المستثمرون في إسرائيل فضيحة.. مصطفى إبراهيم

22.11.2011 11:04 AM
من غير المعقول أن لا تعلم السلطة الفلسطينية خاصة الأجهزة الأمنية المتغولة على الناس وتتدخل في جميع تفاصيلهم، عن ظاهرة خطيرة تطول الكل الفلسطيني، وهي وجود 16 ألف رجل أعمال فلسطيني يستثمرون في إسرائيل، والمستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية، حجم استثمارات هؤلاء بلغت 2.5 مليار دولار، وحسب حسابات أكثر تفاؤلا يحتمل أن تكون 5.8 مليار دولار، بينما وصل حجم الاستثمار داخل الضفة الغربية، 1.58 مليار دولار فقط.

ظاهرة التبادل التجاري بين رجال أعمال فلسطينيين وإسرائيل قديمة قدم الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونعلم عن فلسطينيين عملوا في المقاولات في مشاريع البناء في اسرائيل والمستوطنات أو كمتعهدين عمال في البناء والزراعة.

وتم محاربة أولئك ونبذهم المجتمع الفلسطيني وقاطعهم، لكن المفاجئة كانت في التقرير الذي نشرته الصحافية عميرة هس في صحيفة هآرتس عن دراسة عيسى سميرات طالب الماجستير في كلية الاقتصاد في جامعة القدس، المفاجئة المفجعة للظاهرة في دراسة سميرات أن حجم الاستثمارات لو تم استثمار 2.5 مليار دولار في الضفة الغربية حسب تقديرات سميرات كان بوسعها أن توفر 213 ألف فرصة عمل في ظل تزايد أعداد البطالة.

وحسب الدراسة أن جميع هؤلاء المستثمرين يحصلون على تصاريح دائمة تمكنهم من دخول اسرائيل والمستوطنات، ومن غير المعقول أن لا يكونوا معروفين للأجهزة الأمنية لأنهم مسجلين في الغرفة التجارية الفلسطينية، وتقوم الأجهزة الأمنية بالفحص الأمني على أسمائهم، وهؤلاء قاموا بتأسيس شركات ومصانع لهم في أماكن مختلفة في المستوطنات والمناطق الصناعية التابعة لها، ويدفعون الضرائب لوزارة المالية في دولة الاحتلال.

هؤلاء يقيموا شراكة مع تجار يهود، و 8.8 في المائة منهم أفادوا بان الشريك اليهودي هو مجرد “غطاء” ويتلقى عمولة على أساس دائم أو لمرة واحدة، 20 في المائة آخرون هم مقاولون فرعيون لشركات إسرائيلية.

المستثمرون الفلسطينيون لا يكتفون بذلك فهم يجلبون معهم قوة العمل الرخيصة من العمال الفلسطينيين، ويشغلون اليهود في الوظائف الإدارية بأجر عال، وهؤلاء من الذين خدموا في السابق في الضفة الغربية في الجيش، وجهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، وفي الشرطة، في الإدارة المدنية، ودورهم تسهيل الإجراءات البيروقراطية التي تواجه رجال الأعمال الفلسطينيين.

ويبرر هؤلاء استثماراتهم في اسرائيل بالقيود التي يفرضها الاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني، وهي صحيحة، منها السيطرة على الأراضي والمستوطنات والسيطرة على مصادر المياه، والقيود المفروضة على الحركة للمواطنين والبضائع داخل الضفة الغربية وخارجها، وغيرها من القيود، منها شح الأراضي وارتفاع ثمنها بسبب إقامة المستوطنات عليها، وغياب سيادة القانون، وسوء الإدارة والضرائب المرتفعة في السلطة الفلسطينية، والتي لا تشجع على الاستثمار حسب وجهة نظرهم.

لكن كل ذلك لا يمنعنا من مواجهة هذه الظاهرة المفجعة، ولا يعفيهم من مسؤوليتهم الوطنية والأخلاقية، والتي تشكل ضربة قاسية للسلطة الفلسطينية، ويدلل على فشل السلطة الفلسطينية على تشجيع الاستثمار، والادعاء ببناء اقتصاد فلسطيني مستقل غير تابع للاحتلال، وأن هذه الظاهرة تؤكد على أن التبعية للاحتلال مستمرة وفي تزايد، وربما هناك تشجيع وتواطؤ من بعض المسؤولين في السلطة وهم من يسهلون لقطاع كبير من رجال الأعمال الفلسطينيين، وبعضهم لا يثقون بالسلطة خوفا على استثماراتهم، مع أن ذلك لا يعفيهم من المسؤولية الوطنية من الاستثمار في اسرائيل والمستوطنات ودفع ضرائب لدولة الاحتلال.

هذه الظاهرة فضيحة كبيرة للسلطة الفلسطينية، وفضيحة وطنية وأخلاقية ليست بسبب الكشف عنها في ظل وضع سياسي حساس جدا، بل من الناحية الوطنية ومشاركة هؤلاء في تمويل قوات الاحتلال الإسرائيلي من خلال دفعهم للضرائب لدولة الاحتلال، بالإضافة لتعاظم الدعوات لمقاطعة اسرائيل و إنتاج المستوطنات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير