كتب الدكتور أيوب عثمان.. هل يسارع أبو مازن لنجدة جنين قبل تحرير غزة وتوحيد الوطن؟!

04.09.2024 01:45 PM

في اجتماع حاشد، منتصف الشهر المنصرم (أغسطس 2024), وفي جلسة استثنائية للبرلمان التركي في العاصمة التركية، أنقرة، وبدعوة من الحكومة التركية، في وجود الرئيس التركي، رجب طيب أردوجان، أعلن أبو مازن--في خطاب طال لأكثر من ثلاثة أرباع الساعة-- قراره التوجه إلى قطاع غزة على رأس القيادة الفلسطينية مجتمعة، مؤكدا على جملةأهداف ينوي تحقيقها، والتي إن لم تكن (الشهادة في سبيل الدين والوطن!!!) أهمها وعلى رأسها وفي الصدارة منها، فإنها على الأقل من بينها، لا سيما وإنه أكد على ذلك بقوله "إنه عازم على التوجه إلى غزة حتى لو كلفه ذلك حياته"، ذلك أنه في ذلك، كما قال، إنما "يطبق أحكام الشريعة الإسلامية" التي تقضي بأحد أمرين لا ثالث لهما: "إما النصر أو الشهادة"!!!

وعلى الرغم من أن إعلان سيادة الرئيس عن عزمه التوجه على رأس القيادة إلى قطاع غزة، في اجتماع استثنائي للجمعية العامة للبرلمان التركي، قد كان مفاجأة، لا سيما بعد أحد عشر شهرا من تغييب نفسه حيث صم أذنيه وأغلق عينيه حتى أنه لم يكتف بكف بصر نفسه فعطل، فوق ذلك، بصيرته!!!

أما المفاجأة الأكبر من كل مفاچأة في  هذا الإعلان الرئاسي، فقد كانت عدم الاكتفاء بما تم الإعلان عنه أمام جمع وسمع، إضافة إلى توجيه طلبه إلى عدة مستويات دولية عبر أجهزتها ومنابرها، حيث أتبع كل ذلك بما لم يكن له لزوم أو ضرورة أو جدوى، وهو مرسومه الرئاسي الذي تنبه له فجأة فباشر بإصداره بعد  أيام أربعة من إعلان قراره التوجه إلى غزة.
غير أن الأغرب من كل ما يمكن أن يستغرب فهو تلك الأهداف التي رصدها المرسوم الرئاسي ليرقب تحقيقها من التوجه إلى غزة وهي:
وقف العدوان على قطاع غزة، وتحقيق الانسحاب الفوري والكامل للقوات الإسرائيلية، والتأكيد على كامل ولاية (دولة فلسطين!!!) على قطاع غزة ومجمل ارض فلسطين، واستعادة الوحدة الوطنية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وإطلاق عملية سياسية تفضي إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من ارض فلسطين إلى حدود ما قبل الخامس من يونيو 1967.

وتعليقا على أول هدف من أهداف
إصرار الرئيس على التوجه إلى غزة، وهو وقف العدوان، فإن أول ما يقفز إلى العقل من تساؤلات، هو: "لماذا الٱن، وبعد أحد عشر شهرا من إعمال جيش العدو الإسرائيلي في جميع أنحاء قطاع غزة قتلا وقصفا وقنصا وتدميرا وهدما وإبادة؟! وأين كان سيادة الرئيس طيلة أحد عشر شهرا مضت؟! هل كان منشغلا في أمر كان أكثر أهمية وأكثر وطنية على مستوى الوطن؟! وهل من شيء ذي أهمية كان قد فعله، أو خطوة فارقة كان قد اتخذها، ليس على مستوى وقف العدوان، وإنما على مستوى تخفيف أضراره أو الحد من فظاعة وبشاعة جرائمه؟! لا، لم يفعل سيادته أي شيء يذكر!!!

ودون الخوض في تفاصيل كل هدف من الأهداف التي رصدها المرسوم الرئاسي وحددها، فإننا نتساءل: ما الأدوات التي في مكنة سيادة الرئيس وجميع أعضاء قيادته استخدامها لتحقيق أهداف التوجه إلى غزة، وهي وقف العدوان المتواصل بلا توقف على مدار اليوم والساعة والدقيقة، والانسحاب الفوري والكامل من قطاع غزة، واستعادة الوحدة الوطنية تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بعد ان أصبحت مجرد جيب صغير حقير من جيوب السلطة الفلسطينية التي كان الأصل في وجودها أن تكون (تابعا) لمنظمة التحرير الفلسطينية, لا قائدا لها.
أما "تمكين الحكومة من تولي مهامها" --ولو في قطاع غزة فقط-- فما الذي في مكنة سيادة الرئيس وحاشيته فعله؟! وهل من أي خطوة او إجراء أو تحوط يضمن ذلك؟!

هذا، وإن المثل القائل "شر البلية ما يضحك", ها نحن نراه ماثلا تماما في أمرين:

الأول: نجده في رابع هدف للمرسوم الرئاسي، وهو"إطلاق عملية سياسية" تفضي إلى زوال الاحتلال. وهنا سؤال يفرض نفسه في سياق ما عبر عنه المرسوم الرئاسي بأنه "إطلاق عملية سباسية": "ما الذي كان يمنع سيادة الرئيس من العمل--قبل الٱن، بل طيلة سنوات مضت-- من "إطلاق عملية سياسية" تضع نهاية للاحتلال؟! ولماذا انتظر سيادته ثمانية عشر عاما لم ير خلالها غزة وأهلها ثم ينهض اليوم فجأة من نوم طال طويلا ليقول بعد تدمير غزة وحرب الإبادة لأهلها إنه ينوي العمل على "إطلاق عملية سياسية تنهي الاحتلال"؟! وهل كان سيادته ينتظر أن تبلغ حرب إبادة غزة مبلغها الفظيع الذي بلغته حتى يقوم بإطلاق عملية سياسية؟!
والثاني: ما صرح به--بل أكد عليه-- (سماحة!!!) قاضي القضاة، مستشار الرئيس (للشؤون الدينية!!!)، محمود (بيك) الهباش الذي قال: "حتى لو رفضت إسرائيل، سيذهب الرئيس إلى غزة سواء رضيت إسرائيل ام لم ترض. الرئيس سيذهب إلى غزة ليخرج الدبابات الإسرائيلية!!! وهنا، فإن سؤالا استنكاريا يفرض نفسه: "هل يصدق (صاحب السماحة!!!) قاضي القضاة, مستشار الرئيس للشؤون (الدينية!!!) نفسه؟! وهل يؤمن بما يقول؟! وألا يخطر بباله أن من يشاهدونه أو يستمعون إليه يسخرون منه ويحتقرونه ويعرفون إفكه وضلاله ونفاقه؟!

وبعد:

فلعلنا نسدي إلى سيادة الرئيس نصحا نراه وازنا ومائزا:

إذا قلت في شيء "نعم", فأتمه،
فإن "نعم" دين على الحر واجب،
وإلا فقل "لا" تسترح وترح بها،
كيلا يقول الناس عنك إنك كاذب

أما ٱخر الكلام:

فإن من الأجدى والأعدل والأقوم أن ينسخ سيادة الرئيس قراره فيغيره ليحول مساره وخطته من التوجه إلى غزة "بغية تحريرها", إلى جنين بغية نجدتها بوقف العدوان عليها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير