الصين هي الحل

كتب: محمد عصيدة
بينما أكتب هذه الكلمات، تجتمع لجان حول العالم لمناقشة خطط إعادة إعمار غزة. الحكومات، المنظمات الدولية، والمؤسسات المالية كلها تريد نصيبًا من الكعكة من أموال الإعمار.
النهج المعتاد—تسليم جهود إعادة الإعمار للمنظمات الدولية—سيكون خطأً فادحًا. إذا كان التاريخ قد علمنا شيئًا، فهو أن هذه الجهود ستستمر لعقود وستكلف مبالغ خيالية. لماذا؟ لأن العديد من هذه المنظمات ترى في التبعية طويلة الأمد نموذجًا مربحًا لأعمالهم. انتهاء المشاكل والمصائب يعني انتهاء دورهم. همهم الأساسي تكبير المشاكل وفي نفس الوقت التظاهر بالعمل على حلها.
لكن هناك حلًا أفضل: يجب أن تتولى الصين مشروع إعادة الإعمار من بدايته وحتى النهاية.
أولًا، لدى الصين سجل حافل في التنمية الحضرية واسعة النطاق، والبنية التحتية، والبناء السريع. فهم ينجزون المهام بكفاءة وبتكاليف أقل بكثير مما تتقاضاه الشركات الغربية. خذ على سبيل المثال تطوير الذكاء الاصطناعي: كلف تطوير ChatGPT من OpenAI مئات الملايين، بينما حققت الصين نتائج مماثلة مع DeepSeek بميزانية أقل بكثير. بالإضافة الى ذلك فإن أوروبا اليوم تبدو كدول العالم الثالث مقارنة بالصين.
ثانيًا، لا ينبغي لنا نحن الفلسطينيين الاعتماد على المساعدات الدولية لإعادة إعمار غزة. قد يبدو هذا الرأي غير منطقي، لكن دعوني أوضح. إعادة الإعمار بدون التبرعات الأجنبية لن يكون سهلا، لكنه ليس مستحيلًا. والأهم من ذلك، أنه من الضروري أن نقوم بإعادة الإعمار بأيد وأموال فلسطينية. إذا كنا جادين بشأن بناء دولة مستقلة، فعلينا أن نبنيها بأنفسنا.
الخطوة الأولى هي التخطيط. ستطلب شركة أمريكية مليار دولار لتصميم مستقبل غزة. شركة أوروبية؟ ربما 300 مليون دولار. لكن شركة صينية يمكنها القيام بذلك بأقل من 10 ملايين دولار—وربما مجانًا.
ثم يأتي دور العمالة. غزة لا تعاني من نقص في العمال المهرة—لدينا المواهب والدافع.
بعد ذلك، نحتاج إلى المواد الخام. يجب على السلطة الفلسطينية تقليص الإنفاق غير الضروري وتوجيه الأموال نحو إعادة الإعمار. قد لا يكون ذلك كافيًا وحده، لكنه سيحدث فرقًا. يمكن للفلسطينيين في الشتات أيضًا أن يساهموا بشكل كبير، من خلال توجيه مواردهم نحو قضية وطنية بدلًا من الاعتماد على المانحين الخارجيين الذين لديهم أجنداتهم الخاصة. النهج القديم أفسد إرادتنا في إحداث التغيير وخلق اعتمادا على الدول المانحة.
المشكلة الحقيقية ليست في المال—بل في طريقة تفكيرنا في فلسطين دائما فيها ما يكفي من الأموال. لقد تم تلقيننا بأن كل مشروع كبيرا كان أو صغير يجب أن يُمول من المساعدات الأجنبية. لكن إذا كنا ملتزمين حقًا ببناء دولة قوية ومستقلة، فعلينا أن نمتلك هذا المستقبل، ونتحمل مسؤوليته بالكامل. كفى اعتمادًا على المساعدات الدولية التي تضعفنا أكثر مما تساعدنا. كفى اعتمادًا على المنظمات غير الحكومية التي تستفيد من إطالة المشكلات بدلًا من حلها.
مستقبل غزة ومستقبل فلسطين لا يتعلق فقط بمن يمول إعادة الإعمار. بل يتعلق بكيفية اختيارنا لإعادة البناء. حتى الآن لم أسمع مسؤولا واحدا يطرح سيناريو يكون فيه الفلسطيني هو من يبني بلده.
إذا كنا جادين في إنشاء مجتمع مزدهر ومستقل، فعلينا أن نقوم بذلك بأنفسنا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء