شــبه عــراة..بقلم:ساطع نور الدين
24.11.2011 09:25 AM

صدمت الصور العارية المجتمع المصري كله: نسبت الى الفسق أو الفجور أو الطيش، كما الى الثقافة والبيئة التي تنتمي اليها علياء المهدي، التي لا يصل عمرها الى عشرين سنة، والتي اتهمت بالحط من الدين والأخلاق والتقاليد. لكن الاتهام الأهم الذي وجه الى تلك الفتاة الخرقاء، من قبل جماعة الإخوان المسلمين بالتحديد، هو أنها تنتمي الى حركة السادس من إبريل، وهي إحدى أبرز حركات الشباب المصري الذي يخوض الآن معركة استعادة الثورة والدفاع عن مكتسباتها، التي لا يجوز اللجوء الى العري لحماتيها لأنه يمكن ان يسيء إليها.
لكن الشباب المصري، الذي استردّ الميدان من الإسلاميين الذين خطفوه يوم الجمعة الماضي، بعدما كانوا قد جربوا التواطؤ في الغرف المغلقة مع المجلس العسكري الحاكم، كانوا في الأيام الماضية شبه عراة. لم يكونوا يدافعون عن حماقة علياء المهدي، بل كانوا يمارسون حرية تكاد تكون بدائية، بعد مرور عشرة اشهر على ثورتهم المذهلة. وهي فترة كافية لاعتبار الشارع مجرد ساحة خلفية، لا جبهة أمامية في المواجهة مع المؤسسات التقليدية، تدور فيها الآن معركة بديهية يفترض ان الجيل الشاب قد حقق فيها نصراً ساحقاً، لا جدال فيه، ينتظر فقط توظيفه في عملية بناء الدولة المصرية الحديثة.
ما أظهرته المعركة حتى الآن هو إحدى موجات الثورة التي يبدو انها لن تتوقف في المستقبل المنظور: الشباب الليبرالي واليساري، الذي نجح في اسقاط النظام وتحطيم صوره، لم يستطع أن يقدم صورة بديلة ترسخ في الأذهان وتطمئن الجمهور وتشطب صور البلهاء علياء المهدي. لكنه اعلن بالأمس وبشكل لا لبس فيه، ان الجيل الشاب الذي صنع المعجزة، ليس جاهزاً لتولي الحكم او حتى الاقتراب من مؤسساته. قال بعض رموزه إنه مجرد أداة ضغط دائمة على الحكام والمسؤولين، او حتى جهاز للإشراف على تطبيق أهداف الثورة وبرنامجها، من دون ان يبدي الكثير من الاهتمام بصناديق الاقتراع التي ستفتح بعد اربعة ايام فقط، ولا بالغالبية النيابية التي يتوقع ان تفرزها وتحدد طبيعة الدولة ودستورها واسم رئيسها وشكل حكومتها.
الشارع هو وسيلة الضغط، والمليونيات المقبلة هي السبيل الوحيد، لأنه ليس هناك جسم سياسي موحد وقائد تنظيمي بارز يمكن ان يقتحم الغرف السوداء التي تتوزع الأدوار وتتقاسم الحصص.. وتنسى ان علياء المهدي لا تختزل الثورة والثوار، لكنها ترمز الى نمط استثنائي من التحدي لثقافة مصر ووعيها.
عن جريدة السفير- بيروت
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء