وثيقة جنيف عن الأنظار ولا يتم التطرق إليها إلا عندما يعقد "تحالف السلام" اجتماعات وندوات هنا أو في إسرائيل أو في الخارج لا علاقة لمعظمها بالوثيقة؛ لتبرير الموازنات التي لا تزال تصرف على وثيقة ولدت ميتة.

كانت الوثيقة حين التوقيع عليها تنازلًا مجانيًا فلسطينيًا فتح شهية إسرائيل للحصول على المزيد من التنازلات، وساهم في دفعها نحو المزيد من التطرف.

كان التوقيع على الوثيقة من حيث الشكل والمضمون والتوقيت أكبر من خطأ، خصوصًا بالنسبة لمشاركة مسؤولين فلسطينيين أحدهم عضو لجنة تنفيذية في المنظمة، (وأصبح أمين سرها بعد اغتيال ياسر عرفات). وأصبح التمسك بالوثيقة حتى الآن من الجانب الفلسطيني خطيئة جراء هبوب رياح وعواصف التطرف في إسرائيل التي أطاحت بالمفاوضات وما يسمى "عملية السلام"، وأدت إلى تشظي معسكر السلام في إسرائيل.

فالوثيقة تضمنت تنازلات فلسطينية جوهرية عن وحدة القضية والشعب والأرض، ومست بحق الفلسطينيين المعترف به في القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بخصوص القدس والحدود والاستيطان وقضية اللاجئين، خصوصًا حق العودة دون مقابل يذكر، وهي وُقعت مع طرف إسرائيلي لم يكن يمثل سوى أقلية، ولم يعد حاليًا يمثل شيئًا، لدرجة أن يوسي بيلين الذي ترأس الوفد الإسرائيلي ولا يزال يضع اسمه على الوثيقة، مع أنه ترك السياسة وتحول إلى الأعمال، وكتب مقالات وتحدث في اجتماعات وندوات قال فيها: إنه لم يعد يؤمن بإمكانية تطبيق ما جاء في وثيقة جنيف، لأن إسحاق رابين الذي وقع اتفاق أوسلو اغتيل ولن يبعث حيًا، وأيهود أولمرت الذي اقترب من توقيع اتفاق نهائي مع "أبو مازن" أطيح به ولن يعود لا هو ولا مثيل له إلى الحكم في إسرائيل، لذا نصح بيلين الفلسطينيين إلى قبول الدولة ذات الحدود المؤقتة لأنها الشيء الوحيد المتاح لهم في ظل حكومة نتنياهو.

أقول لأصحاب وثيقة جنيف من الفلسطينيين يكفي الضرر الذي ألحقتموه بقضية شعبكم، يكفي إظهار الصراع وكأنه بين متطرفين ومعتدلين من الجانبين، أو حول شروط وطبيعة السلام، وليس بين طرف استعماري احتلالي استيطاني عدواني عنصري إجلائي وطرف واقع تحت الاحتلال، فلا يمكن على الإطلاق التعامل مع الفلسطينيين والإسرائيليين على قدم المساواة.

حرام عليكم التغرير ببعض الشباب وإغرائه بالسفريات وجعله يعقد لقاءات مع أناس معظمهم متطرفين عنصريين باسم السلام مع أنهم أعداء السلام.

فلسطين الآن أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى كل أبنائها حتى تتحرر وتضع أقدامها على طريق المستقبل، طريق الحرية والعودة والكرامة والديمقراطية والاستقلال.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير