الحرب الاقتصادية في الضفة.. خسائر مدمرة وكارثية

11.07.2024 09:52 AM

 كتب عبد الباري فياض: ألقت الحرب على غزة بظلالها على سكان الضفة الغربية، فلم يتوقف الأمر عند حد القتل أو اعتقال الشباب والنساء والشيوخ وحتى الأطفال، بل امتد ليضرب اقتصاد الضفة التي من المفترض أن تكون هادئة، في مقتل.

الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية بالتأكيد تأثر بالحرب على غزة، فبسبب إجراءات الاحتلال في التضييق على الشعب الفلسطيني تم إغلاق محال كثيرة وتوقفت المشروعات المتوسطة والصغيرة ووقفت عملية الاستيراد والتصدير، وكذا الأمر ساء وضع التجار والصناع وأصحاب الحرف وأيضا المزارعين والعمال الذين أوقفت إسرائيل تصاريح عملهم داخلها واستبدلتهم بعمالة هندية وأجنبية.

قبل الحرب على غزة والتي تلت عملية طوفان الأقصى، كان يمر يوميا مئات الزوار والمتسوقين على الأسواق التي عاشت حالة من الانتعاش النسبي في ظل فتح معبر الجلمة لتنشيط عملية التجارة والبيع والشراء وبالتالي انتعاش حياة المدنيين، لكن بعد السابع من أكتوبر، شن الاحتلال حرب وحملة واسعة ضد كل هذه المجالات الاقتصادية مما كبد جنين خسائر مدمرة وكارثية، شملت كافة القطاعات وانعكست على حياة الناس والأوضاع التجارية والاقتصادية والزراعية والصناعية، حتى تحولت المنطقة الصناعية في مدينة جنين لمنطقة أشباح.

وسجلت خسائر جنين بسبب عقوبات الاحتلال المفروضة منذ 7 تشرين الأول بأكثر من 3 مليار دولار، بينما اعتبرت محافظة جنين، منطقة منكوبة على كافة البلدات، وعلى الرغم من هذه المآسي مازال الاحتلال الإسرائيلي يواصل حملة إنتقام وتدمير لكل مقومات الحياة التي تعيل مئات المواطنين، ومازالت القيود والاجراءات تسبب الكوارث في الأسواق التي أصبحت منطقة مهجورة، فسياسات الاحتلال تكبد جنين خسارة تتجاوز الـ10 مليون شيكل يوميا.

وبلغة الأرقام، كشفت إحصائية رسمية، أن هناك أكثر من 25 ألف عامل في محافظة جنين، فقدوا عملهم في الداخل الفلسطيني بشكل رسمي، وتم تسجيل خسائر بقيمة 200 مليون شيكل شهرياً، بجانب الخسائر الناجمة عن الإغلاق ومنع فلسطيني الداخل من الوصول الى جنين، والتي تتجاوز قيمتها الـ 15 مليون شيكل شهرياً، إضافة للمشاكل في رواتب الموظفين، وتوقف القطاع الخاص والزراعة والحجر، مما أثّر على رواتب العاملين في هذه القطاعات.

أوضاع التجار في جنين تسوء يومًا بعد يوم، بسبب تدهور الوضع الأمني الذي أدى إلى إغلاق معبر الجلمة منتصف الأسبوع في ظل مخاوف أن يمتد إغلاقه إلى نهاية الأسبوع أيضًا، مما قد يؤدي إلى تقويض الاقتصاد الفلسطيني، وما بين الحصار والإغلاق والبطالة، تضخمت الضغوط الاقتصادية حتى باتت تعصف بمحافظة جنين ومناطق كثيرة في الضفة الغربية،  فيبدو أنه بالموازاة مع الحرب العسكرية في الضفة هنالك حرب اقتصادية تجرى لقتل الشعب الفلسطيني بالبطيء.

ومن الواضح أن المدنيين دائما هم من يدفعون ثمن الحروب عسكرية كانت أو اقتصادية، وعندما تحدث حرب مزدوجة (عسكرية وسياسية) يصبح الجميع في مهب الريح، فتتوقف الحياة ليظل الجوع والمرض شبحا يهدد الأهالي كل يوم وكل دقيقة.

الجميع هنا في الضفة الغربية يعانون وقد ازدادت الأزمة مع إستمرار الإغلاق والقيود الاسرائيلية، فتراجعت عملية البيع والشراء لتصل إلى مستوى الصفر وتكدست البضائع وأغلقت المتاجر وجاعت الناس دوم منقذ.

ويبدو أن الاحتلال الإسرائيلي يريد القضاء على الاقتصاد الفلسطيني وخاصة التجارة في جنين المستهدفة بسبب مقاومتها للاحتلال حتى قبل طوفان الأقصى بفترة طويلة لتشل الحياة ويصبح الموت هو المصير الوحيد أمام الفلسطينين في ظل استمرار تضييق أفق الحياة أمام هذا الشعب المسكين.

ويجب على إسرائيل إعادة النظر في حقوق الشعب الفلسطيني في الحياة، وإعادة فتح معبر الجلمة الذي يعتبر إغلاقه جريمة حرب جديدة تضاف لسجلها الإجرامي في حقوق الشعب الفلسطيني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير