نحتاج إلى أكثر من شاليت...بقلم: حسام كنفاني

13.10.2011 09:30 AM

وضعت صفقة تبادل الأسرى نهاية لسلسلة طويلة من المفاوضات امتدت على مدى خمسة أعوام لإطلاق الجندي “الإسرائيلي” جلعاد شاليت . جندي “إسرائيلي” واحد مقابل 1027 أسيراً فلسطينياً . الرقم كبير وكاشف عن صفقة تاريخية لم تحدث منذ العام 1985 . حتى صفقات تبادل الأسرى التي أبرمها حزب الله مع دولة الاحتلال لم تصل إلى هذا المستوى، ولا سيما لجهة نوعية الأسرى المفرج عنهم .

الكثيرون قد يقولون إن بقاء مروان البرغوثي وعبد الله البرغوثي وأحمد سعدات في الأسر كفيل بأن يفرغ الصفقة من مضمونها، غير أن العارفين ببواطن المفاوضات حول التبادل، سواء من حزب الله أو الفصائل الفلسطينية، يدركون أن ما تضمنته الصفقة يعد إنجازاً بحد ذاته . الكثيرون لا يدركون أن تضمن الصفقة أسرى من القدس المحتلة هو بحد ذاته كان من المحرمات في السياسة “الإسرائيلية”، ولم يكن يرضى “الإسرائيليون” الكلام به في المطلق، وهذا ما واجهه حزب الله في مفاوضاته . كما أن شمول أسرى من أراضي العام 1948 يعد سابقة لا مثيل لها في الصفقات السابقة، ولا سيما أن سلطات الاحتلال كانت تعتبر هؤلاء من “مواطنيها”، وبالتالي فإن المطالبة بإطلاقهم تعد شأناً داخلياً غير مسموح الاقتراب منه .

إضافة إلى هذا وذاك، يؤكد العارفون بتفاصيل الصفقات أن تضمين إطلاق الأسرى عدداً من المحكوم عليهم بالمؤبدات يعد خطوة متقدمة جداً، ونصراً مظفراً لحركة “حماس” التي تمكنت طوال السنوات الخمس الماضية من الحفاظ على سلامة شاليت، رغم تعرض قطاع غزة لعدوانين متتاليين في العامين 2005 و2009 . أمر يحسب أيضاً لحركة “حماس”، التي لا شك ستستفيد من الإنجاز لتحسين وضعها الداخلي .

الصفقة إذاً تاريخية بكل ما للكلمة من معنى، غير أنها بالتأكيد ستظل منقوصة بفعل بقاء أكثر من 8 آلاف أسير في سجون الاحتلال . أسرى قد يكون الإفراج عنهم بعيداً عن المتناول في القريب العاجل، ولا سيما أن أوراق الإفراج هي حصراً بعمليات تبادل، بعدما أثبتت المفاوضات وعملية التسوية أنها لم تطلق إلا أسرى في نهاية محكومياتهم، ولم تصل إلى الأسرى من “ذوي الوزن الثقيل”، كما يحلو للصحافة “الإسرائيلية” تسميتهم .

الصفقة تاريخية، غير أن التاريخ لن يتوقف عندها، وهناك بالتأكيد حاجة إلى مزيد من الجهود لإنهاء معاناة من لايزالون قيد الأسر “الإسرائيلي”، والذين بالتأكيد سيصابون بالإحباط حين يعلمون أنهم غير مشمولين ضمن الألف المفرج عنهم . هناك حاجة إلى أكثر من شاليت، لإنجاز صفقات تاريخية أخرى تفرغ السجون “الإسرائيلية” من المناضلين .

 عن جريدة الخليج/ الامارات

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير