ترقّب إسرائيلي - أميركي للرد: مصالح واشنطن ليست في مأمن
كتب يحيى دبوق: تترقب إسرائيل والولايات المتحدة الرد على اعتدائهما «المشترك» على الأراضي الإيرانية، وسط تقديرات تشير إلى أنّ الهجوم سيتسبب بــ"مستوى عالٍ" من الأذية، التي قد لا تطاول تل أبيب، المتخوفة من أنّ منشآتها الاستراتيجية قد تكون ضمن «بنك» الأهداف الإيرانية فحسب، بل واشنطن أيضاً، التي لم يعد استهداف أصولها العسكرية والأمنية في المنطقة، مستبعداً. وفي حين تتركز المخاوف العلنية المعبَّر عنها في إسرائيل على الهجوم المحتمل ونطاقه ومدى الأذية التي قد يتسبب بها، فإنّ المخاوف الفعلية، والتي لا يتم إبرازها إلى العلن، بدأت تتمحور حول مدى قدرة إسرائيل على الدخول في سلسلة من الضربات والردود المتبادلة، والتي ستكون بمثابة «حرب استنزاف عن بُعد»، لا تمتلك تل أبيب الأدوات اللازمة لتجاريها، على خلاف ما قد يحصل في غزة ولبنان، ولا سيما أنّ واشنطن لا تبدو معنية، حتى اللحظة، في الدخول في أي صراع مباشر مع الجانب الإيراني.
ويعبّر العديد من المحللين الإسرائيليين، صراحة، عن المخاوف المشار إليها، متحدّثين عن احتمال تنفيذ طهران لردّ «مركّب»، قد يكون موجهاً أيضاً ضدّ المصالح الأميركية، لا الإسرائيلية فقط، مستندين إلى «إشارات» صادرة عن طهران، كان آخرها توجّه مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، السيد علي خامنئي، إلى واشنطن وتل أبيب، وتأكيده أنّ كلتيهما «ستتلقيان رداً ساحقاً على ما فعلتاه ضد إيران». وعليه، تشغل العديد من الأسئلة، حالياً، عقول صناع السياسة في إسرائيل، بما في ذلك حول ما إذا كانت إيران ستنفذ ردّها منفردة، أو بالتعاون مع سائر حلفائها في المنطقة، وما إذا كان الردّ سيأتي محدوداً أو واسع النطاق ويتسبب بأذى كبير، جنباً إلى جنب تساؤلات حول مدى قدرة الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأميركية وتلك التي يمتلكها «حلفاء واشنطن» في المنطقة على «احتوائه»، وما إذا كان على إسرائيل الرد عليه، والدخول، بالتالي، في حرب الاستنزاف المشار إليها. وتبدو التصريحات الإيرانية التي تستهدف واشنطن أخيراً، بحسب مراقبين، نابعة من جملة من المعطيات والأهداف؛ إذ يعتبر البعض أنّ إيران ترى في الانتخابات الأميركية فرصة لتوجيه «ضربة ما»، وسط توقعات المسؤولين الإيرانيين بأنّ الرد الأميركي على هكذا ضربة سيكون «غير متناسب»، مع انشغال الإدارة والمؤسسات الأميركية بالقضايا الداخلية. أمّا الهدف الثاني، فهو استغلال الرد لزيادة الضربات الموجّهة إلى بعض المصالح الأميركية، مع أطراف آخرين، أو من خلالهم، وذلك لـ»إرباك الدفاعات» الأميركية المساندة لإسرائيل. أيضاً، ثمة هدف ثالث يتعلق بغايات ردعية، ومحاولة للضغط على الجانب الأميركي للحد من مشاركته في الدفاع عن إسرائيل - وهو احتمال لا يبدو مرجّحاً إلى حدّ كبير -، أو حتى لتقديم «عروض» لخفض التصعيد، في غزة ولبنان، مقابل تجنب انجرار القوات الأميركية إلى حرب مباشرة في المنطقة، وفق ما يرى البعض.
وتعكس المخاوف الإسرائيلية المشار إليها «زيف» السردية التي تبنّتها، في وقت سابق، تل أبيب، في محاولة لـ»تضخيم» ردها الأخير على طهران، والتي وصلت إلى حدّ الادعاء بأنّ الهجوم أدّى إلى «إنهاء دفاعات إيران وتدميرها، وضرب منشآت الصناعة الصاروخية ومركباتها، وكذلك صناعة الطائرات المُسيّرة»، فضلاً عن مخازن ومنشآت القدرات الصاروخية، مستبعدةً، آنذاك، أي رد من جانب طهران. وعليه، يبدو أن إسرائيل أصبحت أمام استحقاق انكشاف فشل الرواية المشار إليها، والتي صاغتها لأهداف عدّة، من بينها طمأنة الجمهور، أو ربما نتيجة لتقديرات «خاطئة»، أو كلا الأمرين معاً.
وحالياً، بعدما أصبح الرد الإيراني أمراً محسوماً تقريباً، تبقى المعضلة الأساسية التي ستواجه تل أبيب، ومن خلفها واشنطن، هو إمكانية أن تؤدي الجولات المتبادلة إلى تصعيد تريد الأخيرتان تجنبه، ولا سيما أنّ المعطيات الحالية تشير إلى أنّ الرد الإيراني لا يمكن إلا أن يُقابل بردّ إسرائيلي مضاد جديد، ما يطرح العديد من الأسئلة حول «الخطوات» التي قد تضطر الولايات المتحدة إلى القيام بها، للحد من مسبّبات مثل ذلك التصعيد.
نقلا عن الاخبار اللبنانية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء