الديمقراطية: حفلة تنكرية عالمية

25.03.2025 06:31 AM

كتبت شمس نجازرة-برنامج الإعلام التفاعلي-جامعة بيت لحم: عزيزي القارئ، هل أعجبك لقب عزيزي؟!  في الحقيقة أنا لم يعجبني، على أية حال هذا ليس موضوعنا الأساسي، هل تظن أنك تعيش في عالم ديمقراطي؟ أو هل تظن أن بلدك الوحيد هو الذي يفتقر للديمقراطية؟

نعم, نعم  بالطبع نحن نعيش في عالم ديمقراطي فنحن نختار ممثلينا لكن من قائمة تم إعدادها مسبقاً، ليس من المهم من أعدها المهم أنك مخير حتى لو كانت الخيارات جميعها متشابهة، أنت مجبر على أن تثق بأن أحد هذه الخيارات هو صاحب القرار الأمثل لخدمة مصلحتك كمواطن، عزيزي المواطن في النظام الديمقراطي صوتك مهم جداً عند الانتخابات، لكن بعدها حتى لو صرخت لن يسمعك أحد، فأنت مجرد مواطن بسيط لا تفهم في الشؤون الكبرى ولا في الشؤون الاقتصادية ولا حتى في التعقيدات السياسية، فصاحب القرار الذي أعطيته صوتك لمجرد وعود قطعها في دعاية انتخابية  لا حساب عليها هو الذي يقرر عنك، عزيزي في النظام الديمقراطي يمكنك قول ما تشاء أو فعل ما تشاء، لكن ذلك لا يعني أنك لن تتلقى عقاباً طالما قولك أو فعلك لم يعجب أصحاب المقاعد, وفي الغالب لن يعجبهم إذا كان حقيقياً، لذا يمكنك قول الحقيقة طالما أنت جاهز لتحمل النتائج المترتبة على ذلك، حتى لو كانت النتيجة خسارتك لحياتك، المهم أننا ديمقراطيون فأنت من اخترت صاحب القرار بيدك، في الدعايات الانتخابية تظل مصلحة المواطن هي الأولى، لكن بمجرد انتهاء الانتخابات واستلام المنصب تصبح حقوق المواطن فريضة مؤجلة.

في بلادي أيضاً نحن ديمقراطيون، نعم نحن ننسى ذلك بين الحين والآخر لكننا عندما نتذكر نطبق الديمقراطية بحذافيرها، فالشعب هو من يختار ممثليه، حتى لو كانت آخر انتخابات رئاسية قد حدثت قبل عشرين عاماً، فالتحديثات عندنا بطيئة بعض الشيء، لكن لا بأس المهم أننا ديمقراطيون، فالشعب وحده من يختار صاحب المنصب دون أيّ تدخل سلطوي ولا خارجي.
تخيل عزيزي، أن هذا العالم الذي ارتكب أفظع المذابح في حربين عالميتين، وينفق تريليونات الدولارات على صناعة الأسلحة وقتل البشر، ويبرر الإبادة الجماعية، ويسمح باستمرار احتلال دولة حتى العام 2025، يتغنّى

بالديمقراطية وحقوق الإنسان، كيف لمن استخدم الديمقراطية كذريعة لغزو دولة أن يقنعنا بأنها مثل أعلى؟! كيف لهذا العالم الذي يرتوي من دماء الأبرياء أن يعلمنا الديمقراطية؟! يا لهذه المفارقات العجيبة !
عزيزي هل لا زلت تؤمن بما يسمى بالديمقراطية؟ إذا كانت إجابتك نعم، فاسمح لي أن أهنئك على قدرتك على الاحتفاظ بهذا الحس البريء في عالمٍ غارقٍ في القذارة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير