ضد المقاطعة، ضد القانون..بقلم: ناحوم برنياع/ يدعوت

11.07.2011 02:45 PM

هناك أناس تذكرهم المقاطعة بالكوتج. أما أنا فتذكرني بأمور اخرى، أقل إثارة للعطف: شعارات "يودا" ونجمة داود على نوافذ عرض المحلات التجارية اليهودية في المانيا النازية؛ مجمعات تجارية دولية مثل كوكا كولا وتيوتا خضعت للمقاطعة العربية وامتنعت لسنوات عديدة عن بيع منتجاتها في اسرائيل؛ ومع الاختلاف، مقاطعات فرضها حاخامون متطرفون على يهود لم يعجبوهم، من شبينوزا وحتى اليوم.

المقاطعة هي سلاح استهلاكي مشروع – وسلاح سياسي مشكوك فيه. هو سلاح اولئك الذين يئسوا من اقناع غيرهم بصحة موقفهم. وكمخرج أخير، يعلنون عن الحرد.

          ولكن ليس غنيا عن البيان أن نذكر هنا في هذا السياق المقاطعة التي فرضها الجنرال باركر، قائد القوات البريطانية في بلاد اسرائيل، على الحاضرة اليهودية. فقد سعى باركر الى أن ينتقم من اليهود على تفجير فندق الملك داود على أيدي منظمة الايتسل في 1946. وهكذا أمر جنوده: "من يوم تلقي كتابي هذا فان كل أماكن التسلية، المقاهي، المطاعم والمحلات التجارية لليهود ستكون خارج النطاق. لن يكون لجندي بريطاني علاقات مع يهودي. سنعاقب اليهود بالشكل الذي يكرهه هذا الجنس أكثر من أي جنس آخر – المس بجيوبهم".

          المقاطعة التي فرضها باركر لم توهن اليهود، ولكنها حددته في مكانه في تاريخ الحاضرة كأكبر اللاساميين. ما كنت لاقترح تبنيه كنموذج.

          من جهة اخرى لدينا رئيس وزراء يعلن أمام الملأ عن تأييده لحل الدولتين، ولكن في نفس الوقت يشجع البناء الكثيف للمستوطنات في اراضي الدولة الاخرى. هذا أمر مزدوج الاخلاق، هذا خطير وهذا يدعو الى الاحتجاج.

          احيانا هذه المعضلة تمثل بكل ثقلها حين يقف المرء امام الرف في السوبرماركت، لتكون مغلفة بغلاف من النايلون لمنتج كعك من مخبز في برقان، أو داخل زجاجة نبيذ مسوغ من الخليل. أنا أعرف ما أفعل في مثل هذه الحالة: أسحب من الرف الكعك من مخبز في القدس، أو النبيذ من قبو تخمير في الجليل. أنا لا أعلن عن مقاطعة – فقط أساعد الصناعة الاسرائيلية داخل الخط الاخضر.

          فما بالك أنهم في العالم يجدون صعوبة في أن يفرقوا بين اسرائيل الخط الاخضر واسرائيل المستوطنين. حركة BDS (وهي الاحرف الاولى من كلمات ، مقاطعة، منع الاستثمار، عقوبات او بالعبرية "حمس") اقيمت في اوروبا بهدف مقاطعة البضائع من المستوطنات. وبالتدريج تحولت الى حركة ترفض مجرد وجود اسرائيل. بعض من رجال هذه الحركة سعوا في الايام الاخيرة الى نقل حملتهم الى الاراضي الاسرائيلية. عندما تمكن بعضهم من التسلل الى طائرات هبطت في مطار بن غوريون اعلنوا: "هنا فلسطين". وهكذا كشفوا عن جدول أعمالهم الحقيقي.

          الكنيست كان يفترض أن تقر اليوم، بالقراءة الثالثة، قانون يجعل الدعوة الى المقاطعة للبضائع من المستوطنات جناية مدنية. العقاب سيكون تعويض مالي للمتضرر وطرد من عطاءات الحكومة وميزانياتها. وقد تجند الائتلاف لاقرار القانون.

          47 شخصية، بينهم حائزون على جائزة اسرائيل، بروفيسوريون بارزون، كُتّاب ورسامون، وقعوا على عريضة تدعو النواب الى التصويت ضد. في العريضة يوجد قسمان – قسم يؤيد المقاطعة للمستوطنات، بما في ذلك المقاطعة الثقافية؛ والقسم الثاني يقول ان القانون يكم الافواه ويخرج اسرائيل من أسرة الدول الديمقراطية.

 من السهل الموافقة على احتجاجهم. القانون سيء. بتذاكٍ يذكر بأنظمة ظلماء يتوجه هو فقط ضد من يدعو الى المقاطعة على خلفية جغرافية. متطرفو اليمين الذين يتجولون في المظاهرات وهم يلبسون القمصان ذات الاكمام القصيرة التي كتب عليها "انا أشتري من اليهود فقط" معفيون من العقاب. كما أنهم معفيون من العقاب أيضا الحاخامون الذين يدعون الى عدم تأجير الشقق للعرب. وكما قال سكيني في "بيت الشاي لقمر آب"، فان الفورنغرافيا (فضائح التعري) هي مسألة جغرافيا.

أصعب، لي على الأقل، تكريس المقاطعة كسياسة، كايديولوجيا.

ولعله من الشر يأتي الخير. أحد من قادة السلام الان قال لي أمس انه سيسعده دحرجة مسألة المستوطنات وشرعيتها الى المحاكم. اليسار سيحصل على منصة لاطلاق صوته. اليمين سيدخل في حالة دفاع. بتعبير آخر، اليمين حفر حفرة. لا ينبغي أن نستبعد امكانية أن يسقط فيها.

تصميم وتطوير