نوبل المرأة العربية...بقلم: ساطع نور الدين

10.10.2011 08:27 AM

ما قبل الاسلام وما بعده، كان تاريخ اليمن حافلا باسماء نساء حكمن ذلك البلد المتهم بسعادة لم يدركها الا نادرا، والمشتبه بانه كان وسيبقى خارج العصر... وخارج الكوكب الذي تعيش فيها لجنة نوبل للسلام بسجلها المثير للجدل حول العلاقة مع الهويات والثقافات الاخرى.

ِهذه المرة يبدو اللقاء بين اليمن وبين ذلك المحفل النروجي الذي غالبا ما كرّم المنشقّين عن مجتمعاتهم وبلدانهم، وكأنه تصويب يمني لمسار طويل، وتصحيح لخطأ قديم من قبل لجنة نوبل للسلام في التعامل مع الاخر، او حتى في التعاطي مع الجائزة نفسها التي سبق ان امتهنت بشكل دعائي مثير للسخرية، كما جرى مع الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي دهش لفوزه بها في العام 2009 قبل ان يدفئ مقعده في البيت الابيض، او كما حصل مع الايرانية شيرين عبادي التي فازت بالجائزة في العام 2003، عندما كانت ايران تعلن بلسان رئيسها السابق والاصلاحي البارز محمد خاتمي عن برنامجها الطموح حول حوار الحضارات بين الشرق والغرب.

هي من المرات النادرة التي تتسم فيها لجنة نوبل النروجية للسلام بقدر من النزاهة والموضوعية التي تعوض سقطاتها السياسية العديدة السابقة، وان كان اختيارها المناضلة اليمنية توكل كرمان لجائزة هذا العام، يظل مشوبا باكثر من علامة استفهام حول سبب تقسيم الجائزة بينها وبين سيدتين ليبيريتين متميزتين فعلا، لكن نضالهما من اجل انهاء الحرب الاهلية في ليبيريا يبدو تفصيليا او حتى هامشيا، بالمقارنة مع كفاح تلك السيدة اليمنية الجريئة من اجل الحرية والديموقراطية، الذي جعل منها شمعة اضاءت الليل اليمني الطويل وشعلة سبقت الربيع العربي واسهمت في انتشاره من اليمن الى مصر وتونس وليبيا وسوريا والبحرين...

فوزها بالجائزة اعاد الى الاذهان شريط الذاكرة عن المرأة اليمنية التي كان يعتقد انها خرجت من التاريخ، واختفت خلف البرقع الاسود، فاذا هي في الشارع تشارك في التظاهرات والاعتصامات وتتمتع بحرية لا تقل عما تتمتع به المرأة المصرية او الليبية او السورية، (وان كان لا يعادل حرية المرأة التونسية الفريدة، والضامنة الفعلية لمدنية الثورة، ولا اسلاميتها في تونس)... واذا هي تقدم نموذجا عصريا استثنائيا في المناضلة التي توكلت على الله وافتتحت التظاهرات في صنعاء فسار خلفها الرجال يرددون هتافاتها وشعاراتها، ونصبت خيمة متواضعة للاعتصام في وسط العاصمة اليمنية سرعان ما تحولت الى مخيم، ثم الى قاعدة للثورة على الرئيس علي عبد الله صالح.

سبق لرجال اليمن البعيد ان ساروا خلف ملكات او اميرات او سيدات فاطميات، استمدين السلطة من الارث او الصدف. لكن توكل كرمان استحقت الجائزة بجدارة وشجاعة نادرة، وبشخصية قيادية متميزة اثارت بعض النكات حول اسلوبها الاستبدادي! تمردها على سلطة العائلة المحافظة ثم على سلطة حركة الاصلاح الاسلامية ثم على سلطة الرئيس صالح واجهزته الاستخباراتية والامنية، استدعى اول اعتراف عالمي بدورها المتقدم في صنع الثورة اليمنية، وبدور المرأة العربية عامة في تفتح زهور الحرية في العالم العربي.

                                                                                                       عن السفير/ بيروت

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير