الـ"فيتو" هل آن الاوان لنقضه؟

27.09.2011 08:28 PM

نشرت مجلة "تايم" الاميركية دراسة للصحافي "ايشان ثارور"، تساءل فيها عن مصير حق النقض الـ"فيتو" الذي تتمتع به خمس دول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي في وجه اي اغلبية تضم عشر دول غير دائمة العضوية وايا من الدول دائمة العضوية، وذلك على ضوء تقديم السلطة الفلسطينية لمبادرة تطالب باعلان قيام دولة فلسطين عضوا كامل العضوية في المنظمة الدولية.

وجاء في الدراسة:

ان تهاوي المبادرة الفلسطينية في مجلس الامن الدولي سيكون مولودا فاقد الحياة مثلما يرى الكثيرون منذ فترة طويلة.

فقد دفع ما يكاد يكون مؤكدا من الـ"فيتو" الاميركي دفاعا عن المصالح الاسرائيلية، الفلسطينيين الى المغامرة بمبادرة الاعتراف بدولتهم.

يأتي هذا في وقت جاء في استطلاع لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان اغلبية الرأي العام الدولي يقف بالتأكيد وراء الاعتراف بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

اما الـ"فيتو" الاميركي الذي يقف في وجه اجماع دولي عام، فانه قد يكون اشد المبادرات الاحادية التي يمكن اصدارها في مؤسسة عالمية واكثر تعددية.

ويتساءل الكاتب قائلا, ولكن لماذا يحق لاي شخص في القرن الحادي والعشرين استخدام تلك الخطوة؟

ويجيب بالقول, أن الحقيقة هي ان حق النقض الـ"فيتو" برز الى الوجود الى حد كبير لاقناع بعض الدول الكبرى في القرن العشرين بان تلتزم بالامم المتحدة ومنشآتها.

وأكد ان دولا كبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي تستطيع ان تستعرض عضلاتها دبلوماسيا وليس لغرض اخر.

وفي العقود الستة التي عايشتها الامم المتحدة، استُخدم هذا الحق حوالي 300 مرة.

لكن العالم اليوم مختلف عما كان عليه في نهاية الحرب العالمية الثانية، كما ان هيئة صنع القرار الدولي – مجلس الامن بما فيه الدول دائمة العضوية التي تملك حق الـ"فيتو" – ليس الا انعكاسا للوضع القائم الذي انقضى منذ زمن.

وربما يكون ذلك اكثر المفارقات التاريخية بروزا في الشؤون الدولية.

ويتساءل الكاتب مرة اخرى, هل تستحق المملكة المتحدة وفرنسا امتلاك حق النقض، وقد انمحت امبراطوريتهما وجيوشهما العظيمة وتمرغتا في اوروبا المثقلة بالديون؟ واذا كانت روسيا الان عضوا دائم العضوية، فلم لا تكون الهند كذلك، فلديها عدد اكبر كثيرا من السكان واقتصاد اكثر ديناميكية؟ وماذا نقول عن اليابان والمانيا، الدولتين الاكثر اهمية اقتصاديا في العالم، اللتين لا تزالان على بعد صغير في هذه المنصة، هل السبب انهما كانتا في الجانب الخاسر من الحرب التي نشبت قبل حوالي سبعة عقود؟ وهناك الكثير مما يمكن انتقاؤه لهذا الغرض.

ويضيف الكاتب ان اصلاح مجلس الامن ليس امرا حديثا، وقد امضت الامم المتحدة سنوات تناضل في هذه المسيرة.

ويبدو ان اكثر الاراء واقعية يقضي بتوسيع عضوية الدول دائمة العضوية في المجلس، من دون منحها حق النقض، وان كان هذا يفتح الباب على مصراعيه امام الرياح.

ما مدى ما يمكن توسيع المجلس به؟ ومن هي الدول التي يمكن منحها لقب العضوية الدائمة؟

وستقوم في كل منطقة مطالب ومطالب مضادة.

فاي مبادرة من البرازيل يمكن ان تقف في طريقها الارجنتين, واي اختيار في افريقا سيؤدي الى صراع بين جنوب افريقيا ونيجيريا، مع عدد من الدول الفرانكوفونية تتطلع في حيرة مما يجري حولها، وهذا هو السبب وراء اعلان ادارة اوباما اخيرا عن دعمها لتحتل الهند مقعد الدولة دائمة العضوية في مجلس الامن، اذ رغم ترحيب الهند بذلك فانها كانت فكرة غير جادة ان لم تكن فارغة تماما من مضمونها، اذ يستطيع المرء ان يتوقع الكثير من المشاكل التي يمكن ان تثيرها باكستان ودول اخرى في المنطقة لو ان الاقتراح خطا الى الامام.

ويختتم الكاتب دراسته بالقول إن هناك اجماع بانه لا بد من اصلاح المجلس حتى لا تفقد الامم المتحدة مشروعيتها، الا ان هناك فراغا مذهلا في الارادة لكي تنطلق عملية الاصلاح في مسارها، وبالتالي فانه طالما بقيت سلطة استخدام الـ"فيتو" كما هي فان الكثير من الحقائق على الارض ستظل دون تغيير.

ويقول الذين يدافعون عن الـ"فيتو" انه من دونه فان الحكم الدولي سيصعب التكهن به وسيكون مليئا بالفوضى، اما الامم المتحدة بوجوده فستصبح غير ذات موضوع، ويخرج الى الوجود المزيد من الهيئات المتعددة الجنسيات مثل منظمة الدول العشرين.

ان على الامم المتحدة ايضاح حقيقة الوضع القائم، لا ان يبقى الامر خاصا بكتب التاريخ.

تصميم وتطوير