أسئلة الصدمة المعلقة...بقلم: فهمي هويدي

13.10.2011 03:10 PM

إذا استفقنا من حالة الحزن والصدمة المخيمة فى مصر هذه الأيام وحاولنا أن نفهم ما جرى، فسوف نفاجأ بأن كل المعلومات الأساسية المتعلقة بالموضوع غائبة ولا يعرف الناس عنها شيئا. بل إن بعض المسئولين أنفسهم لديهم صورة عما جرى مختلفة عما هو شائع بين الناس فيما خص بعض الوقائع.

أرجو ألا يجادل أحد فى أن من حقنا أن نعرف ونفهم ما جرى، ليس إشباعا للفضول وإنما لأن وقائعه تتعلق بمستقبل كل واحد فينا، وبأمن واستقرار البلد الذى نعيش فيه، ومن ثم بمصير الحلم الذى ظننا أننا قبضنا عليه بالثورة، وصرنا بصدد نسج ملامحه وتنزيله على أرض الواقع، ولأن الأمر كذلك فإننا لن نستطيع أن نفهم وأن نحدد موقفا من عناصر المشهد المختلفة إلا إذا حصلنا على إجابة وافية لقائمة من الأسئلة فى مقدمتها ما يلى:

● ما هى حقيقة قصة كنيسة قرية الماريناب التى أطلق هدمها شرارة الغضب الأخير، وهل حصلت على ترخيص بالبناء أم لا، وهل صحيح ما قيل من أن ثمة تلاعبا وتدليسا فى إصدار الترخيص. ذلك أنه إذا ثبت صحته وسلامة إجراءاته فإن المحافظ الذى اعترض على البناء يكون مخطئا قطعا، ويجب أن يحاسب على تعنته. أما إذا تبين أن ثمة تلاعبا فى الترخيص، فإن موقف الرجل يكون سليما، ويكون الآخرون هم الذين أخطأوا. علما بأننى أعارض بشدة لجوء بعض أهل القرية إلى هدم مبانى الكنيسة، حتى إذا كان البناء بغير ترخيص، لا هذه مسئولية السلطة وليست مسئوليتهم.

● كيف يمكن أن يعلن عن خروج مظاهرة احتجاجية للأقباط من منطقة ما فى حى شبرا، يوم الأحد 9/10 الساعة الثالثة بعد الظهر، ويحدد الإعلان وجهة المظاهرة السلمية مشيرا إلى أنها تستهدف الوصول إلى مبنى التليفزيون (فى ماسبيرو) لاشهار الاحتجاج والغضب، ثم لا تتخذ أية تدابير من قبل الشرطة لتأمين المسيرة التى قطعت نحو عشرة كليومترات مشيا على الأقدام لتبلغ مرادها؟

● لماذا سارع التليفزيون المصرى إلى الإعلان عن أن الأقباط هم الذين بادروا إلى إطلاق الرصاص على جنود القوات المسلحة، وإذا تبين أن المعلومة كانت خاطئة كما تدل على ذلك قرائن عدة، فلماذا لا يحاسب المسئول عن ذلك، خصوصا أن ذلك الإعلان أدى إلى استنفار بعض المسلمين للتصدى للأقباط «المعتدين».

 

● بعدما تبين أن المظاهرة كانت سلمية، فمن الذين أطلقوا الرصاصة على المتظاهرين والقوات المسلحة، هل تم ذلك بمبادرة شخصية أم بناء على أمر وتوجيه، وفى الحالة الأخيرة فإن تحديد الجهة التى أصدرت الأمر يصبح أمرا لا غنى عنه.

● من هم «الغرباء» الذين اندسوا وسط المتظاهرين وأشار إليهم بيان المجمع المقدس، وألا توجد وسيلة للتعرف على مخزون البلطجة الذى لا ينفد، بعدما تحول البلطجية إلى كائنات أشبه بالعفاريت التى تظهر وتضرب كل مكان، لكن أحدا لا يستطيع أن يمسك بها. وهل يعقل أن يظل هؤلاء يرتعون فى البلد طول الوقت دون أن تتمكن أجهزة الأمن من إحباط جهودهم وتجفيف الينابيع التى تفرزهم.

● ما هى الملابسات التى حركت المدرعات ودفعتها إلى دهس المتظاهرين هل تم ذلك بأمر من أحد الضباط الميدانيين، أم أن الجنود الذين كانوا يقودون تلك المدرعات قد انتابهم الفزع حينما وجدوا سيارات أخرى يتم احراقها، وحينما حاولوا الهروب من ذلك المصير. فإنهم اصطدموا بالكتل البشرية المحاصرة وخاضوا فيها مما أوقع القتلى والجرحى. ونسب الأمر إلى الجيش فى نهاية المطاف؟

اننى أحد الذين ينزهون المجلس العسكرى عن أن يكون له يد فيما حدث أمام مبنى التليفزيون، ولا أشك فى أن خطأ ما أو مجموعة أخطاء (لا نعرفها) هى التى أدت إلى وقوع الكارثة. لكن فظاعة الحدث أثارت عديدا من الشكوك والتساؤلات حول مثل هذه المسلمات، الأمر الذى وضع الجيش فى موضع الاتهام، على الأقل فيما تتبعته من انطباعات وتعليقات تحفل بها مواقع التواصل الاجتماعى. لذلك رجوت المشير طنطاوى أمس أن يوضح الأمر للرأى العام، وان يعتذر للمصريين عما جرى، رغم اننا نعلم أنه ليس هناك خطأ يمكن أن يحسب عليه أو على المجلس العسكرى، لكنهم يظلون مسئولين عن مصر هذه الأيام. على الأقل حتى يتم نقل السلطة إلى المدنيين. وإلى أن يحدث ذلك فإن ما جرى فى مصر يظل معلقا فى رقابهم. بما فى ذلك دماء الشهداء الذين سقطوا يوم الأحد الحزين.

                                                                                     عن الشروق المصرية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير