ثمة علاقة بين موسم قطف الزيتون و تحرير الاسرى.. بقلم: د.حسن عبد الله

22.10.2011 11:34 AM

عندما عاد الاسرى المحررون الى مدنهم و قراهم وبلداتهم، وجدوا الاهل وقد التحموا مع اشجار الزيتون في موسم القطاف، لتشتعل ذاكرة كل محرر بصورٍ قديمة تمتد الى الطفولة والشباب، حينما كانت  المشاركة في قطف ثمار الزيتون تجلب السعادة الى قلوبهم.

عاد الابناء الى الزيتونة الأم، والزيتونة الزوجة، والزيتونة الابنة، والزيتونة الشجرة الحقيقية ضاربة الجذور في الارض. فالزيتونة في بلادنا رمز للعطاء ورمز للمرأة القوية المتماسكة المتشبثة بأرضها، و التي  تمتد اغصانها نضرة  وارفة تظلل اسرتها. والزيتونة رمز للكرامة والاقتصاد . لذلك نجد شجرة الزيتون مباركة في القرآن الكريم، ورائعة بجمالها ودلالاتها في الأدب. ونجدها في تاريخنا تمهره بفلسطينيتنا وعروبتنا. نجدها فينا زيتاً يغذينا ويمدنا بالحياة، فمن لم يتعمد بزيت بلادنا سيفتقر طيلة العمر لمذاق استثنائي، لا يشبهه مذاق سوى مذاق زيتوننا ..

الاسير المحرر الذي عانق بحرارة الأم الصابرة المنتظرة، عانق موسم الزيتون، وعانق الشجرة المباركة، وعانق الماضي والحاضر واستشرف من خلال اغصان يانعة ذلك المستقبل الآتي يحمل دولة واستقلالاً.

المحررون عادوا ليتعمدوا من جديد في زيت بلادنا، فيزداد ادراراً احتفاءً واحتفالاً بالعائدين من الغياهب المظلمة، بعد ان حلموا سنوات وسنوات بموسم يمطر زيتا.. حرية..

لا موسم في بلادنا يشبه موسم الزيتون، الا موسم تحرير الابناء من معتقلات الاحتلال، لأن هناك تشابها حد التماهي بين الانسان المعطاء وبين شجرة الزيتون، فكلاهما يعتمد الجذور العميقة، وكلاهما متوج بالكبرياء والاصرار على ان لا يكون الثمر مرتبطاً بالذات وانما بالآخرين.

لا موسم في بلادنا يشبه موسم الزيتون، الا موسم اولئك الذين قدموا من بعيد، يحملون الشمس على اكفهم ، فتشتعل اصابعهم نوراً يضيء عتمة الدرب لمن ضلوا وتاهوا او الذين استغفلتهم المرحلة او استغفلوها.

لا موسم في بلادنا يشبه موسم نائل البرغوثي، سوى ذلك الموسم الذي يمطرنا فنرتوي ثم نشبع، ونرفع ايدينا احتراماً وتقديراً لمن حرث وزرع وسقى وقلّم وسمّد.

لا موسم يشبه هذا الموسم الا موسم تحرير عميد الاسرى ، الذي امضى طفولته في حضن زيتونة، رضع من ثديها، ولعب في فضائها، فصار ابناً لها، وصارت أمه. وها هما يحتفلان سوية، الزيتونة الام ونائل الابن، يحتفلان نصرا يعمّ البلاد، كل البلاد، فيعبق المكان والزمان برائحة زكية، رائحة من زيت، تزف البشرى لكل بيت، ينتظر ابناً ما زال قابعاً في الاسر ، فيوم اللقاء بات قريباً.. هذا وعد من زيتون .. وعد من زيت.

 

 

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير