السنوار: العقدة والحل
كتب : عصمت منصور
قرار اختيار السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس، قرار سريع ومفاجيء، وكل ما يمكن ان يقال عنه صحيح.
الاختيار يحمل رسالة تحدي لاسرائيل ورد على اغتيال هنية، لكن الحركات السياسية لا تتخذ قراراتها على شكل رسائل، او من اجل نقل رسالة، خاصة اذا كانت الرسالة ليست ايجابية وفيها تحدي وقد ينظر اليها البعض على أنها ابعاد او تعقيد للحل الذي تبحث حمااس عنه.
ان اكثر ما تبحث عنه حماس الآن هو: الوحدة الداخلية والتحرر من ضغط واستقطاب المحاور، وهذا ما امنه لها السنوار.
هو رجل يمكن الاجماع عليه، فهو رمز كبير ومطلوب رقم واحد، وهو مقيم في غزة، وهو قوي ويحتفظ قريباً منه بالأسرى الإسرائيليين، وهو الممثل للجناح العسكري الذي يخوض المعركة، كما انه محاصر ويعيش في الظل وهذا يسهل خلق اجماع حوله، كما ان هذا سينطوي على رسالة معنوية مهمة للشارع وجمهور الحركة ورد الاعتبار لهيبة القائد فيها.
على الجانب الآخر السنوار يوحد لانه يجنب لعبة وتجاذبات المحاور، لان اختيار اي شخص اخر سيعني الانحياز لمحور وخلق تيارات وتعارضات لها تداعيات سلبية على الحركة في هذه اللحظة الحاسمة التي تمر بها وحرب الوجود التي تتعرض لها.
من مواصفات السنوار انه كرزماتي، يعرف المجتمع الإسرائيلي، يعرف حدود القوة، صاحب قرار ويحترم كلمته، يجمع بين يديه عناصر القوة، متحرر من ضغط المضيفين، وهذه مواصفات لا تتوفر في غيره، وهي تؤهله لان يتخذ قرارات صعبة وان يقدم تنازلات اذا تطلب الأمر.
ومن مواصفاته ايضا انه مطلوب وان اسمه مدرج على قوائم الانتربول والقوائم السوداء في الغرب والولايات المتحدة ومعزول عن العالم وجهدت اسرائيل ان تشيطنه وان تحمله مسؤولية السابع من اكتوبر، وهذا يقيده ويصعب عليه اتخاذ القرارات.
هذه المواصفات المتناقضة تجعل اختيار السنوار العقدة والحل في ذات الوقت.
بتقديرنا ان هذا الاختيار القى الكرة في ملعب نتنياهو واذا ما قرر العالم ان هذه الحرب يجب ان تنتهي واستطاع العالم ان يفرض إطار حل، فسيجدون في السنوار الرجل المناسب، ناهيك عن ان موقعه الرسمي وتنصيبه رئيساً للمكتب السياسي للحركة قد يعطيه مخرج لاتخاذ قرار شخصي جرئ حول بقاءه في غزة من عدمه اذا ما قرر ذلك.
من يعطل التوصل الى صفقة هو نتنياهو وليس السنوار ، وهذا الاختيار قد يمنح نتنياهو ذريعة جديدة للتهرب من الصفقة والتصلب في مواقفه.
من الصعب ان تسلم اسرائيل ان تعقد اتفاق مع الرجل الذي ترى به كل ما لا تريده وما تخشى منه، وهو الذي تسعى ليل نهار لتصفيته، لدرجة ان الحرب ارتبطت عمليا بأسمين فقط ورأسين هما السنوار ونتنياهو واصبح وجود اي منها كسر لارداة الآخر وانتصار عليه.
قد تفكر اسرائيل ان وجود السنوار في هذا الموقع هدية لها، لأنها في حال ارادت الاتفاق ستجد من يستطيع ان يبرمه ويلتزم به، وفي حال اختارت التصعيد واغتالته، ستعتبر هذه ذروة نجاحاتها في حربها وضربة مهمة تمهد لها الطريق لتحقيق جزء من اهدافها.
الكثير مما يخفيه المستقبل القريب مرتبط بهذا الأسم سواء في هذا الاتجاه او ذاك، لكن الشيء المؤكد ان حماس اتخذت قرار غير عادي يرحل استحقاقات وازمات داخلية ومع الأقليم ويؤمن لها فترة من الهدوء الداخلي، لكنه ينطوي على مغامرة كبيرة جداً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء