حمدي فراج يكتب لوطن: هل باتت العروبة على مشارف نهاية التاريخ؟

05.07.2024 12:40 PM

وطن: تطوي الحرب الابادية على غزة شهرها التاسع هذه الأيام ، و هي مدة طويلة جدا ، بمثابة دهر ، حين تعرف انها بقعة صغيرة بكثافة سكانية هي الأعلى في العالم ، محاصرة حصارا حديديا في آخر عقدين من عمرها ، لا تنقصه النزعة العنصرية من قبل المحاصرين (بكسر الصاد) ولا النزعة الدونية إزاء المحاصرين (بفتحها) ، و تم الجهر مؤخرا انهم مجرد حيوانات بشرية و وحوش آدمية لا بد من ابادتهم بالقنبلة الذرية .

تسعة أشهر بمثابة دهر ، لأن المستهدف (بكسر الدال) هي الدولة الأقوى في الشق الأوسط ، و تملك من السلاح التقليدي و غير التقليدي ما لم يملكه أحد ، و مع ذلك تعد الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة ، و لديها الجيش الذي لا يقهر ، و الذي يعد الأكثر أخلاقا في العالم ، هاجموا هذه الغزة من الجو و البر و البحر ، حتى نفذت قذائفهم و ذخائرهم تقريبا ، ليلا و نهارا ، صيفا و شتاء ، حتى أصبحت هذه البقعة من الأرض أشبه بكف اليد ،  إذ بعد تدمير المنازل المتداعية أصلا على رؤوس سكانها ، عادوا فقصفوهم في خيامهم ، و استخدموا في قتلهم أساليب غاية في التوحش ، منع الطعام و الماء و الدواء ، حتى  لكأننا بتنا نسمع الجائع و المريض يغبط الذي يموت بالقصف و القنص .

 تسعة أشهر نوعية ، من "حرب" نوعية ،  من دولة حربية عسكرتارية  نوعية ، على شعب "نوعي" في فقره و بؤسه و معاناته و فقد اطفاله على مرأى من عينيه ، و على الهواء مباشرة ، يأتي سؤال العاجزين من أبناء هذه الامة العروبية و الإسلامية : الى متى تنتظر قياداتنا ، و الفلسطينية منها ليست استثناء ،  لإحداث موقف آخر غير موقفكم هذا الذي تتخذون و خلفه تتمترسون ، موقف مغاير ، نقلة ، رأي ، تحذير ، تهديد ، تحديد سقف و لو بعيد ، بأن تكف إسرائيل عن ذلك الاستفراد التوحشي بهذا الشعب ، تسعة اشهر لم يتغير شيئا نوعيا واحدا في الموقف العربي الرسمي و بالتالي الجماهير الشعبية العريضة ، التي تكتفي بالعض على نواجذها و لعق جرح عجزها الدامي ، أكانت ستصمت لو ان زلزالا ربانيا ضرب الأرض و أصحابها ، ألم تتدخل عدة مرات لإنقاذ حديقة حيوانات في أربعة ارباع المعمورة أصابها العوز واحتاجت المساعدة ؟ ما يدلل ان تغيير الموقف العربي يأتي من شخص واحد أو بالادق من رأس واحد ، فماذا اذا كان هذا الرأس مرض او خرب ، هل يجب على الشعب و من بعد الامة كلها ان تظل أسيرة هذا الرأس  في مساحة واسعة كافية من الحزن و الألم و الخجل  ، فالذي حصل اشبه بمحراك قلب الأرض عاليها واطيها ، بمفاعيل بعيدة المدى تضعنا على مصاف و مشارف نهاية التاريخ ، او هاوية التاريخ ، او على الأقل عار التاريخ ، بحيث تتمنى كل رأس عربية ان لا تكون قد عاشت و شهدت هذه الحقبة السوداء والأكثر حلكة في هذا الليل العربي البهيم  و الطويل  ، كما هو عمر الاموات .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير