نبيل المصري يكتب لوطن .. هذا العالم يسحق العدل بحقارة كل يوم

08.08.2024 02:37 PM

 ما قاله المفكر والكاتب الفلسطيني غسان كنفاني قبل أكثر من خمسين عاماً، "هذا العالم يسحق العدل بحقارة كل يوم"، يعكس استراتيجية ممنهجة للفكر العنصري. وأكبر شاهد على ذلك هو الحروب والدمار والانتكاسات والإبادة الجماعية في ظل العجز والصمت الدولي. ما يجري في غزة اليوم يتناقض مع القوانين والقيم والأعراف الإنسانية، وغطرسة قادة الفكر النازي لحكومة الاحتلال تضرب بعرض الحائط كافة الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، بما فيها اتفاقية جنيف لعام 1949 واتفاقية لاهاي. وليس غريباً أن يعبر قادة الكيان عن ذلك، بمشاركة الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تساهم في إبادة الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى التعاون المشترك مع بعض الدول العربية. لقد كشف موقع "أكسيوس" أن رئيس الأركان الصهيوني التقى في وقت سابق في البحرين مع نظرائه من عدة جيوش عربية لمناقشة التعاون الأمني تحت إشراف ورقابة أمريكية. وليس هناك مجال للشك بأن الكيان هو القاعدة المتقدمة في الشرق الأوسط للحفاظ على المصالح الإمبريالية في المنطقة والاستمرار في نهب خيراتها. الفكر الرأسمالي العنصري المتجذر في الفكر الرأسمالي، لم يسعفني القلم بالكتابة، وفضلت أن أطرح بين أيديكم أو أذكركم بما قاله ترامب في مؤتمر الحزب الجمهوري، حيث قال: "أيها السادة، اليوم قررت أن أخبركم بكل ما يجري وإلى أين يتجه العالم في ظل المتغيرات التي حصلت طيلة 400 عام. تذكرون عام 1717 الذي كان ولادة لعالم جديد، وتذكرون أول دولار طبع عام 1778.

كان العالم بحاجة إلى ثورة، فكانت الثورة الفرنسية عام 1789، تلك الثورة التي غيرت كل شيء. مع انتصارها، انتهى العالم الذي كان محكوماً طيلة 5000 سنة بالأديان والأساطير، وبدأ نظام عالمي جديد يحكمه المال والإعلام... عالم لا مكان فيه لله ولا للقيم الإنسانية. لا تستغربوا إن كنا عينة من هذا النظام العالمي الجديد، فطبيعته العملية خالية من القيم الإنسانية والأخلاقية. "فأنا لا يهمني أن يموت المصارع، ما يهمني هو أن يكسب المصارع الذي راهنت عليه. ومع ذلك، أوصلني النظام العالمي إلى الرئاسة. أنا أدير مؤسسات القمار، وأنا اليوم رئيس أقوى دولة. إذا لم تعد المقاييس الأخلاقية هي التي تحكم، فإن الذي يحكم اليوم العالم والكيانات البشرية هو المصالح."

لقد عمل نظامنا العالمي بصبر ودون كلل حتى وصلنا الى مكان انتهت معه سلطة الكنيسة وفصل الدين عن السياسة وجاءت العلمانية لمواجهة المسيحية، وايضاً عندما سقطت ما سميت بـ الخلافة الإسلامية العثمانية وحتى الديانة اليهودية، اسقطناها عندما ورطناها معنا بالنظام العالمي، فالعالم بغالبيته يكره السلمية لذلك نحن قمنا بفرض قانون يحمي السامية ولولا هذا القانون لقتل اليهود في كل بقاع الارض، لذلك عليكم ان تفهموا ان النظام العالمي الجديد لا يوجد فيه مكان للأديان ، لذلك انتم تشاهدون اليوم كل هذه الفوضى التي تعم العالم من اقصاه الى اقصاه، انها ولادة ستكلف الكثير من الدماء وعليكم ان تتوقعوا مقتل عشرات الملاين حول العالم ونحن كنظام عالمي غير آسفين على هذا الامر، فنحن اليوم لم نعد نملك المشاعر والاحاسيس لقد تحول عملنا الى ما يشبها لاله مثلاً سنقتل الكثير من العرب والمسلمين، ونأخذ أموالهم ونحتل أراضيهم ونصادر ثرواتهم، وقد يأتي من يقول هذا يتعارض مع النظام والقوانين، ونحن سنقول لمن يقول لنا هذا الامر، انه وبكل بساطة ان ما نفعله بالعرب والمسلمين هو اقل بكثير مما يفعله العرب والمسلمين بأنفسهم اذ نحن من حقنا ان لا نثق بهم خونة و أغبياء وخونة وكاذبون .
هناك اشاعة كبيرة في العالم العربي بأن أمريكا تدفع مليارات الدولارات لإسرائيل وهذه كذبة فإن الذي يدفع لاسرائيل مليارات الدولارات هم العرب، فالعرب يعطون المال لأمريكا التي بدورها تعطيه لإسرائيل وايضاً العرب أغبياء.... أغبياء لأنهم يتقاتلون طائفياً مع العلم ان لغتهم واحدة والغالبية من نفس الدين، اذا المنطق يبرر عدم بقائهم او وجودهم... لذلك تسمعونني اقول دائماً بأن عليهم ان يدفعوا... اما صراعنا مع ايران ليس لان إيران التي اعتدت علينا بل نحن الذين نحاول ان ندمرها ونقلب نظامها وهذا الامر فعلناه مع الكثير من الدول والأنظمة، فأنت كي تبقى الاقوى بالعالم عليك ان تضعف الجميع.

انا اعترف انه فيما مضى كنا نقلب الأنظمة وندمر الدول ونقتل الشعوب تحت مسوغات الديمقراطية، لان همنا كان ان نثبت للجميع اننا شرطة العالم، اما اليوم لم يعد هناك داعي للاختباء خلف اصبعنا، فأنا أقول أمامكم لقد تحولت امريكا من شركة الى شركة والشركات تبيع وتشتري مع من يدفع اكثر، والشركات التي عليها دائماً ان تهدم ولا يوجد مكان مهيأ للهدم اكثر من الوطن العربي، مثلاً ما صرفته السعودية في حربها على اليمن تقريباً ما صرفته أمريكا بحرب عاصفة الصحراء، وماذا حققت السعودية في الختام قالت انها بحاجة الى حمايتنا في الوقت الذي تدفع فيه مليون دولاراً ثمن صاروخ لتدمير موقع او سيارة لا يتجاوز ثمنها بضعة الالاف من الدولارات.

لا أعلم اين النخب ولا اريد ان اعرف، فأنا أعرف بأن مصانع السلاح تعمل ولا يعنيني من يموت ومن يقتل في تلك المنطقة، وهنا الامر ينطبق على الجميع فأنا مستثمر بمشروع السيطرة على النفط العربي، هذه السيطرة على أوروبا الصين واليابان، ثم انه لا يوجد شعوب حرة في المنطقة فلو وجدت ما وجدنا نحن، لذلك لن نسمح بإيقاظ هذه الشعوب كما لن نسمح لأي جهة كانت الوقوف في وجه سيطرتنا على المنطقة لذلك وضعنا إيران امام خيارين اما الحرب وأما الاستسلام وفرضنا عليها اقصى العقوبات التي ستوصلنا الى الحرب والتي لن يربح فيها احد بالمنطقة، بل سيكون الرابح الوحيد هو النظام العالمي الجديد ولكي يربح هذا النظام سنستخدم كل ما توصلنا اليه وعلى كافة الصعد العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية، انها مقتطفات من خطاب السيد ترامب إن تصريحاته تؤكد على ما قاله الزعيم الفيتنامي هوتشي منه: "لا يوجد بيت مدمر، او حجر مبعثر، او يد مبتورة، او أمة مشوهة الا وستجد للولايات المتحدة الأمريكية اثراً فيها".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير