التنمية المستدامة والتمويل المشروط في فلسطين... بقلم: الدكتور عقل أبو قرع

04.11.2011 11:39 AM
في الظروف الطبيعية والسيادية ، تقوم الدول بوضع او تفصيل خطط التنمية ومن ضمنها التنمية البشرية ، حسب احتياجاتها وأولوياتها والإمكانيات، وتقوم بعملية قياس النتائج او التقييم حسب اعتباراتها ومصالحها وبطرقها الخاصة ، وبناء علية تقوم بإعادة الجدولة او تغيير الأولويات حسب ما تتطلبه مصلحتها، بعيدا عن الشروط والقيود المرتبطة بالتمويل من هنا وهناك، ولكن هل هذا هو الواقع غي بلادنا، هذا السؤال طرح ويطرح باستمرار، سواء من خلال ورشات عمل او محاضرات او مقالات هنا وهناك.

واذا كان التمويل، دولي او خارجي ومتنوع، فمن المنطق ان يكون هناك أجندة او مصالح للممول، لان من غير الطبيعي والمنطق ان يعطيك احد فلوسه او فلوس دافعي الضرائب في بلدة كما يقال، بدون عائد، سواء اكان هذا العائد سياسيا وهو الأهم، اقتصاديا، ثقافيا، وحتى إعلاميا، وبما أن هناك تسليم بوجود العائد او المصالح ، فأن الأهم هو كيف يمكن تحقيق الحد الأقصى من الفائدة من ذاك التمويل الدولي على التنمية وخاصة المستدامة في فلسطين، أي تلك التي تستمر بمصادر ذاتية، ولا تنتهي بزوال التمويل، ومن الأمثلة الواضحة في هذا الصدد هو ما يتم عمله في مجال مشاريع البيئة والبنية التحتية، وبمعنى أخر ثبات ذلك العمل ومردودة حين ينضب او يجف التمويل الدولي وهذا وارد في أي وقت وبأي شكل.

والنقطة الأخرى الا وهي وكما يتبادر الى الذهن من ربط بين التمويل الدولي وعمل المنظمات غير الحكومية سواء المحلية او الخارجية، وذاك الجيش الكبير من العاملين في هذه المنظمات، وذاك المستوى من نمط الحياة وفي مختلف النواحي الذي تشكل من هذا العمل، وبالأحرى ذلك الاقتصاد المصغر والمميز والهش الذي تم بناؤه على ذلك، والاهم التبعات الثقافية والاجتماعية وحتى السياسية التي تبلورت ونمت بسبب ذلك، وكما يقال بان جزء كبير من مدن واطر وبرامج وليس فقط عائلات تعيش على ذلك، والسؤال هو ماذا سيحدث لو توقف ذاك التمويل وهذا متوقع في أي وقت وبأي شكل ولاسباب سواء بسبب اعمالنا نحن او لامور داخلية تخص الممولين.

وقبل فترة اشار البنك الدولي في تقرير لة، ان الازمة المالية الفلسطينية الحالية والنمو الاقتصادي الفلسطينيي الذي كان متوقعا 9% لهذا العام، ترتبطان بشكل مباشر بالمعونات او المساعدات الخارجية، وان هذا الارتباط يشكل عنصر الخطر فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي المستدام للفلسطينيين، اي الذي يحافظ على استمراريتة من الداخل وبالاعتماد بالاساس على المصادر الفلسطينية الذاتية، واضاف تقرير البنك الدولي انة لهذا السبب، اي تذبذب وصول المساعدات الخارجية، تم تعديل توقعات النمو الاقتصادي لهذا العام الى 7%، ولهذا السبب كذلك فان المحافظة على نمو الاقتصاد الفلسطيني في المستقبل، وكذلك مواصلة عملية بناء المؤسسات للدولة الفلسطينية القادمة هو في مهب الريح.

ومن الناحية الايجابية، اشار التقرير الى الانجازات التي حققها الفلسطينيون في عملية بناء المؤسسات، وخاصة في مجال فعالية ادارة الواردات والنفقات وتقديم الخدمات، ولكن وحسب التقرير، فان كل هذه الايجابيات هي غير مستدامة، والسبب هو ارتباط الاقتصاد وبناء المؤسسات بالدعم الخارجي، اي بمعنى اخر يحث التقرير الفلسطينيين الى الاتجاة اكثر للاعتماد على الذات ومساهمة المصادر الذاتية اكثر في عملية النمو الاقتصادي، ولذا ركز التقرير وبوضوح على الدور الحيوي الهام الذي يجب ان يلعبة القطاع الخاص الفلسطيني في الاقتصاد الفلسطيني، والذي لم يلعبة حتى الان حسب التقرير، وبدون شك فأن الاعتماد الاكبر على المساعدات وحتى انتظار لحظة وصولها لصرف الرواتب ومن ثم دوران عجلة الاقتصاد يعكس هشاشة اية ايجابيات في هذا الصدد ، ونحن ما زلنا نتذكر ما قالة رئيس الوزراء وما تضمنتة الميزانية الفلسطينية، وهو الطموح والعمل لتغطية كافة النفقات الجارية في ميزانية السلطه الفلسطينيه، وبالطبع ومن ضمنها الرواتب من خلال الايرادات الذاتيه بحلول عام 2013 ، واذا حدث ذلك والاهم اذا حدث وبشكل مستدام، فيمكننا تصور ليس فقط الاثار الاقتصادية والاجتماعية لذلك ولكن الاثار النفسية وانعكاساتها على المواطن والاقتصاد الفلسطيني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير