تحدي استراتيجي جديد - بقلم: يوآف ليمور/ اسرائيل اليوم

25.11.2011 10:26 AM
في ظل الاحداث في ميدان التحرير، نقل في الاونة الاخيرة مسؤولون مصريون كبار رسائل تهدئة الى اسرائيل. فقد أوضحوا بان الوضع تحت السيطرة ولا خوف على العلاقات بين الدولتين.

رسائل مشابهة نقلت الى اسرائيل قبل عشرة أشهر بالضبط. في حينه أيضا كان اولئك هم رؤساء جهاز الامن في القاهرة الذين قالوا لنظرائهم في اسرائيل انه لا يوجد ما يدعو الى القلق. يدور الحديث عن تنفيس مضبوط للجماهير النظام يسيطر عليه.

في اسرائيل تضللوا في حينه من أقوال التهدئة من القاهرة وكيفوا معها التقديرات الاستراتيجية. وعندما سُئلوا، بأثر رجعي كيف لم يتوقعوا انهيار الحكم، أجابوا: لا يمكن التوقع منا معرفة ما لم يتوقعه المصريون. مبارك نفسه لم يعرف بان نهايته قريبة. لو كان يعرف، لمنع ذلك.

ورغم ذلك فقد استوعب الدرس. اليوم يمكن سماع مواقف قاطعة أقل بكثير في جهاز الامن في اسرائيل، وقلق أكبر بكثير. مصر لم تعد منذ زمن بعيد "رصيدا"، والموقف منها يتراوح بين الخطر والتهديد. الخطر في كل ما يتعلق بالحكم المركزي في القاهرة والتطورات السياسية في الدولة (مع التشديد على تعزيز القوى الاسلامية)، والتهديد في ما يتعلق بالارهاب – لا سيما في سيناء.

وكان الاستنتاج من هذه التقديرات فوريا. ففي ما يتعلق بسيناء الاستنتاجات مطبقة على الارض: بناء الجدار بين ايلات وكرم سالم تم تسريعه، واقيمت قيادات لوائية اخرى وعززت القوات ووسائل جمع المعلومات، وكل ذلك انطلاقا من الفهم بان هذه باتت عمليا حدودا قتالية.

ولكن هذا هو الجزء السهل. المشكلة الاساس هي امكانية أن يتحقق الخطر – كابوس حقيقي – فتتحول مصر من دولة سلام الى دولة عدو. هذه ليست مسيرة ستقع في لحظة، ولكن المعنى واضح – يحتمل أن تنشأ حاجة الى عملية استراتيجية وكذا مالية (في الميزانية). ويدور الحديث عن استثمار طائل بعشرات مليارات الشواكل في التعاظم (دبابات، سفن وطائرات) عن اعادة انشاء قيادات وبنى تحتية وتغيير سلم الاولويات، وكل ذلك لمنح رد على الجيش المصري.

من أجل الشروع في الاستعداد لذلك وعد رئيس الوزراء بعلاوة ميزانية بمليار دولار (ولا سيما في الاستخبارات). الاحتجاج الاجتماعي سرق الاوراق وجعل العلاوة تقليصا. احداث الايام الاخيرة ستؤكد أكثر فأكثر الجدال على التقليص في ميزانية الدفاع، وستضع في ضوء سخيف بعض الشيء ادعاءات وزير المالية بان الدول العربية ضعفت كنتيجة للثورات ولهذا فان التهديد المحدق منها صغير.

ولا يزال، القسم الاقتصادي هو المال الصغير في القصة. المسيرة التي تجتازها مصر مقلقة جدا، وهي تهدد بسحب أحد المراسي الاستراتيجية الاكثر اهمية من اسرائيل والتي، استندت في أمنها اليه في عشرات السنوات الاخيرة. حاليا هذا لا يحصل – الحكم المؤقت أثبت ولاءا للسلام حتى حيال العملية في الطريق 12 ومحاولة السيطرة على السفارة الاسرائيلية في القاهرة، وبالطبع في دوره الحاسم في تحرير جلعاد شليت وايلان غرابل – ولكن الضعف الحالي لاجهزة الامن في القاهرة ينذر بالشر.

المجلس العسكري لا يمسك فقط بمصر بل وبالسلام ايضا، لمعرفته بميزته الاساس: الانتماء الى مجموعة الدول سوية العقل. سقوطه، وصعود محافل متطرفة، من شأنهما أن يعيدا مصر عشرات السنين الى الوراء، ويعيدانا الى الايام التي كنا ننظر فيها الى الجنوب بقلق.
تصميم وتطوير