"الثلاثاء الحمراء وثُلاثية الرد على اسرائيل"
كتب: محمد عطاالله التميمي: من الواضح أن تعليمات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي جزمت وبشكل صريح نية طهران تنفيذ رد قوي ومباشر ورادع على إقدام إسرائيل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وذلك خلال تواجده في العاصمة طهران لحضور فعاليات تسلم الرئيس الإيراني الجديد لمهامه خلفاً للرئيس السابق الذي توفي بشكل غامض إثر سقوط مروحيته على حدود أذربيجان.
وتتسم تعليمات المرشد الأعلى في إيران بأنها تأخذ صبغة دينية بالاضافة الى قيمتها السياسية في مختلف أركان الدولة، حيث مما لا شك فيه أن ما تسرب بشكل مقصود من توجيهات للمرشد يُعد رسالة للداخل وللخارج، أن إيران لم يعد بوسعها السكوت على انتهاكات اسرائيل وهجماتها التي طالت أيضا عدداً لا بأس به من علماء إيران النوويين وعدداً من منشآتها وقادتها السياسيين والعسكريين.
ويتضح أن إيران بقُطبيها العسكريين المتمثلين بالقوات المسلحة والحرس الثوري، ستقوم بتنفيذ هجمات واسعة النطاق على أهداف في اسرائيل، لتكون هذه الضربة أشد من التي سبقتها، وربما ستأتي هذه المرة بالتعاون والتنسيق الكامل مع ما إصطُلح على تسميته "محور المقاومة"، الذي تلقى هجمات إسرائيلية مماثلة وموجعة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، مما جعل من الرد الحاسم والحازم ضرورة مُلحة لإعادة رسم قواعد الاشتباك والحفاظ على معادلة معقولة للمواجهة مع إسرائيل.
أولى السيناريوهات المحتملة للرد الإيراني والتي أراها أقرب للواقعية، هي استهداف واسع النطاق لقواعد جوية اسرائيلية ومنظومة الاتصالات والتجسس وربما مقار تابعة للموساد في تل أبيب ومحيطها، متضمناً ذلك استعراضاً للقوة الصاروخية الايرانية كرسالة لاسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة والمنظومة الغربية برُمتها، مفادها أن ذراع إيران طويلة وقادرة على الوصول بنجاح لأي هدف وفي أي زمان ومكان، مما يشكل معادلة ردع جديدة تجعل تل أبيب تفكر مائة مرة قبل أن تقدم على التحرش بطهران.
وقد يتسق ذلك ويتزامن مع هجوم ينفذه حزب الله اللبناني إنتقاماً لمقتل أحد كبار قادته في غارة جوية على بيروت، ومن المحتمل أن يقدم الحزب هذه المرة على خلق معادلة جديدة عُنوانها "الدم بالدم، والبادي أظلم" مستهدفاً بذلك اغتيال أحد قادة جيش الاحتلال أو أجهزته الاستخبارية ناهيك عن استهداف موجع لمقر قيادة الشمال في جيش الاحتلال والقواعد الجوية التابعة للجيش الإسرائيلي المسؤولة عن قيادة عمليات الجيش في لبنان وسوريا.
وسيكون بوسع أنصار الله في اليمن توجيه ضربات موجعة الى ميناء ايلات وجنوب فلسطين بالتزامن مع الهجوم الإيراني مما يمكن الصواريخ اليمنيين من التسلل وسط الفوضى في أجواء فلسطين المحتلة والشرق الأوسط، والوصول بذلك الى أبرز المنشأت المدنية والعسكرية في ميناء ايلات انتقاماً لاستهداف ميناء الحديدة وتدمير أجزاء منه وقتل عدد من العاملين فيه، وبذلك تتكامل ثُلاثية الرد من أطراف المحور الثلاثة، ما بين واحدٍ يحُطم الهيبة، وآخر يُزعزع منظومة القيادة والسيطرة، وثالثاً يزعزع اقتصاد كيانٍ هش تحولت بوابته الوحيدة الى شرق العالم وجنوبه بحراً أحمراً ملطخاً بالدم والغضب.
أما الرد الاسرائيلي فمن المحتمل أن يكون قوياً ولكن ليس لتلك الدرجة التي تودي إلى المنطقة بحرب كبرى تعلم إسرائيل أنها قد تكون مدمرة لبنيتها التحتية العسكرية والمدنية، والأهم من ذلك أنها ستقود الى مرحلة جديدة تتحول فيها اسرائيل من "واحة الأمن والأمان ليهود العالم" على حد وصف نتنياهو، إلى بلد بائس مثقل بالمخاطر والتهديدات الوجودية إلى جانب ما فيه من هموم وأزمات داخلية، مما يجعل من إسرائيل بيئة طاردة مُنفرة ليهود العالم، واستثمارات الغرب، وهرولة العرب نحو التطبيع.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء