أميمة الخليل.. عصفورة حب محمولة على أجنحة الحرية

09.07.2011 03:18 PM

"صوتها.. ما كان لحناً وغناءاً... كان شمساً وسهوباً ممرعه... كان ليلا ونجوما... ورياحاً وطيوراً وغيوما... صوتها.. كان فصولاً أربعة... لم يكن لحناً جميلا وغناءا... كان دنياً وسماءا.." كلمات استثنائية للشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم استحضرتها سريعا وأنا أستمع الى الصوت الملائكي الاستثنائي أميمة الخليل في المسرح البلدي في اطار حفلها بمهرجان قرطاج الدولي.

كانت لحظات استثنائية من مساء الاربعاء 6 يوليو 2011 هبت فيها نسائم الفن الأصيل والبديل وعبقت بياسمين الثورات العربية وأمواج الأغاني الملتزمة التي شدت بها أميمة الخليل واختلطت بأمواج التصفيق من الجمهور النوعي الحاضر بالمسرح البلدي.

انطلق الحفل في حدود الساعة التاسعة ونصف مساء،وعلى امتداد ساعة ونصف استمتع أحباء عصفورة الحب أميمة الخليل باجمل أغانيها القديمة والجديدة التي طبعت وعي أجيال متعاقبة فاستمعنا الى "يا دلي" و"يا حلو" و"شاغل بالي" و"تكبر" و"عصفور طل من الشباك" و"يا سيدي" و"شب وصبية" و"خلي شموعك" و"الايام مثل الكذبة" و"حلوة الحلوايا" وأغنية ليلى مراد "يا حبيبي تعالى" ولفلسطين غنت رائعة نزار قباني "أصبح عندي الأن بندقية" التي لحنها محمد عبد الوهاب للسيدة أم كلثوم ومن قصائد درويش غنت مقطع من "قصيدة الأرض" ورددت في تأثر واضح ومن ورائها ردد الجمهور هذه الكلمات الحلم.

"يا وطن الأنبياء... تكامل.. ويا وطن الزراعين ... تكامل.. ويا وطن الشهداء ... تكامل..ويا وطن الضائعين ... تكامل... فكلّ شعاب الجبال امتداد لهذا النشيد،

وكل الأناشيد فيك امتداد لزيتونة زمّلتني."

وفي الأخير أنتقلت الى ضفة أخرى من الحلم مختتتمة حفلها برائعة عبد الحليم حافظ "احلف بسماها وترابها".

وبعد أداء أغنيتها الأولى حيت الفنانة أميمة جمهورها قائلة:" مساء الخير لتونس فاتحة الثورات العربية الجديدة... شكرا للحضور الكريم وتحية لأرواح الشهداء التونسيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل تأمين حياة كريمة وأفضل للباقين.." وأضافت " أمل أن تبقوا بنفس الوعي والصبر والتباث على طريق الحرية والكفاح... والحفل كله تحية لأرواح الشهداء..".

صوتها لا يحتاج الى موسيقى..نستسلم له طوعا وندخل في طاعة سحره وأسره وتفرده..في صوتها جمال تدفق الماء والريح حين تهب لواقح... محروسة بالنهاوند والصبا تتقدم محمولة على أكتاف التمايز..دائما تحلق خارج السرب فقد نضجت بما لا يمحى بريح أونسيان في مدرسة لا تضاهى تسمى مدرسة مرسال خليفة... تشربت أذنها من الينابيع الصافية للموسيقى:فيروز، وديع الصافي، الشيخ امام..ثم استوت على عرش الأغنية البديلة والملتزمة بقضايا الأمة..

موسيقاها لحظات وجداني يصعب الامساك بها... كمنجة نافرة في سمفونية الوجود..هذه هي عصفورة الحب أميمة الخليل التي حلقت بنا الى سدرة المنتهى وطارت بنا على جناح الموسيقى الملتزمة نحوعوالم سحرية لا يعرف كنهها الا فنانة متوحدة مع ضميرها وتحترم نفسها وجمهورها مثلها.. غنت للوطن المسلوب والأمهات الثكالى... والأطفال اليتامى.. والشجر المحروق والغابات والأنهار والنسيان والانسان وللمهمشين... أضاءت مناطق منسية من وعينا وانتقلت بنا بين مواضيع مختلفة..فحضر الحب والوطن والشوق والفراق والمنفى وصوت الشهداء المضمخ بزغاريد الثورة.. ورقصت أرواحنا مع أغان عادت بنا الى هدهدة الطفولة الأولى وطائرتنا الورقية وأغنيات الحصادين بالبيادر.. أطلت علينا أميمة كعصفور صغير حط على نوافذ القلب... وموجة حرية مندفعة من أرحام الجماهير بعفوية وتلقائية... فرقص الحلم من جديد واتسع بحر الأمنيات في جولة مسائية مضمخة بنسيم الأغنيات الأصيلة والكلمات التي ليست كالكلمات...

عبد المجيد دقنيش- العرب اون لاين

تصميم وتطوير