قراءة أولية لتداعيات فوز ترامب على مستقبل الأونروا وحق العودة.
سامي مشعشع يكتب لوطن: من سيء غامض وملتبس إلى سيء واضح وشفاف!
فلسطين – المقولة بالإنكليزية والتى تقول what you see is what you get ] وترجمتها بتصرف ان ما تراه ماثلا أمامك هو الواقع الحقيقى وبدون مواربة ولا تأويلات] يصف ترامب بشكل مثالي. ما يصرح به الرجل يعمل به، وما ينفذه على الأرض يخبرك به قبل التنفيذ.
هو واضح في كذبه، وتصريحاته العنصرية وتعليقاته المسيئة للمرأة والأقليات العرقية في بلده. وهو شفاف في فاشيته وشعبويته، وهو صادق في تطبيق شعاره الانتخابي "أمريكا أولا". ونعم هو سيعقد اتفاقا مع بوتين بخصوص أوكرانيا ولو على حساب مصالح الحلف الأطلسي، ونعم سيصعد مع الصين من وتيرة الحرب الاقتصادية الضروس بينهما وسيوظف ملف تايوان لهذا الغرض. ونعم سيجد آلية لفكفكة "محور المقاومة" عبر بوابة ايران وسيجهد لاجتراح مسار يحافظ على حضور إيران الإقليمي ويستحلب توليفة تخص الملف النووي الإيراني ودحرجة وفع الحظر الاقتصادي الخانق على إيران.
ولكن "النعم" الأهم لنا والأخطر، هى انه ببساطة سيواصل تنفيذ صفقة القرن خاصته من حيث انتهت، سيقف مع الكيان (ولايته الواحد والخمسين، وقاعدته العسكرية الأكبر وشرطي المنطقة الأول) داعما له اقتصاديا وعسكريا وأمنيا وسياسيا في مسعاه للقضاء على المقاومة وحسها في فلسطين ولبنان والعراق واليمن. ونعم سيعيد إحياء التطبيع والاتفاقية الإبراهيمية. ومن كان من بيننا يمنى النفس انه كان بالأفق إمكانية العمل على إلغاء نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ومن كان يمنى النفس ان الإدارة الأمريكية الجديدة سترعى وتحمى حل الدولتين، وان حل قضية اللاجئين ارتكازا على القانون الدولي والمشرع في قرارات الأمم المتحدة قابل للتنفيذ خلال ولايته، وانه سيواصل دعم الأونروا وانه سيعارض انهاء دورها في فلسطين المحتلة … من كان بين ظهرانينا من يتأمل بتحقيق كل ذلك او بند من هذه البنود فهو حالم.
الرجل "شفاف"، ويتصرف بدهاء (البعض يصفه بساذج وهذه سذاجتهم)، ويتصرف دون مواربة وبدون "إتيكيت" ديبلوماسي خادع، وبدون مجاملات كذابة كما بايدن وهاريس وبلينكن وهوكشتاين وسوليفان وبقية الحاشية! وفى هذه الجزئية أقول أعطني شيطانا رجيما واضحا في رجسه ولا تعطني شيطانا يصور الجحيم لي بالجنة الموعودة!
الأونروا دخلت دائرة الخطر الشديد وظلال الإلغاء والتهميش والشيطنة والتفكيك وتجفيف مواردها المالية وانهاء دورها في فلسطين تلقى بظلالها الثقيلة عليها. كل هذا التطورات تتفاعل قبل ترشح ترامب وفوزه. هو سيمضي في ذات الجهود، لا بل أتوقع منه الإسراع في عملية الاجهاز على الأونروا.
دعونا نتذكر انه وفى فترة رئاسته الأولى طالب الأمم المتحدة بشطب الأونروا وأوقف الدعم المالى للأونروا في العام ٢٠١٨. ولا أتوقع ان المساعدات الأمريكية للاونروا (على شحها) ستعود في عهده، والرجل وادارته لن يوفروا أي مظلة حماية للاونروا داخل أروقة الأمم المتحدة او حشد دعم لها مع الدول الأخرى.
ولكن دعونا ندرك أيضا انه يتوافق مع التوجه الإسرائيلي في ضرورة انهاء الاونروا تدريجيا في فلسطين كي لا تبرز فجوة اقتصادية/إنسانية/امنية/سياسية في الأراضي المحتلة تضعف سيطرة الكيان وتضعف ملف احتواء والسيطرة على الضفة الغربية وتضعف جهود طرد الأونروا من القدس. وهو سيتوافق مع توجه الكيان بدحرجة الأمور في غزة كى يتسنى إيجاد بدائل فعالة تحل مكان الاونروا. واخيرًا سيدعم دحرجة انهاء الأونروا لتخفيف الاعتراضات الدولية رويدا رويدا واستدراجها القبول بالأمر الواقع والدخول مع الكيان في البحث عن آليات بديلة للأونروا "خوفا وقلقا على المدنيين الأبرياء من الموت والجوع والعطش"!
حق عودتنا يتهدده الخطر الأكبر منذ عقود. ما يخطط له الآخرون لنا ليس قدرا مكتوبا محتوما. ولكننا نريد الان بيانات تنديد اقل وتصريحات شجب أقل. نريد صفر مناشدات وصفر ارتجالات وصفر مناوشات على فتات يرميه على موائدنا الأعداء "والأخوة " و"الأصدقاء"!
نريد نهاية ناجزة للانقسام، ونريد برنامج عمل تفصيلي نقطة بنقطة في كيف العمل وكيف الرد وكيف الثبات. نريد ان نرى برنامج عمل قابل للتنفيذ وشفاف ونريده الان.
نتيناهو يقول انه في معركة وجودية.
اوليست هي معركة وجودية لنا؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء