نوايا الاحتلال الخبيثة لمواصلة العدوان

13.02.2025 08:36 PM

كتب: أحمد عبد الوهاب

من المؤكد أن القضية الفلسطينية، تمر بمنعطف خطير، خاصة بعد الولاية الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أدلى بتصريحات "عنترية" مضمونها رغبته في تهجير سكان قطاع غزة، ما يؤكد المساعي "الترامبية" لإنهاء القضية الفلسطينية، والاستيلاء على الأرض لصالح إسرائيل، التي أعلنت تأييدها لخطة الرئيس الأمريكي، بإخضاع قطاع غزة تحت الإدارة الأمريكية.

لا شك أن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، يتصدر المشهد السياسي العالمي، واتجهت البوصلة من حرب روسيا وأوكرانيا إلى الشرق الأوسط، ومع التوصل لاتفاق الهدنة، ووقف إطلاق النار، الذي تم بعد جهود ومفاوضات خارقة قادتها قطر ومصر. شاهد العالم مراحل خروج المحتجزين الإسرائيليين، ومن الواضح تلقيهم معاملة آدمية من جانب عناصر حماس، على عكس ما يحدث للأسرى الفلسطينيين، الذين يتعرضون لكافة أنواع القهر والتعذيب داخل السجون الإسرائيلية.


- عرقلة اتفاق الهدنة

وقف إطلاق النار جاء بعد ضغوط كبيرة على إسرائيل، التي عرقلت كافة المفاوضات السابقة، للاستمرار في عدوانها على المدنيين، ما يؤكد مساعيها المدعومة من الولايات المتحدة، بتدمير قطاع غزة بشكل كامل مثلما حدث، وتهجير الفلسطينيين وضم الأرض المُحتلة لإسرائيل، ولكن صمود الغزاويين، حال دون تنفيذ المخطط الإسرائيلي، ورضخ الكيان ووافق على وقف إطلاق النار، بهدف الإفراج عن الرهائن، في ظل تعرض حكومة نتنياهو لضغوط كبيرة من الرأي العام في تل أبيب.

تصريحات ترامب المُنحازة بشكل واضح لصالح إسرائيل، دفعت الكيان لمحاولة عرقلة اتفاق الهدنة، خاصة وأن إسرائيل لم تلتزم بتعهداتها المتفق عليها، ما دفع حماس للتلويح بتأجيل الإفراج عن المحتجزين، وهو ما استغلته دولة الاحتلال للتهديد بأنها ستستأنف المعارك مع حماس بشكل عنيف، مستندة على تهديد الرئيس الأمريكي، بوقف الهدنة حال عدم الإفراج عن المحتجزين بحلول السبت المُقبل، وهو ما دفع الحركة لإصدار بيان واضح يؤكد على التزامها الكامل ببنود الهدنة، وكشف الرغبة الخبيثة للاحتلال في استئناف العدوان.

التصريحات الإسرائيلية دفعت الوسطاء في مصر وقطر، لتكثيف الجهود وإجراء اتصالات موسعة مع كافة الأطراف في حماس وإسرائيل والولايات المتحدة، لاستمرار الهدنة أيضا البدء في مفاوضات المرحلة الثانية. لا شك أن المشهد يواجه صعوبات شديدة، وهناك مؤشرات لتصاعد حدة التوتر، وهو الأمر الذي قد يبدد كافة المساعي لإيجاد حل لوقف العدوان على غزة.


استئناف العدوان

وقف إطلاق النار في غزة، لم يكن هو المسار الوحيد في الصراع، بل فتح جيش الاحتلال الإسرائيلي جبهة أخرى في الضفة الغربية، وشن هجمات موسعة تسببت في هدم عشرات المنازل، واستشهاد عشرات المدنيين الأبرياء. وبرر الاحتلال جرائمه البشعة، مثلما فعل في غزة، باختباء عناصر مسلحة داخل المنازل. الأمر لا يحتاج إلى خبير ليحلل ما تفعله إسرائيل، وإنما يؤكد على أن دولة الاحتلال تسعى لإنهاء القضية الفلسطينية، والاستيلاء على الأرض من أصحابها.

عدم التزام إسرائيل ببدء مفاوضات المرحلة الثانية، يؤكد إمعان الاحتلال في التعطيل بهدف تخريب اتفاق وقف النار واستئناف العدوان لأنه لا يوجد ما يردع الاحتلال. ورغم ذلك لا تتوقف المساعي "القطرية والمصرية"، ويتم إجراء اتصالات مكثفة لإيجاد مخرج يضمن تنفيذ الاتفاق بشكل متوازن، يحافظ على التهدئة، لتجنب تصعيد جديد، قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، ومزيد من الخسائر.


ويرى كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، أن هذا هو الوقت المناسب لكي يتصرف القادة الفلسطينيون والإسرائيليون بنضج ومسؤولية، تجاه مواطنيهم. ويؤكدون على أن حماس يجب أن تستمر في دفع الصفقة والمفاوضات لتسهيل إعادة إعمار غزة، وتأمين إطلاق سراح أسراها، ويجب على إسرائيل بأكملها السماح باستمرار دخول المساعدات الإنسانية، لضمان إطلاق سراح أسراها المحتجزين لدى حماس.


-  سياسة الترهيب

تصريحات المسؤولين في الاتحاد الأوروبي قد تبدو متوازنة، ولكن موقف الاتحاد من الصراع القائم، كان ينبغي أن يكون له تأثير أكثر من ذلك، خاصة أن غالبية الدول الأوروبية لها علاقات وطيدة مع إسرائيل. فلماذا تخاذلت تلك الدول عن التدخل للتأثير على الاحتلال لوقف العدوان؟. الإجابة على هذا السؤال تبدو واضحة، بأن دول الاتحاد الأوروبي، تعلم جيدًا أن أوراق اللعبة في قبضة أمريكا، ولذلك لا تمتلك أوروبا من الشجاعة، مواجهة الولايات المتحدة، أو وقف دعمها لإسرائيل بالأسلحة، خوفا من رد فعل "ترامب"، الذي يتبع سياسة الترهيب في تصريحاته منذ بداية ولايته الثانية.


باتت الهدنة محفوفة بالمخاطر، ومن المؤكد أنه حال استئناف إسرائيل العمليات العسكرية في غزة، سيكون الأمر بالغ الخطورة، لذلك على حماس أن تدرك مساعي إسرائيل لعرقلة الهدنة، والعمل على عدم منحها الفرصة لذلك، والاستمرار في الالتزام الكامل بالبنود المتفق عليها، وفضح الكيان أمام العالم، حال الإصرار على خرق الهدنة والعودة مجددًا لقصف المدنيين في غزة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير